Washington Post: السيسي سيستمر في سياسته مع خصومه، ومعركة تغيير الدستور قادمة

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/03 الساعة 16:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/03 الساعة 16:57 بتوقيت غرينتش
Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi casts his vote during the presidential election in Cairo, Egypt March 26, 2018. The Egyptian Presidency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY.

توقعت صحيفة Washington Postالأميركية في تقرير عن الانتخابات المصرية أن يتزايد استخدام الرئيس المصري للقوة مع الخصوم خلال فترة ولايته الثانية، فيما يسعى مؤيدوه بالفعل إلى تعديل حدود فترات تولي منصب الرئاسة بما يسمح للسيسي بالبقاء في سدة الحكم بعد انتهاء فترة ولايته الثانية.

ويسعى بعض الإعلاميين المحسوبين على السلطة للتمهيد للمطالبة بإطالة "مدة الرئاسة" في الدستور، فيما أكد سياسيون أن هذا المطلب لم يأت صدفةً، وإنما جاء لقياس نبض الشارع المصري حول زيادة مدة الرئاسة بتعديل دستوري، ووصف سياسيون فكرة المد بـأنها مخالفة للدستور.
الإعلامي عماد الدين أديب بدأ سيناريوهات التمهيد لمد فترة الرئاسة، فيما قال الدكتور مصطفي الفقي مدير مكتبة الاسكندرية والمحلل السياسي، إن ثماني سنوات لا تكفي الرئيس لتحقيق مشروعه السياسي والاقتصادي.

وعلى الرغم  من الفوز الكبير في الانتخابات يرى بعض المحللين السياسيين أن طموحات الرئيس المصري  الاقتصادية والسياسية الكبيرة تثير الانتقاد وربما الاستياء لدى فئات كثيرة من المصريين وداخل أروقة الجيش الذي يحظى بنفوذ هائل.

فقد ذكر مايكل وحيد حنا، خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة Century Foundation أن الشهور القليلة الماضية شهدت بعض التوترات والانقسامات. ومع ذلك، ليس هناك ما يشير إلى تغيير أسلوب ممارسة السيسي لسلطته وسيطرته في الفترة الثانية من حكمه..  

فقد أكدت الهيئة العليا للانتخابات في مصر يوم الإثنين 2 أبريل/نيسان النتيجة المتوقعة سلفاً، حيث حصل السيسي على 97% من الأصوات الصحيحة في الانتخابات، التي أبعد  خلالها السيسي كل خصومه الحقيقيين المحتملين عن طريقه، ومن أبرزهم الفريق أحمد شفيق والفريق سامي عنان.

  دعم أميركي غير مباشر في ملف القمع

ويرى النقاد أن السيسي يحظى بتشجيع الرئيس الأميركي ترمب، حيث استخدم القوة والإكراه لضمان الفوز بأغلبية ساحقة في الانتخابات، وتصاعدت حدة القمع في ظل نظامه منذ أعلن ترمب خلال رحلته إلى المملكة العربية السعودية في مايو/أيار الماضي أن حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط لا تتصدر أولويات البيت الأبيض.

 وفي أعقاب الكلمة التي ألقاها ترمب في السعودية، حجبت مصر عشرات المواقع الإلكترونية. وأصبح عدد المواقع التي تم حجبها يتجاوز حالياً 500 موقع. فيما تذكر الجماعات الحقوقية  -بحسب الصحيفة الأميركية- أن عمليات القتل خارج نطاق القضاء في تزايد وأن مئات النشطاء قد اختفوا قسرياً على يد أجهزة الأمن المصرية.

كما حاولت الحكومة المصرية أيضاً ترويض وسائل الإعلام الأجنبية، التي أشار النائب العام المصري إليها باعتبارها "قوى الشر"، وتعهد باتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي شخص ينشر "أخباراً زائفة" تضر بمصالح البلاد.

وامتنعت الولايات المتحدة عن تقديم مساعدات عسكرية واقتصادية قيمتها 300 مليون دولار إلى مصر في أغسطس/آب جراء مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وهو ما أثار دهشة الحكومة المصرية. ويذكر دبلوماسيون أميركيون أنهم يعملون سراً لمواجهة المخاوف الحقوقية مع الحكومة المصرية. ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تقدم مساعدات سنوية إلى مصر تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار.

واتصل ترمب بالسيسي الإثنين لتهنئته بالفوز في الانتخابات. وذكر بيان البيت الأبيض أن "الزعيمين أكدا على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر، وأشارا إلى تطلعهما إلى تنمية هذه الشراكة ومواجهة التحديات المشتركة".

فوز كاسح.. بمشاركة شعبية أقل

فوز السيسي بحسب الأرقام جاء بمشاركة 41% فقط من الناخبين بحسب الأرقام الرسمية المصرية  – وهي مشاركة  تقل عما حدث في الانتخابات الرئاسية  عام 2014 بست نقاط، رغم الحملة التي أطلقها الموالون  للسيسي والسلطات المحلية لحشد المصريين للمشاركة من خلال تقديم المبالغ النقدية والمواد الغذائية والخدمات – بل ورحلات العمرة. أما نسبة الأصوات الباطلة فتتجاوز 7%، بما يزيد عن نظيراتها في أي انتخابات مصرية سابقة.

 تيموثي كالدس، المحلل السياسي بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، يرى  في تفسيره لضعف إقبال المصريين على الانتخابات أن "هناك عدداً كبيراً من المواطنين ممن يشعرون بخيبة الأمل الشديدة، وربما عدد أكبر يذهبون إلى صناديق الاقتراع ولكنهم لا يرغبون بالفعل في المشاركة".

وفي كلمته التي ألقاها بالتلفزيون بعد فوزه بالانتخابات ليلة الإثنين، قال السيسي إنه  سيعمل من أجل كل المصريين، حتى هؤلاء الذين لم يصوتوا من أجله. وقال إن "بلادنا ترسم لوحة وطنية رائعة لا تستثني أحداً. كان منظر المصريين المصطفين من كل الأطياف للتصويت ملهماً ويبعث على الأمل".

ومع ذلك، يرى العديد من المصريين أن ترشح موسى يؤكد أن الانتخابات كانت مسرحية هزلية. وقد سخر المصريون من موسى، المرشح الذي يؤيد السيسي لولاية ثانية، باعتباره "دمية" يرشح نفسه لتوفير مناخ ديمقراطي للانتخابات.

وذكر كالداس أن السيسي كان ناجحاً في التخلص من منتقديه ومن يتشكك في ولائهم له.

وقال كالداس "تشير قدرته على القيام بذلك إلى تحجيم قوة من يعترض على السيسي من داخل النظام بحيث لا  يستطيع أن يخلفه في الوقت الحالي".

جدل حول الإنجازات الاقتصادية

وبينما يشيد مؤيدو السيسي بطموحاته مشيرين إلى مشروعاته الاقتصادية والمتعلقة بالبنية التحتية، بما في ذلك إنشاء طرق جديدة والتوسع في القدرة الكهربائية وتشجيع المزيد من الاستثمارات في قطاعي النفط والغاز بالبلاد.

ويرى خبراء اقتصاديون أن مشروعات السيسي باهظة التكلفة، من بينها تفريعة قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة التي يتم إنشاؤها حالياً خارج القاهرة بتكلفة 45 مليار دولار. ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن هذه المشروعات لن توفر أي عائدات على مدار سنين وربما عقود.

ويرى النقاد أن تلك الأموال يمكن إنفاقها بصورة أفضل في مساعدة الشعب المصري الذي يبلغ تعداده نحو 100 مليون مواطن معظمهم من الفقراء. ورغم مؤشرات انتعاش الاقتصاد، إلا أن المصريين من الطبقة المتوسطة يعانون بشدة لمواكبة ارتفاع الأسعار وانخفاض الدعم وتدابير التقشف التي يفرضها صندوق النقد الدولي.

  أحلام المصريين في الفترة الثانية

ويواجه السيسي خلال فترة ولايته الثانية طموحات متزايدة من قبل المواطن المصري العادي. وذكر العديد ممن أدلوا بأصواتهم من أجله خلال لقاءات صحفية أنهم يأملون أن يتمكن من توفير المزيد من فرص العمل للشباب وتحسين الخدمات وخفض الأسعار حتى يمكنهم شراء اللحوم وغيرها من السلع الأساسية.

  الحرب على الإرهاب

وينسب مؤيدو الرئيس الفضل إليه في استعادة الاستقرار، وخاصة بعد أعمال العنف التي أعقبت ثورة يناير 2011 التي أطاحت بمبارك.. وبعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي ثم الزج به في السجن مع عشرات الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت جماعة محظورة.

وساعدت تلك الإجراءات على ظهور التشدد الإسلامي وقيام تنظيمات تابعة  للدولة الإسلامية في شمال شبه جزيرة سيناء وظهور تهديدات جديدة في الصحراء الغربية.

ويرى مؤيدو السيسي أنه قد نجح في حربه ضد الإرهاب، ولكن منتقديه يرونه يستغل شبح الإرهاب لاستهداف أي شخص يمثل تهديداً لنظام حكمه.

إقالات واعتقالات للقادة قبل الانتخابات

قبل إجراء الانتخابات اعتقل السيسي  قائدين عسكريين هما الفريق سامي عنان والعقيد أحمد قنصوه، بعد الإعلان عن عزمهما الترشح ضده. وانسحب رئيس الوزراء وقائد القوات الجوية الأسبق أحمد شفيق بعد مواجهة ضغوط كبيرة من قبل النظام. وانسحب مرشحان آخران جراء ترويعهما وهجوم وسائل الإعلام الحكومية عليهما، منهما الناشط الحقوقي خالد علي

وقبيل الانتخابات بفترة استهدف السيسي أيضاً العديد من الشخصيات العسكرية رفيعة المستوى. ففي أكتوبر/تشرين الأول، من العام الماضي أقال  السيسي  رئيس أركانه الجنرال محمود حجازي. وفي يناير/كانون الثاني من العالم الجاري، أقال الرئيس المصري رئيس جهاز المخابرات خالد فوزي . ويذكر بعض المحللين أن هذه الإجراءات جاءت رداً على استياء بعض قيادات الجيش وأجهزة الاستخبارات.

وأثار السيسي جدلاً واسعاً في مصر من خلال التصديق على اتفاقية تمنح مصر بموجبها جزيرتين بالبحر الأحمر للمملكة العربية السعودية، ما أدى إلى اندلاع مظاهرات تم اتهامه خلالها ببيع الأراضي المصرية مقابل الحصول على المساعدات. وذكر حنا أن بعض العسكريين قد اتفقوا مع ذلك الطرح، مضيفاً أن عنان وشفيق ما كانا ليفكرا في الترشح ضد السيسي من دون الحصول على دعم من قبل بعض الشخصيات العسكرية بحسب حنا  الذي قال "ترى الدوائر المحيطة بالسيسي هذا الأمر خطاً أحمر. وتعد فكرة وحدة المؤسسة العسكرية مهمة ويتم التعامل بقسوة مع أي محاولة لغرس الانقسامات".

علامات:
تحميل المزيد