يتداول الإعلام العربي عددًا من المصطلحات والمفاهيم التي تحتاج إلى تصحيح، ونختار في هذه المقالة أهم هذه المصطلحات. الأول جيش الدفاع الإسرائيلي؛ كانت إسرائيل منذ نشأتها تدعي أنها زرعت في وسط عربي شرير ولذلك هي دائما تدافع عن نفسها. وللأسف الشديد قبلت مصر بصفقة السلام التي أبرمها السادات مع إسرائيل النظرية الإسرائيلية. وكانت تلك هي الأساس في أن قررت إسرائيل أن مصر هي المعتدية دائمًا وتستخدم شبه جزيرة سيناء للانقضاض عليها، ولذلك فإن الهدف الاستراتيجي في سيناء هو حرمان مصر منها. وتقول إسرائيل صراحة ذلك ويستدلون على صحة ذلك بأن إسرائيل عندما احتلت سيناء استغلتها استغلالًا حسنًا، وعندما أعادتها إلى مصر أهملت مصر سيناء عدا المشروعات الوهمية لإعمار سيناء التي رددتها كافة الحكومات المصرية.
واستناداً إلى هذا الطرح تجاسرت إسرائيل وقدمت الملحق الأول للمعاهدة الخاص بالترتيبات الأمنية، حيث حرمت الجيش المصري من حرية العمل في سيناء. واستدلت على عدم وجود هجوم من مصر على إسرائيل بصحة هذه النظرية الإسرائيلية، فقبل السادات ذلك من إسرائيل.
والحقيقة أن الجيش الإسرائيلي هو جيش العدوان، وأن مصر طوال تاريخها منذ عصر الفراعنة لم تعتدِ على أحد. في عام 1967 تمسكت إسرائيل بحق الدفاع الشرعي الوقائي واعتبرت أن مصر هي التي بدأت العدوان عليها بالتصريحات النارية لجمال عبد الناصر وكذلك بحشد عشرات الآلاف من الجنود المنسحبين من اليمن في سيناء وتهديد إسرائيل. ولذلك روجت إسرائيل لنظرية الدفاع الشرعي الوقائي واعتبرت مصر هي المعتدية، كما اعتبرت إسرائيل احتلال سيناء وهزيمة الجيش المصري مكافأة النصر وعقابًا لمصر على تجرؤها على إسرائيل.
وننصح بأن يستخدم الإعلام العربي جيش الإبادة بدلًا من جيش الدفاع الذي يكرره الإعلام العربي بطريقة آلية.
المصطلح الثاني أن الإعلام العربي يكرر مقولة إسرائيل وهي أن المقاومة هي التي بدأت الحرب، والصحيح أن المقاومة صبرت على إسرائيل عدة عقود من القهر والإبادة واذلال الفلسطينيين وتدنيس المسجد الأقصى. كما أن الإعلام العربي يتفق مع إسرائيل في أن المقاومة إن أرادت تستطيع أن توقف الحرب إما بالاستسلام أو بالمرونة والتنازل لإسرائيل.
المصطلح الثالث يردد الإعلام العربي مصطلح الحرب على غزة مثلما ردد من قبل مصطلح الحرب على العراق، علمًا بأنها كانت حربًا عدوانية على العراق أبادت فيها الولايات المتحدة وبريطانيا أكثر من 2 مليوني عراقي. ومع ذلك، وبسبب التواطؤ العربي مع المحتلين انتقامًا من صدام حسين، ردد الإعلام العربي الحرب على العراق. والصحيح إنها حملة إبادة منظمة من إسرائيل سابقة على ظهور المقاومة، لأن المشروع الصهيوني يقضي بإبادة الشعب الفلسطيني. كما أن سلوك إسرائيل يقطع بنيتها في الإبادة، كما سوف نعالجها تفصيلًا في مقال آخر.
المصطلح الرابع مصطلح الوسطاء وهم مصر وقطر والولايات المتحدة مع الشك الكامل في الوساطة الأمريكية، مادامت واشنطن قد أعلنت بكل الطرق مساهمتها في حملة الإبادة بالسلاح والمال والقتال المباشر ضد المقاومة، وكذلك باستخدام الفيتو في مجلس الأمن لإحباط أي محاولة لوقف أعمال الإبادة.
المصطلح الخامس وقف إطلاق النار، وهذا مصطلح خبيث لأنه يعني أن هناك إطلاق نار من الطرفين المتحاربين، والصحيح هو وقف الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني، لأن المقاومة هي رد فعل لتصرفات إسرائيل، وبالتالي فهو ليس وقفًا لإطلاق النار. هذا المصطلح ينطبق على جيوش الدول المتحاربة، ولذلك في حالة المقاومة لا يصح إطلاق هذا المصطلح.
المصطلح السادس هو زعم بعض وزراء الخارجية وتكرار تداول الإعلام العربي للمقولات الفاسدة التي يطلقها وزراء الخارجية العرب، مثل تأكيدهم بأن حماس هي المسؤولة عن إبادة الشعب الفلسطيني وأن حماس دخيلة على الشعب الفلسطيني وأنها تنفذ أجندات أجنبية على حساب الشعب الفلسطيني. وواجب الإعلام العربي أن يتصدى لهذه الترهات المساندة لإسرائيل، لولا أنه إعلام النظم العربية ولا يحمل من العربي سوى أنه يتحدث اللغة العربية، بعد أن تم اختراق إسرائيل لكل الدول العربية وكادت أعلام العروبة تطوى لتحل محلها أعلام الصهيونية.
المصطلح السابع ترديد الإعلام العربي بأن الحرب التي تشنها إسرائيل هي حرب بين حماس وإسرائيل، والصحيح أنها حرب بين فلسطين وإسرائيل بصرف النظر عن موقف السلطة ورئيسها من الموضوع. فحماس ليست منظمة أجنبية ولا تعمل لحسابها، وإنما هي حرب لإبادة الشعب الفلسطيني تتصدى لها المقاومة. تمامًا كما أُطلقت مصطلحات عامة على الكثير من أحداث الصراع العربي الإسرائيلي، والحقيقة أنه ليس صراعًا عربيًا إسرائيليًا مادام بعض الحكام العرب متواطئين مع إسرائيل ضد الفلسطينيين ولو بشكل غير مباشر. كما أن هؤلاء الحكام يحملون الحقد على المقاومة لأنها تؤدي في النهاية إلى تفكيك إسرائيل فيفقدون مبرر بقائهم في السلطة.
المصطلح الثامن، أن الإعلام العربي لا يتطرق إلى حقيقة موقف الحكام العرب بين إسرائيل والمقاومة، ولا يفسر تقاعس الحكام العرب والمسلمين عن إنقاذ غزة رغم أنهم اتخذوا عددًا من القرارات في القمة الطارئة العربية الإسلامية في الرياض في 2023.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.