الحرائق في الجزائر والترصد في فرنسا

تم النشر: 2023/07/28 الساعة 08:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/28 الساعة 08:50 بتوقيت غرينتش
حرائق الغابات في الجزائر (أرشيف) / رويترز

أصبح الصيف نذير شؤم، يحصد الأرواح كل عام وسنة؛ متأتياً بمصائب لا يحتملها بلد يكابد شعبه مناغص النائبات كل حين وغرة؛ ويختزن في طيات مكنوناته وشواهد ذكرياته صراعات لا تكاد تنتهي مع الفاجعات والمحن، المثقلات الكواهل، محطمات العواطف، العاصفات بالأحاسيس الجميلة؛ المغيرة على جميع من في هذا الوطن بالأحزان، الدموع والمآسي، وما يزيد الطين بلة أن البعض ينتظر السقطة؛ ليبتسم ويتذوق لذة وطعم النكاية في الجزائر وضمن أولئك توجد فرنسا.

الجزائر حرائق الغابات
حرائق الغابات في الجزائر / رويترز

هي هكذا العلاقة التي تربط الجزائر بفرنسا وإعلامها، فكلما حلت بالجزائر فاجعة تجد أن الأبواق الفرنسية تخرج على حين غرة تزرع البلبلة وتهرع فرحة لتلك المنابر التي تمتلكها لنشر الفتنة والدعايات المغرضة التي لا ترمي أبداً للم الشمل، إنما للتفرقة، ضاربة بإعلامها استقرار الجزائر الشعبي ووحدة شعبها التي لا يمكن تفرقته ولا دفعه لذلك، فالجزائر بمختلف ولاياتها أخرجت فرنسا بجيشها الذي كانت تراه غير قابل للهزيمة خائر القوى متهاوي النفس متهالك الصفوف، وأسست بلحمة أبنائها وتراص صفوف جيشها بلداً قوياً يحسب له ألف حساب في المنطقة العربية والإفريقية والمتوسطية؛ تحدث الإعلام الفرنسي خاصة ذاك التابع للقنوات الرسمية عن عجز الجزائر في السيطرة على الحرائق متناسياً ما يحدث في دول الاتحاد الأوروبي.

و ركز الإعلام هناك على ولايتين دون البقية علماً أن الحرائق استعرت في 17 ولاية كاملة، وفرت الجزائر خلالها جميع الإمكانات المادية والبشرية بغية إخمادها وهو الشيء الذي تمكنت من تحقيقه في ظرف وجيز رغم الرياح القوية التي كانت تساهم بشكل كبير جداً في انتشار الحرائق؛ هذه الظواهر الطبيعية هي أشياء تأتي وقت ما شاء لها أن تكون، ولذلك فإن الإنسان في كثير من الأحيان يقف عاجزاً أمام الطبيعة، إلا أنه يمكن له أن يخفف من الضحايا والخسائر المادية، وهو ما قامت به الجزائر حكومة وشعباً وجيشاً خلال هذه المحنة التي ألمّت بنا.
ذلك الذي لم يعجب فرنسا وأبواقها وإستثمرت في الأمر كأفعى الكوبرا، نافثة سمومها من وراء البحار على البلاد، وآكلة من لحم الضحايا الذين وافتهم المنية في هذه الحرائق دونما احترام لهم ولعائلاتهم، ولكن هي هكذا فرنسا الاستعمارية، فلطالما عودتنا على سياسة الأرض المحروقة.

وكانت وكالة الأنباء الجزائرية محقة عندما كتبت: "ففي الوقت الذي تحترق فيه معظم مناطق حوض المتوسط، التي تفترسها ألسنة النيران بشكل غير مسبوق؛ مخلفة خسائر بشرية في كل من اليونان وإيطاليا وكورسيكا وإسبانيا والجزائر، لم تجد قناة "فرانس 24″ المبتذلة والمشينة سوى استهداف الجزائر، كعادتها ودون أدنى احترام لأرواح الضحايا، وكأن الحرائق لم تطل سوى الجزائر دون غيرها مع أن عديد دول حوض المتوسط تحترق بسبب درجات حرارة قياسية تجاوزت 50 درجة مئوية". 

وهنا باسمي وباسم جميع من يقرأ ندعو الله أن يرحم شهداء الواجب الوطني ممن سبلوا أنفسهم لخدمة الوطن والمواطن؛ وأن يعين أولئك الذين ما زالوا في الجبال يقاومون حر الجو ولهيب النيران؛ رحم الله المواطنين والمواطنات الذين توفوا في هذه الفاجعة الأليمة، وألهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان وجعل الجزائر آمنة موحدة مستقرة رخاء رغداً؛ إنا لله وإنا إليه راجعون.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبد القادر باغلي
كاتب جزائري
تحميل المزيد