انقلاب أو “ثورة” يوليو.. عندما انتقل لقب الباشا إلى العسكر

عربي بوست
تم النشر: 2024/07/23 الساعة 10:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/07/23 الساعة 10:40 بتوقيت غرينتش

يعود بي تاريخ انقلاب أو "ثورة" 23 يوليو إلى "ردّ قلبي"، الرواية والفيلم، أو حتّى المسلسل الذي لم أشاهده. "ردّ قلبي" من أبرز الأعمال التي مجّدت زمن انقلاب أو "ثورة" الضباط الأحرار على جور النظام الملكّي والطبقة العليا المستبدّة بمقدّرات الشعب الُمضام المُفقّر مقابل رفاهها وبذخها.

يصوّر يوسف السباعي "الثورة" في روايته بمنتهى المثاليّة، ليس فقط لكونه ابن المؤسسة العسكريّة، بل لأنّه كتب عمله الأدبيّ في أوج الحدث، في وقت لم تحد فيه الحركة بشكل جليّ بعد عن المبادئ التي رسمتها، وإن كان السباعي ممّن باركوا انحرافها نحو الاستبداد.

صدرت الرواية سنة 1954، أي بعد ما يزيد عن عام ونصف من الثورة. لا أدري زمن الكتابة أو الإصدار بالتحديد، لكن حتّى إن كانت بعد الإطاحة بـ محمد نجيب جرّاء أزمة مارس 1954 التي مثّلت انحرافًا مفصليًا للثورة، فلا أظنّ أنّ السباعي كان من معارضي تنحيته، إذ بقي يتدرّج في المناصب بعدها مستفيدًا من الحكم العسكريّ.

رواية رد قلبي

عام ونصف بعد "الثورة" كانا كافيين للانحراف عن مبادئها من عدالة اجتماعيّة وإقامة ديمقراطيّة، فقد خرج الجيش من ثكناته وخرج جشع قادته عن السيّطرة، فصار سريعًا إلى ما ثار عليه. صار هو المستبدّ بالحكم، صار الطبقة العليا المستأثرة بالثروات والمناصب على حساب الشعب المُفقّر.

تحوّل "علي، ابن عبد الواحد الجنايني" إلى "الأمير علاء"، الذي كان يفترض أنّه قُتل فيه طغيان وجشع وتعالي تلك الطبقة. حتّى ألقاب الباشويّة والبكويّة التي ألغيت لكسر عنجهيّة الطبقة العليا، صارت بعضها تُطلَق على الطبقة العليا الجديدة من ضبّاط عسكر وشرطة.

وقد كان تَفطُّن جمال عبد الناصر لخطر ما اقترف متأخّرًا إثر هزيمة 1967 ومحدود الأثر، ربّما لأنّ جانبًا منه جاء جرّاء ضغط الشارع، وقد قام بإصلاحات سياسيّة وشكّل حكومة جديدة أغلبها من المدنيّين، وسعى لإعادة توجيه جهد الجيش نحو مهمّته الأساس التي حاد تركيزه عنها بانشغاله بوضع اليد على مقدّرات البلاد. غير أنّ موت عبد الناصر بعد سنتين من بداية تلك الإجراءات المحدودة ومن ثمّ التسويق لكذبة نصر أكتوبر أعادت تعميق براثن العسكر حيث كانت وأكثر في دواليب حكم واقتصاد مصر.

مارست الطبقة المهيمنة الجديدة أنواعًا بشعة من الظلم والقمع لم تبلغها فترة الملكيّة بالنظر إلى النبض التاريخي للزمنين. وتعرف مصر الآن أشنع أشكال الاستبداد والقمع على يد هذا النظام العسكريّ بقيادة السيسي لكسر إرادة الشعب وإخضاعه بعد أن حاول تصحيح المسار في ثورة 2011 وسعى إلى حياة ديمقراطيّة سليمة وإعادة الجيش إلى ثكناته.

لقد كانت فترة حكم محمّد مرسي قصيرة متعثّرة مثل فترة حكم محمد نجيب واستفاقة عبد الناصر المتأخّرة المحدودة. أطاح به العسكر الرافض للديمقراطيّة والعودة للثكنات والتخلّي عن الامتيازات، والخائف أيضًا من المحاسبة على ما اقترف ونهب.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالمنعم حواس
كاتب تونسي
سيناريست وكاتب تونسي
تحميل المزيد