مواجهة النظام العالمي وتفكيك هيمنته.. أهم خطوات النصر المنشود

عربي بوست
تم النشر: 2024/06/28 الساعة 10:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/06/28 الساعة 10:07 بتوقيت غرينتش

قلنا أكثر من مرة وفي مناسبات عديدة، إن للحضارات والأنظمة السياسية هوية تجمعها وتقوم على أساسها، حتى لو كان استنزاف طاقات وموارد العالم عنوانها.

ولما كان طوفان الأقصى قد جاء على الشواطىء الآمنة لعقود، فجرف معه زبدها وظاهرها الناعم، فقد كشف جوهر الأشياء، وأبان عن حقيقة بواطن الأمور بعدما كان الران قد غطى عليها!

ومن ضمن ذلك، فإن مواجهة النظام العالمي المتسلط وتحطيم هيمنته على المشهد ليس فعلاً فردياً أو لحظة انقلاب مفاجئة، بل هو مقابلة نظام بآخر، وتفكيك يبدأ من الأساس المخفي وحتى قمته الظاهرة، وهو ما نراه يتحقق اليوم وعلى نحو ربما غير منظور للكثيرين، وليس بعيداً عن ذلك حالة الكشف والتجلي التي يحدثها نقاء مياه الطوفان، والذي يوقف الكثير من الأدعياء في الضفة الكالحة السوداء.

نعم، أدرك يقيناً وأنا أكتب هذه الكلمات في أمان واطمئنان، أن من يعيش منذ شهور تحت وطأة النيران لا ينتظر كلمات حتى يستشعر اليقين بالنصر، مع أن جيل النصر يحمل بشائره اليوم دون شك، ولكن ما أريد للآخرين علمه وفهمه والإيمان به، أن بعض الخطوات لازمة وتحتاج صبراً ليس بالقليل، وإن حركة النضال في التاريخ إنما بنت نفسها طابوقة بعد أخرى، حتى ارتفع البنيان!

هل هذا كلام إنشائي وقصيدة تغني بالبطولات وحسب؟!

أبداً، ففي المقابل لو نظرنا إلى ما يحصل بتمعن فهو سيمنحنا إضاءة باهرة للعبور خطوات إلى الأمام:

أليست استعادة فلسطين لموقعها اللائق بها في الاهتمام تفكيكاً مهماً في أسس النظام الداعم للكيان الغاصب المحتل؟!

أليس كشف زيف الديمقراطية الغربية انتصاراً للإنسانية وقبلها تقويضاً لهذا الركن الجاذب والخادع في أساس ذلك النظام؟!

أليس سجل الشهادة الوضّاء الذي يزداد يومياً بصبر ورباط فلسطيني عجيب وينعكس توهجاً عربياً وإسلامياً بعد طول انطفاء، سيكون محطة سوداء في تاريخ الدول الداعمة للنظام الوحشي الذي لا يعرف لغة سوى المحو للآخر والإقصاء؟!

إنها مكاسب لا ترى بسهولة، ولا تلمس بالأيدي، لكنها على المدى البعيد عظيمة في تأثيرها، بالغة في تردداتها على مقياس الإنسانية والفعل الاستراتيجي على حد سواء..

وأحياناً كثيرة، يتعجب البعض من سقوط الأنظمة القوية في لحظة مفاجئة، لكنها حقيقة هي إعلان وفاة رسمية لا أكثر بعد أن تكون ماتت سريرياً، وظلت واقفة على أسس هشة انهارت بمن معها بأضعف ريح حق واجهتها على غير ميعاد.

وحينها سيكتب المؤرخون تأريخاً جديداً، عن نظام كان طاغياً لعقود لكنه زال في لحظة انبلاج فجر على يد ثلة من المؤمنين الأبطال.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عامر ممدوح
أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة العراقية
أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة العراقية
تحميل المزيد