يغرد القلم ليسطر آلام وطن وأوجاع أمة.. اليوم العالمي للصحافة

عربي بوست
تم النشر: 2024/05/03 الساعة 08:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/05/03 الساعة 08:05 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية عن قمع الصحفيين/shutterstock

يحتفل العالم اليوم 3 مايو بحرية الصحافة، وفيه يحرص الإعلاميون من كتاب وصحفيين ومفكرين، من أصحاب الأقلام الحرة والذين يحملون أمانة الكلمة والمسؤولية الكبيرة تجاه مستقبلي الكلمة والمعلومة، سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، في توضيح أهمية نقل الخبر الصادق وكتابة وتدوين المعلومة الصحيحة. 

يحرص كل كاتب صحفي ذي ضمير حي في هذا اليوم على أن يوضح أهمية التمسك بأمانة الكلمة، وامتلاك المصداقية الشديدة في نقل الخبر، والأهم من ذلك كله احترام عقلية وذكاء مستقبل المعلومة (القارئ) وعدم الاستخفاف به.

فأهمية صدق الكلمة وصحة المعلومة مهمة جداً في التأثير على القارئ، والذي يؤثر بالتالي على المجتمع ثم على الدولة ككل، وهنا يتحدد تأثيرها والذي قد يؤدي إلى تغيير جذري في ثقافة وتوجهات المجتمع والدولة ككل، سياسياً واجتماعياً وأخلاقياً، وتتحدد نوعية التأثير هذا بالسلب أو بالإيجاب على المجتمعات، بمدى مصداقية الكلمة التي تنشرها الصحافة في هذه الدول، ومدى صحة المعلومة التي يتم نشرها، ولذلك يطلق على الصحافة، "السلطة الرابعة"، وذلك لتأثيرها القوي في المجتمعات وعلى توجهات الشعوب.

ولذلك تحرص الأنظمة الديكتاتورية على تقييد حرية الصحافة من أجل حجب المعلومة والخبر الصحيح الصادق، وتجعل من الصحافة صحافة موجهة وبوقاً يتحدث باسمها وينشر ما يخدم النظام وتوجهاته ويصب في مصلحته فقط من أجل تغييب الشعوب؛ ليسهل لها (أي النظام) التحكم في مقدرات البلاد والعباد والمال العام للدولة، ولتستطيع أن تتحكم في سياسات الدولة داخلياً وخارجياً منفردة ودون اعتبار لمصلحة الوطن والمواطن.

والأهم من ذلك كله قيام تلك النظم الديكتاتورية بتقييد حرية حركة الصحفي وتمنعه من التواجد في مكان الحدث وتحرمه من التغطية الميدانية حتى لا يتمكن من نقل الخبر الصحيح للمشاهد، وتمنع تسليط الضوء على الأحداث التي تقع وتحرم المشاهد والجهات القضائية والقانونية في الدولة من الاطلاع على المعلومة الصحيحة، كل ذلك من أجل التعتيم التام على جرائمهم، ولكي يتسنى لها قهر الشعوب وزيادة البطش والتنكيل بهم، ولتتمكن من إنزال غضبها وبطريقة عشوائية في المواطنين وارتكاب جرائم ضدهم من أجل تركيع المواطن وزيادة إذلاله، لكي يتسنى لها الانفراد بالحكم وزيادة قبضتها الأمنية في البلاد بعد ترويض جميع مؤسسات الدولة لها.

وبهذا المنهج تقوم هذه الأنظمة بارتكاب مجازر في حق مواطنيها، وإنزال الرعب بهم من أجل إجبارهم على النزوح خوفاً من البطش والقتل من ديارهم ومن مناطق بعينها، وذلك من أجل تنفيذ أجندات خاصة بها، أو تمرير مشاريع للغير يراد تنفيذها في البلاد، لا يعنيهم قهر المواطن وتشرده. تستخدم في ذلك ذريعة محاربة ومكافحة الإرهاب، بعد أن تستغل حوادث إرهابية متكررة تحدث في البلاد من أجل تمرير هذا التوجه.

ولخدمة هذا التوجه أيضاً، تقوم هذه الأنظمة الديكتاتورية بترويض بعض الأقلام الرخيصة، وممن لا مبدأ لهم ولا ضمير ومن أنصاف الصحفيين ليعملوا لديهم ولخدمة أهدافهم، بجانب نشر الجهل وتدمير الثقافات، وخصوصاً القيم الدينية والوطنية والأخلاقية للشعوب، لتجعل منهم شعوباً ذليلة تابعة، لا مستقبل لها ولا أمل في حياة كريمة.

أما الأحرار من الصحفيين والذين لا يختزل قلمهم ولا يباع، والذين يحتكمون إلى ضمائرهم ولا يرضخون للتهديد والوعيد، يسعون إلى الهروب من بطش هذه الأنظمة، باحثين عن مناخ صحي آمن ليستطيعوا فيه استشاف عبير الحرية، لتستمر أقلامهم تبحر بين السطور بحرية، تنقل من خلالها أوجاع الإنسان وآلامه، وتدون له وللتاريخ مظلمته وقهره، ومدى تسلط قوى الشر ناهبي ثروات الشعوب والمتعطشين إلى السلطة بالبلاد بهم، ولتفضح وتعري جرائمهم في حق الوطن والمواطن.

نعم، يغرد القلم بحرية؛ ليسطر آلام وطن وأوجاع أمة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

يسري عبدالعزيز
كاتب مقيم في ألمانيا
كاتب ومهندس مصري مقيم في ألمانيا
تحميل المزيد