أما وأن السيسي قد أصبح رئيساً لفترة جديدة، فهل كتب شهادة وفاة ثورة يناير.. The Telegraph تجيب

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/01 الساعة 16:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/02 الساعة 14:43 بتوقيت غرينتش
Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi casts his vote during the presidential election in Cairo, Egypt March 26, 2018. The Egyptian Presidency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY.

بعد مرور 7 سنوات على الثورة، التي كان شعارها الأساسي "عيش حرية عدالة اجتماعية"، لم يتبق منها حتى الشعار، بعدما عاد نظام حسني مبارك، الذي قامت عليه الثورة، ولكن بشكل أكثر قسوة، كما تقول صحيفة  The Telegraph البريطانية.

والتقت الصحيفة البريطانية، ياسمين البرماوي، إحدى ثوار يناير/كانون الثاني 2011، التي اعتُقلت في الوقت الذي اقتحم فيه بلطجية مؤيدون للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ميدان التحرير على ظهر الجِمال، وراحوا يضربون المتظاهرين المتجمّعين بالسياط والسلاسل، فيما عُرف بموقعة "الجمل".

وبحسب الصحيفة البريطانية، كانت ياسمين الملحنة وعازفة العود، التي كان تبلغ آنذاك 28 عاماً، تحمل ضمادات ومطهرات لعلاج الجرحى، عندما أُوقِفَت على أطراف الميدان، واقتيدت إلى نادٍ للضباط كان يُستخدَم كمقرِّ احتجاز.

كان اليوم هو 2 فبراير/شباط 2011، ولم تكن ياسمين أو ضابط المخابرات الذي يستجوبها يعلمان أنَّ مبارك سيُطاح به بعد 9 أيام، لكنَّ كليهما كان يشعر أنَّ شيئاً ما كان على وشك التغيُّر في مصر.

وأطلق الضابط في النهاية بضع كلماتٍ تهديدية، وقال: "سنعود".

وتأكَّد تحذير الضابط بعد سبع سنواتٍ على الثورة المصرية، كما تقول الصحيفة البريطانية.

إذ حلَّت محلَّ نظام مبارك حكومةٌ عسكريةٌ يرأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي بمقاييس كثيرة أكثر قمعية وأكثر سلطوية، بحسب الصحيفة البريطانية.

وفاز السيسي بولايةٍ جديدة في منصبه، هذا الأسبوع، في انتخاباتٍ بالكاد شهدت منافسةً، بعدما اعتُقِل كل منافسيه الموثوقين، أو أُرهِبوا للخروج من السباق.

ويعتقد معارضوه السياسيون، بمن فيهم الكثير من ثوار 2011، أنَّ الأمر مجرد مسألة وقتٍ فقط، قبل أن يُغيِّر الدستور ليسمح لنفسه بالبقاء في السلطة لأجلٍ غير مسمى.

وأَخضعت الدولة وسائلَ الإعلام المصرية، وحُظِر تنظيم الاحتجاجات، وحتى المجال الصغير الذي كان مسموحاً به للمثقفين في عهد مبارك أُغلِق في معظمه، كما تقول الصحيفة البريطانية.

وقال حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: "الحياة السياسية في مصر قُتِلَت بأداة ثلمة جداً، والسيسي هو المسؤول عن قتلها".

وجادل بأنَّ المصريين اليوم أقلّ حرية، مما كانوا عليه في الستينيات تحت حكم جمال عبدالناصر، ثاني رؤساء مصر، الذي كان يتسم بالسلطوية، بحسب The Telegraph.

وأضاف: "في سنوات حياتي السبعين لم أرَ قطُّ وسائلَ الإعلام خاضعةً لسيطرة الحكومة كما هي الآن".

وفي حين لم يكن فوز السيسي الساحق مُفاجِئاً -مؤشرات التصويت الأولية تشير إلى حصوله على أكثر من 90% من الأصوات- فإنَّه أثار تأملاتٍ جديدة، حول كيف قادت ثورة 2011 إلى حكم القبضة الحديدية في عام 2018، وما الذي يعنيه ذلك لمستقبل مصر.

"العالم كله سيعاني إذا حدثت فوضى في مصر"

أما شادي الغزالي حرب، وهو جرَّاح شارك في ثورة التحرير، فقال أثناء جلوسه بأحد مقاهي وسط القاهرة، إنَّه يخشى أن يدفع التضييق على مجال المعارضة السياسية الجيلَ القادم من الثوار نحو العنف.

وأضاف: "كنا دوماً سلميين في حراك 25 يناير/كانون الثاني، وكان هذا شعارنا، وعلينا التمسك به. لكنَّ الشباب اليوم يقولون: "لم يُحقِّق لنا هذا أي فائدة. ونتيجة الإحباط، يُدفَع الكثيرون منهم نحو العنف".

وتابع: "هدفنا هو إقناع الشباب بالتمسُّك بالوسائل السلمية، لأنَّ هذا هو السبيل الوحيد للتعامل مع النظام. علينا فقط أن نكون إبداعيين أو مُبتكرين بما يكفي".

وحذَّر شادي بريطانيا والبلدانَ الغربية الأخرى، من إقناع نفسها بأنَّ السيسي قوة استقرار تحافظ على استقرار مصر وسكانها، البالغين 100 مليون، بعكس الحال في سوريا أو ليبيا، بحسب الصحيفة البريطانية.

وقال: "إنَّه يأخذ البلاد إلى الفوضى، وإذا انفجرت مصر فلن نعاني نحن فقط؛ بل ستعاني المنطقة والعالم أيضاً".

وبحسب الصحيفة البريطانية، يتفق معظم نشطاء المعارضة على أنَّه لا توجد فرص تُذكَر لحدوث مشاهد شبيهة بتلك التي حدثت في 2011 في ميدان التحرير قريباً. وقالوا إنَّ أجهزة الأمن المصرية ستسحق أي مظاهر مقاومة شعبية قبل أن تبدأ بوقتٍ طويل.

التغيير من داخل النظام

ويعتقدون أنَّ السيسي إذا ما تخلَّى عن السلطة في أي وقت، فإنَّ ذلك سيكون نتيجة لمناورة من أطراف فاعلة داخل نظامه.

وعلَّق معظم المصريين المؤمنين بالديمقراطية آمالهم على الشخصية غير المتوقعة سامي عنان، وهو جنرال مصري سابق، كان يعتزم الترشح لمنصب الرئاسة ضد السيسي.

ومع أنَّه كان شخصية من المؤسسة العسكرية، إلا أنَّه كان يُنظَر إليه باعتباره أكثر تسامحاً من الرئيس.

اعتُقِل عنان تحت تهديد السلاح، في يناير/كانون الثاني الماضي، بعد أسبوعٍ من إعلانه الترشح، ولا يزال قيد الاحتجاز حتى اليوم، مع  وجود أنباء عن قرب إطلاق سراحه.

تدابير ضرورية

ويجادل المدافعون عن السيسي بأنَّ ما يراه الكثيرون قمعاً سياسياً هو في الحقيقة تدابير ضرورية لاستعادة النظام العام، وبدء إصلاح اقتصاد البلاد الجامد.

وبرَّر جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان -وهو شخص اجتماعي- تصرفات السيسي أثناء تناول الشاي في فناء نادي الجزيرة الرياضي، وهو مكان مُفضَّل للنخبة المصرية.

وجادل بأنَّ السيسي سيسمح بفتح المجال العام مجدداً، بمجرد أن يستقرَّ الوضعُ الأمني في مصر، بحسب الصحيفة البريطانية.

وقال: "تبدأ بالعمل على نظامٍ اجتماعي قوي، ثُمَّ يظهر التنوع السياسي في إطار النظام العام".

وأضاف: "بمجرد أن يُحقق الدولة القوية، لن يمكنه الاستمرار دون تحولٍ ديمقراطي وشعور بالتحرر".

"هذه دروس الثورة"

وتَبْلُغ ياسمين البرماوي، عازفة العود التي اعتُقِلَت في ميدان التحرير الآن 35 عاماً، وتَعزِف موسيقاها على نطاق واسع في مختلف أنحاء مصر.

راقبت ياسمين انتخابات هذا الأسبوع بخيبة أمل، متساءلةً لِمَ لَمْ تُنفَق الأموالُ التي ذهبت لمراكز الاقتراع ولافتات السيسي على التعليم، أو الرعاية الصحية، بحسب الصحيفة البريطانية.

لكن حتى بالرغم من كون الدولة المصرية أكثر استبداداً من أي وقتٍ مضى، كما تقول The Telegraph، فإن ياسمين تظن أنَّ ثورة 2011 لم تذهب هباءً.

وأضافت: "الأجيال التي رأت الناس يثورون في 2011 يكبرون ويتعلمون أنَّ بإمكانهم قول لا، وأنَّه بالإمكان الإنصات إليهم إذا ما قالوا لا".

وأشارت إلى مقطع فيديو حديث، حول مدرسة حصل فيها المعلمون على خمسة جنيهات مصرية (0.3 دولار تقريباً) من كل طالب، وتعهَّدوا بتنظيم حفلة عيد أم بتلك الأموال.

لكنَّهم بدلاً من ذلك احتفظوا بها، في عملٍ صغير من أعمال الفساد الشائعة في مصر، لكنَّ الطلاب ثاروا احتجاجاً، وألقوا الحجارة، واحتلوا فناء المدرسة للمطالبة بإعادة المال.

شاهدت ياسمين الفيديو وامتلأت بالفخر. وقالت: "هذه هي دروس الثورة".

تحميل المزيد