ازدادت شعبية ما يسمى بـ"السيجارة الإلكترونية" في السنوات الأخيرة، وأصبحت حالياً مدار جدل كبير حول ما إذا كانت تساعد المدخنين على ترك تدخين التبغ أم تجعل التدخين أمراً أكثر جاذبية وخاصة بالنسبة لصغار السن، وأيضاً، هل هي طريقة ملتوية تستخدمها شركات التبغ للحفاظ على مستوى الأرباح ذاته مع انخفاض نسب المدخنين، أم هي مجرد موضة جديدة وستفقد بريقها كغيرها؟
يعود تاريخ هذا النوع من التدخين إلى عشر سنوات مضت، ما يصعِّب من مهمة التنبوء بآثارها على المدى البعيد، حيث أن الأبحاث التي تدرس هذا الأمر تستغرق وقتاً طويلاً بحسب تقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية الإثنين 7 مارس/ آذار 2016.
لا يختلف الحال كثيراً بالنسبة لفوائدها، حيث مازال الأمر محل جدل ونقاش حتى الآن، بالإضافة إلى أضرارها المحتملة على غير المدخين وصغار السن، مما يجعل اتخاذ قرارات وتوصيات بشأنها أمراً صعباً حالياً.
على الرغم من ذلك، تُمثل هذه المشكلة تحدياً هاماً بالنسبة للسياسيين، خاصة إن توجَّب اتخاذ قرارات حاسمة. كانت إسكتلندا آخر الدول التي اضطرت لمواجهة هذه الأسئلة، حيث صوت البرلمان الإسكتلندي على منع من هم دون الثامنة عشرة من استخدام السجائر الإلكترونية، وهو العمر نفسه الذي تحدده الدولة للتدخين الطبيعي، لتنضم إسكتلندا بهذا القرار إلى دول أخرى مثل إنجلترا وويلز، فهل كان هذا قراراً صائباً؟
اختلفت قرارات الدول بشأن طرق التعامل مع المشكلة، فقد جعلت كندا على سبيل المثال من بيع السجائر الإلكترونية أمراً مخالفاً للقانون على الرغم من عدم تطبيق القرار بشكل واسع، في حين يختلف الأمر في أكثر من ولاية أميركية، فولاية سان فرانسيسكو على سبيل المثال رفعت الحدّ الأدنى لشرائها من 18 عاماً إلى 21 عاماً، في حين أن بعض الدول الأوروبية لا تضع أي قيود حول بيعها أو التسويق لها، مثل بلغاريا وإيرلندا وبولندا. إلا أن الاتحاد الأوروبي أصدر قرارات عامة لكل الدول التابعة في مايو/ أيار ٢٠١٥ تقضي بوضع طرق موحدة لمراقبة السوائل والمبخرات المستخدمة في صناعتها للتأكد من كونها غير ضارة بالأطفال ومن عدم وجود أي تلاعب في تصنيعها، كما سيتم أيضاً تقييد دعاياتها في دول الاتحاد.
على الجانب الآخر، تنوي ويلز تشديد هذه القوانين من خلال حظر تدخين السجائر الإلكترونية في الأماكن العامة.
أصوات تؤيد وأخرى تعارض
في التصويت على قانون الرعاية الصحية في إسكتلندا، أثار الحديث حول السجائر الإلكترونية جدلاً شديداً بين المصوتين، إلا أنه كان منطقياً للغاية. حيث يرى مؤيدو الفكرة أن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً من العادية وأنها تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين، وطالبوا بفرض أقل قيود ممكنة على بيعها وحرية التسويق والدعاية لها واستخدامها في الأماكن العامة، حيث يعتقدون أن تلك القيود تحرم المدخنين من إيجاد بدائل أقل ضرراً من تدخين التبغ.
على الجانب الآخر، يعتقد رافضوها أن الأطفال وصغار السن بحاجة لحماية حقيقية من مثل هذه المنتجات التي قد تضر بصحتهم كمدخنين سلبيين، أو قد تقودهم في النهاية إلى التدخين العادي في حالة استخدامها، كما طالبوا بوضع معايير محددة واضحة لعملية الإنتاج، واستخدام هذا النهج الوقائي للوصول لنتائج محددة بشأن آثارها الصحية.
بالإضافة إلى تجريم بيعها لمن هم دون الثامنة عشرة، يقضي القانون الإسكتلندي الجديد بأن يحصل بائعو السجائر الإلكترونية على ما يثبت تجاوز المشتري لهذا السن إذا كان شاباً، كما هو الأمر تماماً مع المشروبات الكحولية، كما تم حظر بيع تلك السجائر أيضاً من ماكينات البيع الإلكترونية وجعل شرائها بالنيابة عن شخص دون الثامنة عشرة جريمة يعاقب عليها القانون أيضاً. سيكون من الممكن أيضاً بالنسبة للوزراء في إسكتلندا فرض المزيد من القيود حول الدعاية والتسويق لهذه المنتجات في المستقبل.
قوانين جديدة مدعومة مجتمعياً
على الرغم من كون الحديث حول أضرار السجائر الإلكترونية أمراً غير مؤكد حتى الآن، وربما لسنوات قادمة، إلا أن البرلمان الإسكتلندي يقول بأنه ينفذ الاتجاه العام للدولة. كانت قائمة المشاركين في المشاورات حول القرار في 2014 قد ضمت ممثلين عن الهيئات الصحية والسلطات المحلية وجمعيات خيرية وأكاديميين بالإضافة إلى بعض العامة، وقد اتفقت كل تلك الجهات على حظر بيع السجائر الإلكترونية لمن هم دون الثامنة عشرة بالإضافة إلى تجريم شرائها بالنيابة عن هؤلاء، كما اتفقوا على فرض قيود محددة على الدعاية لها بحيث لا يتم التسويق لها أمام صغار السن أيضاً. لم يكتف المجتمعون بهذا، بل قرروا حظر تدخينها في الأماكن العامة.
تتماشى حزمة القرارات هذه مع رغبة المجتمع الإسكتلندي والبريطاني بشكل عام، حيث أيدت الغالبية هذه القرارات حسب تقارير إعلامية ودراسات اجتماعية تناولت المشكلة. وفي دراسة جديدة تُنشر قريباً حول آراء المراهقين البريطانيين في هذه القرارات، وُجِد أن أغلبهم يتفهم الأمر تماماً ويدرك جوانب الموضوع بشكلٍ كامل. فعلى الرغم من فهمهم لنفع السجائر الإلكترونية بالنسبة للمدخنين الذين يريدون الإقلاع عن التدخين، أيد المشاركون في الدراسة القرارات الجديدة بقوة.
وعلى الرغم من أن القوانين الإسكتلندية الحالية قد لا تكون الأنسب في السنوات القادمة، إلا أن ما يحسب بشكل واضح للحكومة هو اتخاذ هذه القرارات بناء على دعم شعبي.
ففي الوقت الذي لا يعرف فيه أحد ما يجب فعله تحديداً، تبدو القوانين والقرارات التي تسعى للحفاظ على صحة صغار السن هي السياسة الأفضل بكل تأكيد.
هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، للاطلاع على أصل المادة اضغط هنا.