العيد في غزة.. وأهلها المنهكون من الأحزان!

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/12 الساعة 11:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/12 الساعة 11:14 بتوقيت غرينتش
فلسطينيون يقيمون صلاة عيد الفطر المبارك في قطاع غزة فوق أنقاض مسجد دمرته إسرائيل/ الأناضول

أليس كثير على أي منّا أن يحمل على كاهله هموم ومتاعب أمسه ومعاناة يومه وما يخبئه الغد، فكأنه لم يكفه ما هو عليه من واقع وحاضر مؤلم نتيجة أحداث يتجرّع مرارتها كلما أقبلت مناسبة كالعيد أو غيره ليجد نفسه بين كومة تجتمع فيها صنوف الألم والعذاب الممزوج بالحنين إلى أيام وبيوت وأمكنة كانت تجمع فيها أفراد العائلة والأهل والأقارب والأصحاب والجيران، ولسان حاله يقول:

 لم يبقَ لي شيء أحتفل به، كل الذين أعرفهم لم أعد أراهم، وكل الذين أحبهم استشهدوا، لم يبقَ سوى ذكريات تضيف ملحاً على الجراح، لا سيما في أيام العيد التي تمر على الفلسطينيين في قطاع غزة كتابوت حزن لا تتسع بقاع الأرض لدفنه.

غابت بهجة العيد في هذا العام عن غزة المنهك أهله والمحاصر، من عدو بغيض محتل لا يعرف إلاّ القتل والخراب والفساد في الأرض، وقريب يرى الظلم ويسمع، ولا يُحرّك ساكناً.

انطفأت تلك الألوان الزاهية والأضواء البراقة وضجيج الناس، والخطوات التي يتسابقون بها لملء الأرصفة والشوارع والحارات، وحضرت أصوات القصف والصراخ والفقد والدمار، فلا ملابس جديدة ولا بحث عن مكان للتنزه، سوى مكان يجلس فيه الواحد ويجّمع ما تناثر من ذكريات، ويبكي بحرقة على فراق الأحبة، يذرف دموعاً يرجوها أن تبرّد نيران الحزن في جوفه.

ممتلئة القلوب بالحزن والوجع، شاحبة الحياة في العيون وتغص الحناجر ألماً، ترجف الأصوات رهبة وتفيض المدامع أسىً، تتوقف الصدور عن التنفس حتى يكاد تختنق، تتوقف عجلة الحياة عن الدوران للحظات من هول المُصاب الجلل التي لا يمكن أن يستوعبه إنسان!

أحزان تتوزع على مساحة أرض تكثُر فيها الآلام، يتجرّعون مُر الفراق وألم الفقد، تعتصرهم العبرات التي ستبقى موشومة حسرة في القلوب وجراح لا تبرأ.

هذا هو حال أهل غزة في هذا العيد  فكل عائلة تتذكر فقيدها وجريحها أباً كان أو أماً أو أخاً وأختاً أو ابناً وبنتاً أو من الجيران، هذا ما يشعر به الفلسطيني في قطاع غزة عندما تعود به الذاكرة إلى الأحداث التي مرت وتمرُ عليه، وما زالت جاثمة على صدره ومخيلته، أحداث يفوق وقعها آلاف الكلمات كم قيدته ومنعته من بهجة العيد وفرحته المسلوبة، مستذكراً كل مآسيه وآلامه، يفتح خزائن أحزانه كتابوت حزن لا تتسع الأرض لدفنه.

أرجوكم.. خذوا العيد.. خذوه بعيداً، أما نحن فسنظل ندفن شهداءنا ونوزع الزغاريد لا الحلوى على قبورهم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ظاهر صالح
كاتب وصحفي فلسطيني
كاتب وصحفي فلسطيني
تحميل المزيد