زيَّنا البيت واتفقنا أن الشجار في اليوم مرتان.. أجمل رمضان قضيته مع عائلتي

عدد القراءات
1,894
عربي بوست
تم النشر: 2020/05/10 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/10 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش

لم يأتِ رمضان هذا العام كحاله في الأعوام الماضية.. فلا موائد رمضانية تجمعنا مع الأهل والأقارب، ولا صلاة تراويح وقيام ليل في المسجد.

الشاهد على ذلك يراه مُحزناً.. لكن ماذا لو أخبرتكم بأني ما لمست جماله من قبلُ كما هو عليه الآن..

كبر أطفالي وبدؤوا يدركون أن هناك شهراً مختلفاً عن بقية الأشهر في السنة.

هذه المرة.. بدأت معهم مرحلة مدهشة في تعلُّم ركن جديد من أركان الإسلام الذي ندين به.

لماذا علينا أن نصوم ونفطر؟ لماذا نجوع ونمتنع عن تناول الأكل والشراب من الفجر حتى غروب الشمس؟

هل فعلاً يصوم الأطفال كصيام العصفورة؟

أسئلة كثيرة حضَّرت لها نفسي، كي أنعشها في ذاكرتهم.

رمضان في بيتي هذا العام كان من أجمل الأشهر على الإطلاق.

صنعت مع زوجي وأطفالي زينة رمضان، لوَّنت معهم بعض الصور التي رسموها، علَّقنا الأنوار والفوانيس في زوايا البيت.. أتينا بالمسجد إلينا، وأصبحنا نصلي كل الصلوات جماعةً، نُسبِّح معاً بعد كل صلاة، وفي كل ليلة أحكي لهم عن رسول الله قصة جميلة، عن ولادته، عن حياته في البادية، عن وفاة أمه، عن صدقه وأمانته، عن ذكائه وشجاعته، عن حبه لأُمِّنا خديجة، عن صداقته مع أبي بكر الصديق، عن رحلته إلى السماء، وعن عطفه وحنانه على الأطفال.

كل يومٍ قصة بعشر دقائق فقط، يظلان بعدها ساعة أخرى يسألان عن تفاصيل عميقة تكاد لا تخطر على بالي.

كنت أستثمر لحظات حماستهم تلك لأخبرهم بأن حبيبنا محمداً أراد لنا في الصيام أن نتعلم كيف نكون أقوياء، وكيف نضبط أنفسنا.

أراد لنا أن نتعلم الانضباط والأمانة، وكيف نمتنع عن الأكل عندما لا يرانا أحد سوى الله، وكيف نشعر بإخواننا الفقراء الذين يجوعون فنعطف عليهم؟

في كل يوم أُخبرهم بأن الأطفال يصومون كالعصفورة، وأن الله سيساعدهم، وأنه يحب الأطفال جداً ولا ينزعج منهم لو أفطروا، لكنه سيكون فخوراً بهم وسعيداً لو صاموا، ولو كان صيامهم كالعصفورة يأكلون ثم يصومون، سيحصد كثيراً من الحسنات في البنك الذي نرصد به في الجنة.

إلى أن يكبروا ويدركوا بكل جوارحهم أنني كنت أربِّيهم بالرفق والحُب لا بالقسوة والإكراه، سيتذكرون ذلك جيداً.

كان في بيتي قرار مشترك بأن يكون طعامنا قليلاً من صنفين فقط مع عصير طبيعي أو لبن، شريطة ألا يأخذ وقتاً في التحضير أكثر من ساعة واحدة.

لقد كان ذلك رائعاً بالفعل، فرمضان ليس للمطبخ، رمضان من أجل أن نستعيد ما فاتنا من شغف وقوةٍ طوال العام.

رمضان لا يقتصر على السهر والأكل؛ بل من أجل العمل والاجتهاد ووترويح النفس..

رمضان ليس فقط بالعزائم والمطاعم؛ بل بما نصنعه معاً بكل حب.

اتفقنا أن يكون هذا الشهر من أجل أن ننجز أشياء كثيرة، من ضمنها صلة الرحم يومياً عن طريق مكالمة فيديو، وإنهاء الواجبات والامتحانات بوقت مبكر، والالتزام ببرنامج حفظ القرآن الروتيني، والمحافظة على الصلاة بعد الأذان مباشرة، والالتزام بالرياضة يومياً، ومتابعة فيلم أو مسلسل عائلي ذي قيمة.

أعمال المنزل يجب أن يتقاسمها كل أفراد العائلة، فكل واحد مسؤول عن توضيب فراشه وبعد الإفطار يقدم الجميع المساعدة. 

ولم أنسَ شجار الأطفال وعراكهم، فقد سمحت لهم مرتين في اليوم فقط، وقَّعنا هدنة ومن يلتزم له في العيد مفاجأة جميلة.

الأمر بدا مضحكاً في لحظته، لكنه نجح فعلاً، لم أكن أتخيل حجم الفرحة التي غمرت عائلتي، وحجم التغيير الذي أحدث فرقاً في حياتنا، فبعض القوانين اللطيفة أعادت بناء الأسرة بشكل أجمل.

النوم مبكراً والروتين لأطفالي كان الأهم في تجربتي، لأنني بعد هذا الجهد أحتاج أن أفكر في اللاشيء.. أريد أن أصفو لنفسي فقط، وأن أنجز أعمالي.

رمضان مع عائلتي هذا العام كان الأروع على الإطلاق.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تسنيم مخيمر
باحثة في الإعلام الموجه للطفل
معدة ومقدمة برامج تلفزيونية وباحثة في الإعلام الموجه للطفل
تحميل المزيد