ليس السيسي وحده هو من يبدأ ولاية ثانية بالتحديات، فالمعارضة المصرية تشاركه في ذلك أيضاً وأمامها 3 خيارات

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/04 الساعة 07:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/04 الساعة 14:07 بتوقيت غرينتش
Egyptian opposition

بانتخابات رئاسية خلت من مرشحين معارضين بارزين، تبدأ المعارضة المصرية فترة ثانية مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، وليس أمامها سوى 3 خيارات، هي الاندماج في الحياة السياسية، أو استمرار الرفض والعزوف، أو الدخول في شراكات لمنع تعديل الدستور والاستعداد للانتخابات المقبلة، عام 2022.

أحد هؤلاء الخبراء، اعتبر أن المعارضة لا بد أن تتفق على رؤية مشتركة تتمثل في التمسك بتسليم السلطة، عام 2022، ورفض أي تعديل دستوري يسمح باستمرار السيسي (63 عاماً) في الحكم، إذ ينص الدستور المصري على فترتين رئاسيتين فقط، بحسب وكالة الأناضول التركية.

فيما رأى خبير آخر، أن تستعد المعارضة لانتخابات المحليات، في 2019، والبرلمان، عام 2020، عبر تكتلات عدة، على أمل أن تصبح منافساً في الانتخابات الرئاسية المقبلة، عام 2022.

وكانت المعارضة دعت إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، التي أجريت في مارس/آذار الماضي، وتعرَّض أكثر من رمز معارض للتوقيف والحبس، إثر اتهامات ينفونها، متعلقة بـ"محاولة قلب نظام الحكم".

ورغم حديث رسمي عن إقبال تاريخي وآخر معارض يشكِّك، فاز السيسي، رسمياً، في الانتخابات بنسبة 97.08% من الأصوات، فيما حصل منافسه، رئيس حزب "الغد" (ليبرالي)، موسى مصطفى موسى، على 2.92%، في ظل نسبة مشاركة بلغت 41.05%، وأصوات باطلة فاقت ما حصل عليه موسى.

معارضة الفترة الأولى

على مدار أربع سنوات من رئاسة السيسي، بدأت في 8 يونيو/حزيران 2014، لم يخلُ حديث المعارضة من وجود قيود ومضايقات حكومية، وتوجيه انتقادات للوضع الحقوقي والسياسي في مصر، ولم يجتمع السيسي مع المعارضة إلا مرة واحدة منذ توليه الرئاسة.

واشتدَّ الخلاف الواضح بين السيسي ومعارضيه، إبان توقيع اتفاقية تسليم مصر جزيرتي "تيران" و"صنافير"، في البحر الأحمر، عام 2016، إلى السعودية.

ورفضاً لتسليم الجزيرتين شهدت مصر مظاهرات نادرة في عهد السيسي، خلَّفت مئات من المعارضين المحبوسين، على ذمة قضايا تظاهر، تمت تبرئة أغلبهم منها.

وتلتها احتجاجات محدودة أيضاً رفضاً لإجراءات اقتصادية حكومية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، سميت بـ"احتجاجات الخبز".

ورغم قول السلطات المصرية مراراً بدعمها لحرية التعبير والرأي وحقوق الإنسان، فإن المعارضة في أغلب بياناتها كانت تتحدث عن وجود انتهاكات وغلق لمقارّ ثقافية، وحجب لمنصات ومواقع إخبارية إلكترونية، وتحويل حقوقيين معارضين إلى محاكمات، على ذمة قضايا متعلقة بنشاطهم الحقوقي، ومنعهم من السفر.

ولم يحدث تقارب واضح بين المعارضة والنظام الحاكم، إلا في إدانة العمليات الإرهابية، لكنَّه تقارب محفوف بانتقادات للسلطة، تعيب عليها التركيز فقط على الحل الأمني، دون السير في حلول عدة بشكل متوازٍ، وهو ما كانت ترد عليه السلطات عادة بإعلان وجود أبعاد تنموية واجتماعية، بخلاف العسكرية في مواجهة الإرهاب.

هذا التباين بين المعارضة والنظام، وصل في 13 ديسمبر/كانون الأول 2017، إلى إعلان 8 أحزاب، وأكثر من 150 شخصية عامة تشكيل "حركة مدنية"، قالوا إنها تستهدف مواجهة تدهور شديد في الأوضاع، على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

وأوردت الحركة الوليدة، في ميثاق إعلان مبادئها، 11 بنداً، منها ضرورة "فتح مجال العمل العام، وخلق حراك سياسي، ومواجهة التدهور الاقتصادي والسياسي في البلاد".

لكن لم تأت رياح الحكم بما تشتهى سفن المعارضة، ففي يناير/كانون الثاني 2018، زادت الهوة بين المعارضة والنظام، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وسط مطالب بالنزاهة وإلغاء حالة الطوارئ، القائمة منذ أبريل/نيسان 2017.

غير أن هذا لم يتم أيضاً، وكان دافعاً، وفق بيانات المعارضة، إلى إعلان مقاطعتها للانتخابات، وهو ما دفع مؤيدون للنظام إلى شنِّ حملات انتقاد وتقديم بلاغات قضائية ضد رموز المعارضة، تمخَّضت عن انسحاب منافسين محتملين وسجن آخرين، بينهم الرئيس الأسبق لأركان الجيش، سامي عنان، لكونه أعلن اعتزامه الترشح، وهو لا يزال على قوة الاحتياط العسكرية.

إضافة إلى حبس الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات (أعلى هيئة رقابية حكومية)، هشام جنينة، وتوقيف رئيس حزب "مصر القوية" (معارض)، عبدالمنعم أبوالفتوح، وأمين حزبه محمد القصاص، على خلفية اتهامات ينفونها، متعلقة بـ"محاولة إسقاط النظام".

خلال سنوات السيسي الأربع الرئاسية كانت جماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في مصر، وتتخذ مقارَّ لها بالخارج، تصرُّ على رفض القبول بأي شرعية له، وتقود مظاهرات ضده، وتنتقده في مقارّ محاكمات قياداتها وكوادرها.

وفي تصريحات سابقة للأناضول، قال المتحدث باسم الإخوان، طلعت فهمي، إنهم لن يكونوا شهود زور، لحل أزمة سياسية اندلعت إثر الإطاحة بمحمد مرسي (المنتمي للإخوان)، من منصبه كرئيس لمصر، في 3 يوليو/تموز 2013، حين كان السيسي وزيراً للدفاع.

 معارضة ساكنة

وبالنسبة للواقع الحالي، اعتبر مختار غباشي، المحلل السياسي المصري، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة)، أن مصطلح المعارضة غير موجود حالياً، لأن "مصر الآن بين مؤيد أو ساكن".

وأوضح غباشي، أنه "لا توجد معارضة مرئية تعمل بشكل صحيح.. الجميع حالياً خارج نطاق المشهد السياسي، غالبية المعارضة توارت، ولا توجد لها حركة محسوسة في الشارع، كونها بلا ظهير شعبي".

وتابع: "المعارضة دائماً ما تنعكس على البرلمان، ولدينا برلمان غالبيته مؤيدة، وحتى المعارضون فيه، وهم تيار 25/30 (13 نائباً من 596)، كلهم نخبويين، أما المعارضة الحقيقية، التي لها قواعد وأرضية في الشارع، فهي خارج نطاق اللعبة السياسية، وهي تيار الإسلام السياسي".

الخيارات حتى 2022

من المتوقع، وفق خبراء، أن يكون أمام المعارضة 3 خيارات خلال فترة السيسي الرئاسية الثانية، وهي: الاندماج في الحياة السياسية، أو المشاركة المشروطة من الطرفين، أو استمرار الرفض للوضع القائم.

في هذا الصدد قال الأكاديمي المصري، أستاذ العلوم السياسية، طارق فهمي، إن خريطة المعارضة تتمثل في أربع شرائح، أولها هي الشخصيات العامة، التي لم تنضم لصفوف أي معارضة، وتبدي ملاحظات على كيفية إدارة المشهد السياسي.

وأردف فهمي، أن "الشريحة الثانية هي شريحة التيار الشعبي، وهي الأحزاب الرسمية الموجودة، والثالثة هي جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب المحسوبة عليها، وأخيراً شريحة تيارات القوى الاشتراكية الثورية، وهي أهمها، لأنها تضم شباباً كثيرين، وتشمل خريطة مجتمعية كبيرة، ولها تأثير كبير".

ورأى أنه "يوجد سيناريوهان أمام المعارضة، الأول هو الالتحاق بإدارة المشهد، إذا تبنَّت الدولة خيار الانفتاح على القوى السياسية، وهذا وارد، عبر تحريك المياه الراكدة، بحيث تبدأ الأحزاب في ممارسة دورها، وهو ما يحتاج أن يكون لها دور قوي عبر الدمج بين بعضها".

أما الخيار الثاني، بحسب الأكاديمي المصري، فهو "السيناريو الإقصائي، عبر دفع المعارضة إلى حافة الهاوية، لتتجه إلى العزوف السياسي، وتكتفي بالمعارضة الإلكترونية، عبر شبكات التواصل الاجتماعي".

وعن الحل أجاب فهمي بأنه "توجد انتخابات محلية في 2019، وبرلمانية عام 2020، ويجب على الجميع الدخول في شراكة سياسية، رغم تحفظاتهم، وأن تغير المعارضة من خطابها، وتخرج من دائرة الاتهام الدائم للدولة، وتلعب دوراً واقعياً على الأرض، بدلاً من الخيار الصفري الحالي".

وحذَّر من أنه "إذا فضَّلت المعارضة الانسحاب والعزوف السياسي فستواجه الموت النهائي".

وحول التيار الإسلامي، قال إن "شرعية الرئيس السيسي في ولايته الأولى بُنيت على طرد جماعة الإخوان من الحكم، وبناءً عليه لا أعتقد أنه حتى الآن توجد فرصة" أمام هذا التيار.

 رفض تعديل الدستور

أما حسن نافعة، أكاديمي مصري، فرأى أن المعارضة "تواجه أزمة مصداقية كبيرة"، وطرح سيناريو ثالثاً يراه مهماً بشأن مستقبل المعارضة.

هذا السيناريو، وفق حديث نافعة، هو اتفاق المعارضة على مشروع يتمثل في رؤية مشتركة لمصر، وتجاوز أمراضها السابقة، لاسيما على مستوى الانقسام.

وشدَّد على أن هذه الرؤية المشتركة تتمثل في الاستعداد للدفاع عن الدستور، ورفض أي تعديل يُجرى له، والاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة، عام 2022.

ولا يحق للسيسي، وفق الدستور المصري، الترشح لفترة رئاسية ثالثة، لكن مفكرين وإعلاميين مؤيدين له يتحدثون عن أن ثماني سنوات ليست مدة كافية للرئيس في مصر.

تحميل المزيد