فشل في التعبئة وعدم قدرة على حكم المنطقة.. كيف انسحبت روسيا من مدينة خيرسون؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/15 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/15 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي - رويترز

في أوكرانيا ظهرت مشاهد من الابتهاج، خاصة في مدينة خيرسون الجنوبية، وذلك مع تقدم القوات الأوكرانية عبر جزء كبير من المدينة، والمنطقة المحيطة بها، ويبدو أنها واجهت مقاومة ضئيلة أو معدومة مع استعادتها العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها روسيا هذا العام، وتراجعت القوات الروسية إلى الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وتسمى أيضاً خيرسون، والتي ضمتها روسيا في سبتمبر/أيلول في انتهاك للقوانين الدولية.

لماذا تعد خيرسون مدينة مهمة لكلا الجانبين؟

جغرافياً، خيرسون هي موقع استراتيجي لروسيا وأوكرانيا، وتقع في الشمال الغربي من نهر دنيبرو، وتشترك المقاطعة في الحدود مع دونيتسك وشبه جزيرة القرم والبحر الأسود. 

ومع استيلاء موسكو على شبه جزيرة القرم في عام 2014، ثم احتلال خيرسون في مارس/آذار 2022، أفاد ذلك روسيا في نقل جيشها من شبه جزيرة القرم لمواجهة أوكرانيا، وتوفر الوصول إلى موانئ منطقة أوديسا والبحر الأسود في الغرب، كطريق رئيسي لتأمين جنوب أوكرانيا. 

وبالنسبة لأوكرانيا، فإن استعادة خيرسون أمر مهم لحماية سكانها في مقاطعتي كالانتشاك، وتشابلينكا، وتمهد الطريق لاستعادة شبه جزيرة القرم.

 وإلى جانب كل ذلك، فإن خيرسون هي أيضاً منطقة مهمة لمنتجاتها الزراعية، مع قنوات الري.

كيف أصبحت خيرسون تحت سيطرة روسيا؟

في أوائل مارس/آذار 2022، تم الاستيلاء على خيرسون من قِبَل روسيا بعد معارك عنيفة، وقد أثبتت معركة خيرسون أنها نقطة البداية للاستيلاء على الجزء الجنوبي من أوكرانيا، واحتلاله.

 بينما تقدمت معارك خاركيف وكييف في الشمال، ومكنت سيطرة روسيا على خيرسون منذ مارس 2022 موسكو من الاستيلاء على المدينتين الميناءين الرئيسيين؛ ماريوبول في بحر آزوف، وأوديسا، وبالتالي توسيع السيطرة. 

وتم استخدام قنوات الري في خيرسون كمواقع دفاعية، مما خلق خطاً قوياً يمنع الهجمات المضادة لأوكرانيا، كما نشرت روسيا جنودها في خيرسون وخزنت الذخيرة.

انسحاب روسيا من خيرسون

يمكننا القول إن هناك ثلاثة أسباب وراء هذه الخطوة:

أولاً، فشل التعبئة: عندما كانت روسيا تتقدم بسرعة في الاستيلاء على المدن الجنوبية، والشمالية من أوكرانيا، بدأ أفرادها العسكريون، وأنظمة أسلحتها في النفاد. ثم اتبعت روسيا تعبئة جزئية، كاستراتيجية للالتفاف على قيودها على الأرض. 

وأضاف فشل المجندين الجدد تحدياً جديداً لروسيا، للحفاظ على سيطرتها ضد هجوم أوكرانيا المضاد في خيرسون. 

ثانياً، عدم قدرة روسيا على حكم خيرسون: وعلى الرغم من فرض الأحكام العرفية، لم تستطع روسيا حكم خيرسون بشكل فعال، ولا يمكن للأمن ذي المستويات الثلاثة الذي اتبعته موسكو في المناطق المحتلة أن يفرض سيطرة روسيا على الأرض. 

ثالثاً، هجوم أوكرانيا المضاد المتوسع: حتى أغسطس/آب الماضي، تم تزويد أوكرانيا فقط بأسلحة قصيرة المدى، ومنخفضة الدرجة من قبل الغرب، وفي وقت لاحق تلقى الجنود الأوكرانيون تدريباً عسكرياً. 

ومع استمرار موسكو في هجومها، رفع الغرب مستوى دعمه بأنظمة أسلحة متوسطة إلى عالية المدى مثل: مدافع الهاوتزر، وصواريخ هيمار، وأنظمة الدفاع الجوي، ودبابات القتال، وتقنيات الطائرات بدون طيار، جاءت من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا.

 في حين أن مشتريات روسيا كانت بطيئة، وتقتصر على الطائرات بدون طيار الإيرانية، وساعد ذلك أوكرانيا على استعادة المناطق التي احتلتها روسيا بما في ذلك إيزيوم، شمال شرق أوكرانيا، وخاركيف جنوب شرق البلاد، إيزيوم سلوفيانسك، كوبيانسك في شرق أوكرانيا، وشمال غرب خيرسون في الجنوب. 

من ناحية أخرى، كانت روسيا تواجه تحديات في زيادة أجهزتها العسكرية في ساحة المعركة. 

هل الانسحاب نهائي أم تحرك تكتيكي من روسيا؟

فشلت التعبئة الروسية الجديدة في وقف تقدم القوات الأوكرانية، ولا بد أن تحديات إعادة تعبئة أنظمتها الدفاعية، ونقص الأسلحة لعبت دوراً في انسحاب روسيا. 

ومع تعزيز أوكرانيا لقدرتها العسكرية من خلال الدعم من الغرب، والترقية من الأسلحة البرية إلى الأسلحة الجوية، وكذلك تواجد الدبابات القتالية الثقيلة، باتت روسيا تحدياً للاحتفاظ بأراضيها المحتلة في أوكرانيا. 

ومع ذلك، هذه ليست المرة الأولى التي تنسحب فيها موسكو، بعد هجوم أولي، فقد كان الهجوم على العاصمة الأوكرانية كييف استراتيجية أولية لروسيا.

 وفي وقت لاحق، حولت موسكو استراتيجيتها من الاستيلاء على كييف إلى التركيز على شرق أوكرانيا، وبالمثل، انسحبت روسيا أيضاً من استراتيجيتها للاستيلاء على خاركيف، وأصبحت السيطرة على دونيتسك ولوغانسك هدفاً مهماً. 

ويكشف الانسحاب من خيرسون عن فجوة خطيرة في استراتيجية روسيا للسيطرة على جنوب أوكرانيا، ومع ذلك، فإنه يؤكد أيضاً على استراتيجية، الانسحاب تحت هجوم خطير أو مقاومة من قِبل القوات الأوكرانية، كما حدث في كييف وخاركيف. 

هل ستتجرأ أوكرانيا وتوسع هجومها في منطقتي دونباس ولوغانسك، أم هل تنسحب روسيا كما فعلت في خيرسون؟

 هذان سؤالان كبيران لكييف وموسكو، وأهدافهما السياسية الأكبر حول المدى الذي سيذهبان إليه في الحرب.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد