فرصة العُمر وغنيمة عظيمة.. أهم ما عليك فعله في العشر الأواخر من رمضان

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/04 الساعة 11:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/04 الساعة 11:25 بتوقيت غرينتش

لقد نَزَلَت بكم العشر الأواخر من رمضان المبارك، فيها الخيرات والأجور، وفيها تتضاعف الحسنات، وتُكفَّر فيها السيِّئات، وتُغفَر فيها الذنوب، ويُعوّض العبد فيها ما فاته من الخير، وهذه الأيام فيها الكثير من الفضائل المشهورة والخصائص العظيمة، فمن خصائصها أَنَّ النَّبِيَّ كان يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، ففي صحيح مسلم عن عائشة (رضي الله عنها): (أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كان يَجْتَهِدُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ) [مسلم (1175)].

فكان النَّبِي صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها أكثر مما يجتهد في غيرها بجميع أنواع العبادات والطاعات كالصلاة وتلاوة القرآن والذكر والصدقة وغيرها، وإنها فرصة العُمر وغنيمة لمن وفقه الله (عز وجل).

فلا ينبغي للمؤمن العاقل أن يُفوّت هذه الفرصة الثمينة على نفسه وأهله، فما هي إلا ليال معدودة، ربما يُدْرِك الإنسان فيها نفحة من نفحات المولى فتكون سعادة له في الدنيا والآخرة، وإنه لَمِن الحرمان العظيم والخسارة الفادحة أن ترى كثيراً من المسلمين يمضُونَ هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون معظم الليل في اللهو الباطل، فإذا جاء وقت القيام ناموا عنه وفوَّتُوا عَلَى أنفسهم خيراً كثيراً لعلهم لا يدركونه بعد عامهم هذا أبداً، وهذا من تلاعب الشيطان ومكره بهم، وصده إياهم عن سبيل الله.

والعشر الأواخر من رمضان أوقات فاضلة ونفحات ربانية مباركة، والواجب على المسلم استثمارها واغتنام كل لحظة فيها بالطاعات والقربات، والابتعاد عن الخصومة والتباغض والتشاحن وتصفية القلوب من الغل والحقد والحسد تجاه المسلمين، فقد تكون هذه المثالب سبباً في الحرمان من العفو والمغفرة فيها، ومن أراد العفو من الله فليبادر في العشر الأواخر بالعفو عن الناس.

ويجب على المسلم التفرغ التام لعبادة الله تعالى وطاعته في تلك الأيام، وتحري ليلة القدر فيها، فهي ليلةٌ خير من ألف شهر، ففي الصحيحين عن عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت: (كان النبي ﷺ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده). 

والغاية من الاعتكاف أن يتفرغ المعتكف للانشغال بمناجاة خالقه سبحانه وتعالى ودعائه، ومحاسبة نفسه، وقراءة كتاب الله سبحانه وتعالى، والتأمل فيه، والصلاة، والتفكر في أمور دينه، والاشتغال بإصلاح عيوب نفسه، ويقضي أغلب وقته في هذه الأمور؛ لعل الله سبحانه وتعالى أن يتقبله في عباده المتقين، وأن يقبل منه. وكان السلف الصالح رضي الله عنهم يجتهدون في العشر الأواخر من رمضان ولياليها، ويحرصون على الاغتسال والتطيّب في هذه الليالي المباركة، كما يحرصون على إيقاظ الأهل لأداء العبادات والطاعات، فقد رُوي عن سفيان الثوريّ رضي الله عنه أنّه كان يُوقظ أهله لقيام العشر الأواخر، إذ قال في ذلك: "أَحبّ إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يَتهجَّد باللَّيل، ويَجتهِد فيه، ويُنهِض أهله وولدَه للصَّلاة إن أطاقوا ذلك". وكذلك عنايتهم بالقرآن في تلك الليالي، فقد كان السلف الصالح يجتهدون في قراءة القرآن الكريم في الأيام العشر من رمضان، إذ رُوي عن قتادة رضي الله عنه أنّه كان يختم القرآن في ثلاثة أيامٍ من شهر رمضان، فإذا دخلت العشر الأواخر ختمه كلّ ليلةٍ. 

إن هذه الليالي الفاضلة فرصة عظيمة ينبغي أن يستثمر المسلم كل لحظاتها بكل عمل صالح يقربه من خالقه، وأن يشغل نفسه بالركوع والسجود، والقيام بين يدي الحي المعبود، وأن يخفف عن المساكين والمحتاجين ما يجدونه من الضيق. فالنفس أيها المسلم إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، واقتادك هواها إلى ما يغضب خالقك، فاحذر أن يراك حيث نهاك، وأن يفتقدك حيث أمرك.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
علي الصلابي
داعية ومؤرخ إسلامي
داعية ومؤرخ إسلامي متخصص في قضايا الفكر السياسي والتاريخ الإسلامي
تحميل المزيد