تجربتي مع روايات أيمن العتوم.. هكذا أدمنت قراءة أعماله!

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/02 الساعة 13:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/02 الساعة 13:55 بتوقيت غرينتش

كانت تجربتي الأولى مع أعمال الدكتور والروائي أيمن العتوم هي رواية "يا صاحبي السجن" عرفتُ من خلالها الكاتب، وبعد أن أنهيت قراءة "يا صاحبي السجن" عاهدت نفسي أن أقرأ جميع كتابات الدكتور وقرأت ما استطعت أن أحصل عليه من روايات أيمن العتوم، وبعد أن حصلت على الروايات مباشرة عشت معه في سجنه وشاركته في مشاعره وأوجاعه، وعن طريق سجنه سمعت أحاسيسه.

وخضت معه "طريق جهنم"، ثم ألقاني في بحر الجن حتى أدركت البرزخ في تسعة عشر، فامتلأت نفسي بخاوية ثم أعلنها مدوية في اسمة أحمد، ثم قال أنا يوسف، فكان يوماً مشهوداً على رؤوس الشياطين، ثم عشقت المسجد الأقصى من خلال ديوانه "خذني إلى المسجد الأقصى"، ثم أحببت ميسون من خلال حديثه عنها في ديوانه "الزنابق" لم يلبث أيمن العتوم حتى انتهى من رواية من أصغر ما كتب، رواية شذت عن غيرها من روايات العتوم فلقد عودني الأخير على روايات "أدب السجون"، ذلك الباب الذي لطالما تجنبتُ دخوله، خوفاً مما فيه، لكنني قررت في الأخير مواجهة هذا الأمر والتغلب على خوفي، وكانت البداية في أدب السجون مع "لأنهم قالوا" لمحمد عادل فارس.

فهذه الرواية هي وجبة دسمة صغيرة الحجم، وهي أصغر روايات أيمن العتوم الرواية ١٩٩ صفحة فقط. 

في أحد اللقاءات التليفزيونية سُئل العتوم عن سبب  إطالة الوصف في الروايات، وأن هذا شيء يصيب القارئ بالملل، ردَّ قائلاً: نعم هذا شيء موجود في رواياتي وسأتخلص منه قريباً، وصدق الكاتب تخلص من الإطالة الزائدة، وقدم لنا رواية صغيرة الحجم، كبيرة الفائدة، لعل أيمن العتوم طبق ما كان يفعله السلف الصالح، رضوان الله عليهم أجمعين، فكان كلامهم "قليل المبنى كثير المعنى"، وهذا ما نراه في رواية "رؤوس الشياطين"، أظن أنني كنت أحتاج إلى الحجر الصحي حتى أقرأ هذه التحفة الفنية.

حصلت على الرواية منذ عدة أيام، ونظمت نفسي على أن أنتهي من قراءتها في عدة أيام، ولكن عندما بدأت في قراءة الرواية لم أستطِع أن أتركها حتى أنهيتها في ثلاث جلسات، وكما عهدنا العتوم، فإن كلماته تصيب القلب بشيء من الجنون، لا أستطيع أن أعبّر عما يجول بداخلي من ناحية الرواية، فالبطل له ستة أسماء؛ الأول ماركس كما سماه أبوه، والثاني صالح كما كانت تناديه أمه أثناء غياب أبيه، والثالث ابن عباس كما أطلق عليه شيخه، والرابع حافظ والخامس أبو نواس والأخير والأهم نديم.

رواية
رواية "يا صاحبي السجن" للكاتب أيمن العتوم

هل يستطيع نديم أن يهاجم شخوصه الستة.. أن يقضي على ما تبقى من أبو نواس فيه، أن يقتل ماركس فيه؟

الأحلام مصيدة، والأفكار أشباح تطاردنا، نرى ما لا يستطيع أحد رؤيته، ولا أحد يفهم، ولا أحد يدرك، ولا أحد يستوعب ما ترى، ولكن هل ترى؟

الرواية تتحدث عن قصةِ طبيبٍ شاب؛ بدايةً من لحظة ولادته، والاختلاف على تسميته، مروراً بالمحطات المُتعاقبة والمتباينة من حياته. البطل مُتعدد الأسماء؛ تبعاً لتعدد أشكال الصراع الذي كان يعيشه؛ فقد نشأ لأبٍ شيوعيّ لا ديني؛ وأم علي النقيض الآخر قريبة من خالقها مُلتزمة بأوامره. هل نقول إنه صراعٌ بين الخير والشر إذاً؟ ربما! بين الحقيقة والسراب؟ لِمَ لا! لا يخلو فصل من الرواية إلا بوجود بعض الشعر.

الشاعر أيمن العتوم

أيمن العتوم كتب هذه التحفة الفنية ففاقت كل ما كتب، لجمال لغته ودقة وصفة ولشعره الرائع، الذى لا تخلو رواية إلا ويمتعنا ببعض شعره، رواية متقلبة الأمزجة والأحداث بين كل فصل وفصل تتقلب بك الأمور رأساً على عقب، الرواية جذبني في بدايتها، وتأثرت بعقل ابن عباس الطفل الذي حفظ القرآن كاملاً بعد سنة، وبعد سنة أخرى حفظ عدداً من التفاسير، ولم يلج الولد عامه الرابع عشر حتى كان يحفظ ديوان امرؤ القيس والمعلقات وديوان المتنبي والبحتري وأبي تمام وأبي نواس وأبي العتاهية، والبيان الشيوعي، وألفية ابن مالك وتاريخ الأثير، ومحاورات أفلاطون، والإشارات الإلهية للتوحيدي، وعدداً من التفاسير وعدداً آخر لا يُحصى من الكتب والنصوص. 

الرواية -يا سادة- تحتاج إلى كوب من القهوة، وهي خمر الصالحين كما أخبر الكاتب، وتنغمس في أعماق الرواية وستجذبك جمال موسيقاها، ونصيحتي في آخر المقال: "الكتاب الذي لا يغيرك بعد أن تقرأ ليس بكتاب". 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

شهاب خالد
مدوّن وكاتب
مدوّن وكاتب
تحميل المزيد