هناك محاولات دائمة لمضايقة الإسلاميين في بنغلاديش، والسيطرة على المنظمات الإسلامية، وإدخال مواد هندوسية في المناهج الوطنية، وكل هذه فقط لمصلحة دولة مجاورة، أرادت دائماً السيطرة علينا بعد حصولنا على الاستقلال عام 1971.
وقد كان الاجتماع الأخير لوفد "حفظة الإسلام" مع رئيسة الوزراء الشيخة حسينة الذي تم عقده في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 للاحتجاج على هذه الأمور غير الشرعية وغير القانونية.
لم يتم الكشف عن سوى القليل جدًا من اجتماع 17 ديسمبر 2022، باستثناء إعلان وزير الداخلية لوسائل الإعلام أن رئيسة الوزراء ستنظر بالتأكيد في المطالب التي قدمها قادة الإسلاميين وستفي بتلك التي تعتبر معقولة.
ولم يقُل قادة أي شيء أكثر من وصف الاجتماع بأنه "مثمر للغاية". ونقلت صحيفة "بهورر كاغوج" البنغالية اليومية عن القيادي في منظمة "حفظة الإسلام" مير إدريس قوله إن "الاجتماع مع رئيسة الوزراء كان مثمراً للغاية.. لقد سمعتنا بجدية".
وذكرت تقارير صحفية أن "حفظة الإسلام" عقدت اجتماعاً في نفس اليوم تحت راية مؤتمر العلماء والمشايخ الوطني. وحضر المؤتمر الذي عُقد في قاعة قاضي بشير في جولستان ممثلو المنظمة من جميع أنحاء البلاد. تمت صياغة ميثاق المطالب من سبع نقاط، ليتم تسليمه إلى رئيسة الوزراء. لن يكون من غير المعقول الافتراض أن هذه هي نفس المطالب التي أشار إليها وزير الداخلية والتي ستنظر فيها رئيسة الوزراء.
إذاً، ما هي تلك المطالب؟
1. الإفراج عن العلماء الكرام وقادة وعمال حفظة الإسلام.
2. سحب جميع الدعاوى المرفوعة ضدهم.
3. سن قانون التجديف الذي ينص على عقوبات لتشويه سمعة الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم.
4. إعلان الدولة أن القاديانيين غير مسلمين.
5. جعل التربية الدينية إلزامية في المناهج التربوية.
6. ضمان تمثيل الهيئة العليا للجامعات القومية بنغلاديش في المجلس الذي يعد المناهج والكتب المدرسية.
7. عدم السماح للداعية الهندي مولانا محمد سعد الكاندهلوي بحضور في الاجتماع العالمي لجماعة الدعوة والتبليغ.
قبل المضي قدماً، يجب أن يكون واضحاً أنه يجب افتراض براءة كل شخص حتى تدين المحكمة شخصاً ما بأي جريمة محددة.
والحق في الحصول على الكفالة -ما لم تكن هناك أسباب استثنائية، مثل تشكيل خطر على المجتمع- والمحاكمة السريعة هي عناصر أساسية لسيادة القانون. لا ينبغي حبس أي شخص، بغض النظر عن كونه عالمًا أو علمانيًا، أو معارضًا سياسيًا أو مؤيدًا للحكومة، لإطالة أمد محاكماته بشكل غير مبرر، ويجب ألا يتعرض أي شخص للسجن أو التورط في أي محاكمة دون أسباب كافية.
ومن حق كل مواطن أن يكره الحكومة، وينتقدها، وفقاً للدستور، ومن حقه أيضاً أن يحصل على إنصاف ومحاكمة عادلة من المحكمة، ولكننا الذي نراه في بنغلاديش هو إبقاء شخص في السجن بدون محاكمة لفترة طويلة. ويعتقد الجميع أن إبقاء الشخص المعارض للحكومة في السجن باسم المحاكمة من استراتيجية الحكومة الشنيعة التي لا يعترف بها أحد له عقل سليم.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن العديد من نشطاء حفاظة الإسلام المسجونين اعتقلوا بسبب احتجاجهم على زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في مارس/آذار 2021، عندما أصبحت الاحتجاجات عنيفة وخلفت أكثر من عشر أرواح. ووردت مزاعم عن تعسُّف الشرطة في الاحتجاج، وتورط آلاف من نشطاء حفاظة الإسلام في عدد من القضايا في مناطق متفرقة من البلاد. لسوء الحظ، فإن الاعتقالات الجماعية والمضايقات السياسية ليست بالشيء الجديد في بنغلاديش. لكن لا يسعنا إلا أن نأمل في أن يحصل كل من تركوا وراء القضبان على أسس واهية أو ليس لديهم أدلة كافية على الإنصاف من خلال الإجراءات القضائية.
ولكن الوضع يخبرنا بأن معظم المواطنين الآن لا يثقون بالمحكمة أيضاً، لأن المحاكم خلال فترة الحكومة الحالية تحت سيطرة قوية من الحكومة، وهذا أمر واضح يعرفه الجميع.
وفقاً لبهورر كاجوج، قبل عام 2019، كان السكرتير العسكري السابق لرئيسة الوزراء المتوفى الآن، اللواء ميا محمد زين العابدين، هو الشخص الذي اعتاد الاتصال مع رئيس حفاظة الإسلام آنذاك، الراحل العلامة أحمد شفيع رحمه الله تعالى رحمة واسعة. بعد وفاة اللواء عابدين، تواصل قادة حفاظة الإسلام مع وزير الداخلية أسد الزمان خان كمال.
في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، تحدثت رئيسة الوزراء حسينة عملياً في نقاش في يوم قتل السجن، قائلة: "عندما تولت منصبها في عام 2008، تم تنفيذ العديد من الحوادث والمؤامرات مثل مذبحة BDR وما يسمى بحركة حفاظة الإسلام لإزالة رابطة عوامي من السلطة"؛ لكنها حضرت في 4 تشرين الثاني/نوفمبر، في اليوم التالي، كان هناك حفل استقبال كبير نظمته هيئة حفاظة الإسلام، حيث تم منح رئيسة الوزراء لقب "قومي جناني" (أم القوميين) من خلال الحفل. والذي وصف رئيسة الوزراء بأم القوميين، فإنه قد فاز وحصل على منصب الخطابة في الجامع الوطني بيت المكرم، وهناك مزاعم بأن الكثير من قادة هذه المنظمة حصلوا على مصالح ذاتية من قِبَل الحكومة، ولكن السؤال ما الذي حصل عليه القوميون من خلال الحفلة؟
تم تنظيم حفل الاستقبال لشكرها على الاعتراف بدورة الحديث النبوي من المدارس القومية لتكون مساوية لدرجة الماجستير (الماجستير). السؤال هل هذه الشهادة معترف بها في الحقيقة؟ هل يقبلها أحد من منسوبي الجامعات الرائجة في البلاد؟ هل يستطيع أحد أن يحصل على التعليم العالي من خلال هذه الشهادة؟ أم أنها فقط لمصلحة سياسية للحزب الحاكم؟ بل بغض النظر في هذه الأمور قفد أصبحت منظمة حفاظة الإسلام حليفة للحزب الحاكم، تعمل بالظاهر لمصلحة الإسلاميين وفي الباطن تغدر مع دمائهم، وذلك فقط لبعض المصالح الذاتية لبعض القادة.
في السنوات التي تلت ذلك، حدثت بعض التغييرات بشكل غامض مما يعادي الإسلام ويمس كرامة ومشاعر المسلمين في الكتب المدرسية، مما يثير المزيد من المخاوف بشأن احتمال إعادة نظامنا التعليمي إلى حالة قد لا يحظى فيها العلم والفلسفة بالتركيز المناسب؛ بل يحصل المتعلمون على مواد معادية للإسلام، ويكونون ملحدين وهندوسيين على مدى بعيد.
وزعم العديد من الإسلاميين وحتى العلمانيين أيضاً أنها تمت بناءً على طلب من العلمانيين والهندوسيين. ولهذا فإن مطلب حفاظة الإسلام الجديد بمنحهم مقعداً في لوحة المناهج الوطنية حتى يتمكن الإسلاميون من منع إدخال مواد مناهضة للإسلام في المناهج الوطنية.
ليس هناك شك في أن الحالة الراهنة لإدخال المواد المناهضة للإسلام في مناهج التعليم الوطني هي نتيجة الصمت الذي طال أمده لما يسمى بالحلفاء الإسلاميين للحزب الحاكم على انتهازيتهم السياسية. لقد فقد هؤلاء الحلفاء مكانتهم الأخلاقية لمواجهة، أو على الأقل، معارضة سياسة استرضاء الملحدين والهندوسيين المتطرفين فقط للبقاء على عرش السلطة.
مع اقترابنا من انتخابات عامة أخرى، ومع اقتراب حزب بنغلاديش الوطني المعارض من الانتعاش، فإن أكثر ما يدعو للقلق هو أن مثل هذه الاسترضاء ستزداد حدة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.