كواليس أكبر عملية طرد للجواسيس بتاريخ أميركا.. 3 خيارات وصلت إلى طاولة ترمب والأوروبيون فاجأهم العدد

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/30 الساعة 17:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/30 الساعة 17:34 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump walks out from the Oval Office of the White House in Washington, U.S., before his departure for the weekend in Palm Beach, Florida, March 23, 2018. REUTERS/Yuri Gripas

في الأيام التي سبقت أكبر عملية طرد لجواسيس روس في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، أشخاص قليلون فقط داخل إدارة الرئيس دونالد ترمب وخارجها هم مَن كانوا يعرفون بالضبط ما سيُقدِم عليه الرئيس كرد على تسميم الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا.

حسب تقرير صحيفة The Washington Post، كان مسؤولو الاستخبارات الأميركية، الذين دفعوا في اتجاه تفكيك شبكات جواسيس موسكو، يعتقدون أنَّ الرئيس قد يرفض العمل بتوصية تقضي بإغلاق القنصلية الروسية في سياتل، لكنه اتخذ القرار وتمت عملية الطرد الإثنين 26 مارس/آذار 2018.

قال ترمب في محادثاتٍ مع قادة أوروبيين إنَّ الولايات المتحدة غير مهتمة بطرد الجواسيس رداً على تسميم جاسوس روسي إن لم تفعل دولٌ أخرى الشيء نفسه.

الجمعة 23 مارس/آذار 2018، قدَّم فريق الأمن القومي للرئيس 3 خيارات له، وانتهى قرار الرئيس إلى إخراج 60 جاسوساً روسّياً، في خطوة توبيخية لموسكو فاجأت حتى حلفاء الولايات المتحدة.

والجمعة 30 مارس آذار 2018، حزم موظفو القنصلية الأميركية في سان بطرسبرج أمتعتهم واستعدوا لإنهاء أعمالهم في ثاني أكبر مدينة روسية بعد أن أمر الكرملين بإغلاقها.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال الخميس إن روسيا سترد بالمثل على طرد دول غربية لدبلوماسيين روس وستغلق القنصلية الأمريكية في سان بطرسبرج في الخلاف بشأن تسميم جاسوس روسي سابق في بريطانيا.

لكن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين قال الجمعة إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يزال يحبذ إصلاح العلاقات مع الدول الأخرى رغم قرار طرد عشرات الدبلوماسيين الغربيين.

ترمب حيّر حلفاءه

قال دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى في واشنطن: "تلقينا إشارات بقرب إجلاء بعض الجواسيس الروس من أميركا غير أنَّ عددهم فاجأنا. فقد كان مرتفعاً جدا!ً".

يضيف تقرير  The Washington Post، أن حالة عدم اليقين التي أحاطت بقرار الرئيس عكست  ظاهرة أثارت حيرة أقرب حلفاء الولايات المتحدة لما يقرب من العام: رغم لهجة ترمب الدافئة تجاه موسكو ووجود غضاضة دائمة لديه فيما يتعلَّق بانتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإنَّ إدارة ترمب قد اتخذت غير مرة إجراءات عدائية ضد روسيا بناءً على توصية من كبار مساعدي الرئيس.

الجاسوس المسموم وابنته

وقال جون هيربست، الباحث في الشؤون الروسية بالمجلس الأطلسي: "هذا يلائم نمط سياستنا تجاه روسيا في ظل حكم إدارة ترمب. فبمجرد النظر إلى السياسة، نرى أنَّ هذه الإدارة اتخذت خطوات لم تكن إدارة أوباما مستعدة لاتخاذها، مثل إمداد أوكرانيا بصواريخ مضادة للدبابات. لا يبدو الرئيس مقتنعاً تماماً بهذه القرارات، لكنَّه على استعداد لمسايرة مستشاريه فيه".

وجاء إعلان الطرد نتيجةً لدفعة من حلفاء الولايات المتحدة ومجتمع الاستخبارات الأميركي من أجل القيام بردٍ انتقامي قوي على تسميم الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا. وبعد الهجوم بفترة وجيزة، بدأت فيونا هيل، المديرة البارزة بمجلس الأمن القومي، اجتماعات تنسيق سياسي بارزة انتهت باجتماعٍ بارز يوم الجمعة 23 مارس/آذار 2018، ضمَّ وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي ماكماستر، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، ومدير الاستخبارات الوطنية دانيال كوتس، وغيرهم من كبار المسؤولين.

ماهي الخيارات الثلاثة؟

وقد صنَّف مسؤولٌ في الإدارة الأميركية الخيارات الثلاثة المقدمة إلى الرئيس بـ"بسيطة ومتوسطة وثقيلة"، وقد طلب المسؤول كغيره من المسؤولين عدم الكشف عن اسمه؛ نظراً إلى حساسية المداولات.

حسب ما ذكره مسؤولان أميركيان، كان الخيار "البسيط" يدعو إلى طرد ما يقرب من 30 جاسوساً مع إبقاء قنصلية سياتل على حالها، بينما كان الخيار "المتوسط" الذي ذهب إليه ترمب على الفور، يدعو إلى طرد 48 مسؤولاً من السفارة في واشنطن و12 من البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة بنيويورك وإغلاق القنصلية في سياتل.

ورفض مسؤولون أميركيون الإفصاح عن الخيار "الثقيل"؛ لتجنب إفشاء الخطوات التي يمكن للرئيس أن يتخذها في حال ردت موسكو بإجراءات انتقامية، إلا أنَّ أحد المسؤولين ذكر أن الاستخبارات الأميركية المضادة على علم بوجود أكثر من 40 جاسوساً روسيّاً يعملون في الولايات المتحدة ولم تشملهم حملة التطهير الأولية. وأعلن الكرملين الخميس 29 مارس/آذار 2018، طرد 60 مسؤولاً أميركياً.

وقال مسؤول أميركي إنَّ مساعدي الرئيس شرحوا له في أثناء اللقاء، الخيارات بعبارات عامة ولم يذكروا عدداً محدداً للجواسيس فيما يتعلَّق بالسيناريو "المتوسط"، وتركوا مهمة عدد الجواسيس للموظفين التابعين له.

ووصف المسؤول السِجال الداخلي حول هذا الموضوع مستخدماً تشبيهات من لعبة الملاكمة.

فقال المسؤول: "لو ذهبنا إلى الخيار الثقيل الآن واتخذ الروس إجراءات انتقامية، فستكون خياراتنا أكثر محدودية فيما يتعلق بما يمكننا فعله فيما بعد. أما بالخيار المتوسط، فإنَّنا نوجه لكمةً قويةً لكن ليس بقوتنا كاملة، وقد اقتنع الرئيس بهذا الخيار".

ولم يحدث أن قامت الولايات المتحدة بحملة تطهير كهذه منذ عام 1986، حين طرد الرئيس رونالد ريغان 55 مسؤولاً روسيّاً. وقد طردت إدارة بوش 50 مسؤولاً رداً على قضية تجسس روبرت هانسن.

وما إن تبين موقف البيت الأبيض، بدأ مسؤولون أميركيون، بينهم ماكماستر ونائب وزير الخارجية جون سوليفان، بالاتصال بقيادات غربية، ليزيد بذلك عدد التعهدات المقدمة من الدول الأخرى من 10 دول يوم الجمعة 23 مارس/آذار 2018، إلى 16 صباح الإثنين 25 مارس/آذار 2018، وصولاً إلى أكثر من 25 يوم الخميس 29 مارس/آذار 2018.

ويفوق رد الفعل الأميركي بطرد 60 مسؤولاً، التحركات التي اتخذتها دولٌ أخرى، وهي نتيجة لم تكن متوقعة على الإطلاق الأسبوع الماضي حين هنأ ترمب بوتين بإعادة انتخابه وتجاهل قضية تسميم الجاسوس، على الرغم من توجيهات مستشاريه له في هذا الشأن.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان طرد الجواسيس الروس سينهي الأزمة الدبلوماسية أو سيساهم في تأجيج المزيد من الإجراءات الانتقامية بين البلدين الخصمين.

وقالت هيذر نويرت، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية الخميس 29 مارس/آذار 2018، إنَّ الولايات المتحدة "تراجع تفاصيل الموقف الروسي" وتحتفظ بحق الرد على "أي إجراء انتقامي روسي ضد الولايات المتحدة".

 

تحميل المزيد