أقرَّ رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في اجتماع لمجلس الوزراء، بتاريخ 28 مايو 2022، إدراج الصحافة الإلكترونية كآلية جديدة لنشر الإشهار العمومي، حسب ما تضمنه بيان لرئاسة الجمهورية بالتاريخ ذاته، ويشار إلى أن الإشهار العمومي كان مقتصراً على الصحافة "المكتوبة" التقليدية، فقط عبر الوكالة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار "أناب"، وهي المخولة قانوناً بنشر الإشهار العمومي وتوزيعه وفق القانون.
ويأتي إدراج هذا البند المفصلي في نظر ممارسي مهنة الصحافة ضمن القانون المتعلق بالصفقات العامة، الذي تمت مناقشته على طاولة مجلس الحكومة، ثم مجلس الوزراء، للمصادقة عليه، في حين من المقرر أن يمرر القانون الخاص بقواعد الصفقات العمومية على البرلمان بغرفتيه للإثراء والمناقشة والمصادقة، ليُنشر في الجريدة الرسمية ويدخل حيّز التنفيذ منذ تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
واستحسنت نقابات مهنية تنتمي لقطاع الصحافة هذا القرار ، حيث وصف المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين، في بيانٍ له، قرار السيد الرئيس بالجريء والتاريخي، وجاء في البيان "بشأن إدراج الصحافة الإلكترونية المعتمدة كآلية جديدة لإشهار الصفقات العمومية، يعتبر قرار رئيس الجمهورية قراراً جريئاً وتاريخياً، سيُحدث ثورةً في مجال رقمنة الإعلام في الجزائر، وتعزيز الحرية الإعلامية، ويدعم التطور التكنولوجي الحديث في قطاع الإعلام الإلكتروني".
وبصفتي أمارس مجال الصحافة الإلكترونية منذ أكثر من 7 سنوات، فإن القرار فعلاً أشبه بالثورة في قطاع الإعلام، وخاصةً أن الإعلام الإلكتروني في الجزائر قد فرض منطقه وكلمته منذ سنوات، وخاصةً بعد تقنينه وتنظيمه بالاعتماد على تعليمات السيد الرئيس بتاريخ 4 فبراير 2020، أي بعد أقل من شهرين من انتخابه رئيساً للجمهورية، وهو ما يترجم إرادة الرئيس تبون في إحداث ثورة، ونقل الإعلام إلى الاحترافية، ومراهنته على الإعلام الرقمي وفق ما يقتضيه الواقع الجديد والثورة التكنولوجية، في ظل انحسار الإعلام التقليدي وتعويضه بالإعلام الإلكتروني تدريجياً.
وشهد تقنين الصحافة الإلكترونية في الجزائر مراحل عديدة ومفصلية، بداية بـتعليمات الرئيس للوزير الأول آنذاك، كما ذكرت في السابق، ثم إدخالها إلى الدستور الجديد ولأول مرة بتاريخ 1 نوفمبر 2020، لتشهد في الشهر ذاته صدور المرسوم التنفيذي 20/332، بناء على قانون الإعلام 2012، الذي عرف مصطلح الصحافة الإلكترونية لأول مرة، ولكنّه بقي حبيس الأدراج حتى صدور المرسوم.
وعرفت الجزائر قبل أسابيع صدور قانون عضوي جديد للإعلام، مبني على نظرة جديدة للقطاع، وشهد هذا القانون مساحةً كبيرة من النقاش والإثراء والتعديلات من طرف الجهات التي هي على صلة بالموضوع، وعلى رأسها ممارسو الصحافة ومديرو النشر، في حين يناقش المجلس الشعبي الوطني خلال هذه الفترة قانونين منفصلين للصحافة الإلكترونية والمكتوبة والسمعي البصري، الذي يعرف هو الآخر خطوات ثابتة لتنظيمه وإخراجه من العشوائية التي يغرق فيها، هو عهد جديد دخله الإعلام الجزائري، وخاصةً الإعلام الإلكتروني منه، وهو ما سيُنهي فوضى الإشهار والنشر التي كانت في العهد البائد، ويعيد الأمور إلى نصابها، ومن بينها تحسين ظروف المنتسبين إلى القطاع الإعلامي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.