في ظل الكوارث المتتالية التي نعيشها بمصر بسبب أزمة كورونا، والتعتيم الفظيع وغير المبرَّر على الأعداد الحقيقية للمصابين بالفيروس، من وزارة الصحة، أودُّ الحديث عن كارثة حدثت لدينا في مستشفى المطرية التعليمي.
منذ الأمس ونحن نعيش في حالة هلع ورعب، فالأعداد تتزايد كلَّ يوم بشكلٍ كبير، وهنا مواطنون يكتشفون إصابتهم بالصدفة، والكارثة أن أعراض الإصابة غير ظاهرة عليهم.
في الأسبوع الماضي سمعنا أن ممرضة في قسم التجميل ظهرت نتائج إصابتها إيجابية بفيروس كورونا هي وابنتها، وأُدخلت الرعاية، وبعد مدة بسيطة اكتشفوا إصابة طبيب تجميل في نفس المكان وتم غلق القسم بأكمله.
كذلك اكتُشفت إصابة طبيب في قسم الأطفال وجاءت التحاليل إيجابية وأُغلق القسم كذلك.
بالأمس عرفنا معلومات أخرى بصعوبة، وهي أن قسم العمليات الكبرى، وما أدراكم ما قسم العمليات وعدد الأشخاص الذين يتواجدون فيه من أطباء وتمريض وعمال ومرضى. ظهرت هناك فيه 14 حالة إيجابية مصابة بفيروس كورونا، منهم عمال وممرضون، وطبعاً أطباء التخدير مرعوبين وخائفين لأن عملهم في هذا القسم ليلاً ونهاراً.
في القسم الذي أعمل فيه، إحدى العاملات كانت مخالطة للعاملين المصابين في قسم العمليات، جاءت لتعمل معنا، وبشكل طبيعي جداً، والمصيبة أنها دخلت كذلك قسم عمليات النسا، وحينما سألناها أخبرتنا أنها غير مصابة ونتيجتها سلبية!
أما قسم الاستقبال فحدِّث ولا حرج، في رعاية الباطنة بالاستقبال أصيبت ممرضة وظهرت نتيجة تحليها إيجابية، ولم يتم عزلها، بل استأنفت عملها بشكل طبيعي في المستشفى، والإجراء الوحيد الذي تم أنها ارتدت في يديها قفازات، وكمامة طبية من نوع n95، ولا شيء غير ذلك.
لم يفكر هؤلاء المسؤولون في الخطر الذي سيواجهه الناس الذين يتعاملون مع هذه الممرضة، وماذا عمَّن سيتعامَل معها؟ وماذا عمن تعامل معها وهي مصابة في المستشفى ويتعامل معنا نحن الآن؟!
في الصباح أخبرتني زميلتي في المشفى أنها كانت ذاهبة لركوب المصعد الكهربائي، فوجدت زحاماً كبيراً من الممرضات العاملات في قسم العمليات، والمصيبة أنهن ممن أُصبن بفيروس كورونا، وجاءت نتيجتهم إيجابية!
يخالطون الناس ويعملون في المشفى بشكل طبيعي، أخبرتها أننا متجهون لمستقبل كارثي أسود.
لا أفهم إلى متى ستظل حياتنا في مصر بهذا الشكل، نحن مواطنون ليس لهم ثمن في وطنهم، ومطلوب منا في ظل كل هذه الظروف الكارثية أن نؤدي وظيفتنا بشكل عادي جداً، وعلى أكمل وجه، وبلا أخطاء.
أودُّ أن أوجِّه رسالةً إلى الناس الذين ما زالو مستمرين في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي والنزول إلى الشارع وشراء ملابس العيد والكحك والبسكويت، نزولكم هذا يؤدي إلى كارثة عظيمة، وهذا جهل لا يجب أن تتباهوا به أبداً، وحينما تمرضون لن تجدوا أماكن للكشف ولا العزل، ولن تجدوا أطباء ولا ممرضين أصلاً.
ومَن سيُجرِّب الذهاب إلى مستشفيات العزل سيعيش أبشع أيام حياته.
منذ يومين وأنا لم أتوقف عن البكاء من الخوف الذي أشعر به على نفسي وأسرتي، والخطر الذي بات يلاحقنا كل حين.
أنا أعيش الآن في مكان موبوء، لا توجد به أي سياسة لمكافحة العدوى، حتى في أماكن الفحص والتحليل يتم إدخال الحالات الإيجابية المصابة بالفيروس والمشتبه فيها وراء بعضهم البعض دون أي تعقيم أو وقاية، وحين تحصل على العلاج فإنه يكون متأخراً عن الوقت اللازم.
الوضع بات كارثياً في مصر، وخرج فعلاً عن السيطرة، والأعداد المُعلنة غير واقعية إلى أبعد درجة.
لن أسامح أبداً كلَّ جاهلٍ نزل إلى الشارع وعرَّض الآخرين للعدوى، ولن أسامح وزارة الصحة التي استهترت بحياة العاملين والأطباء في القطاع الصحي، ولن أسامح المسؤولين الذين يتعاملون مع أرواح مواطنيهم وكأنها رخيصة بلا ثمن!.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.