في خطاب جديد، أطلق رئيس مجلس السيادة الانقلابي في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، يوم الأحد الماضي هجوماً شديد اللهجة على الحركة الإسلامية والتيارات السياسية الموالية لها.
خلال خطاب ألقاه أمس أمام حشد من الجنود والضباط في قاعدة "حطاب" العسكرية في الخرطوم بحري، حذر البرهان تلك الأطراف مما وصفه باستغلال الجيش لتحقيق أهداف سياسية من خلاله، ودعاهم أيضاً إلى الابتعاد عنه.
هذا بالإضافة إلى اتهام القوى السياسية التي لم يذكر اسمها بالتحريض ضد الجيش لتفكيكه، وشدد على أن "القوات المسلحة تقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن ليس لها انتماء إلى حزب أو كيان معين غير الوطن".
أثار هذا الخطاب جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، على الرغم من تكرار مضمونه، ولكن هذه المرة، حمل الخطاب العديد من النقاط والإشارات الواضحة.
وصف المراقبون خطابه بأنه عاطفي ومتحمس مثل خطابات التوجيه المعنوي، وغيرها من الخطب المعتادة لإثباتها في كل تنوير عسكري، وقالوا إن الخطاب لرفع الروح المعنوية للجنود وتأكيد إظهار بعض القوة من القيادة العليا من أجل كسب المزيد من الدعم والالتفاف حولها، حتى ولو من الذين يحذرهم في مناوراته.
واحدة من الإشارات الواضحة، تصريحاته الساخنة ضد حزب المؤتمر الوطني المنحل على وجه الخصوص، في هذا الوقت، موجزة في رسالة قصيرة تؤكد تصريحات الجيش التي ردت على تصريحات القادة الإسلاميين المعروفين، الذين قالوا إنهم على اتصال دائم بالبرهان، وهذا ما أثار المزيد من المخاوف، حتى يخرج الرجل ويحذرهم من الابتعاد.
فسر الكثيرون خطابه بممارسة الخداع والتناقض، في وقت تعود فيه نقابات الحزب المنحل مرة أخرى بقرارات المحكمة العليا، بالإضافة إلى الممارسة السياسية شبه الكاملة لتيارات الحركة الإسلامية، وقادتها الذين أصبحوا لا يخفون نشاطهم السياسي، وإخراج المواكب السياسية في شوارع الخرطوم بعد انقلاب الخامس والعشرين، حقيقة تؤكد وضوح اللعبة، التي لا تخفى على الجميع حتى الأطفال يعلمونها.
حاول البرهان، بشكل غير مباشر دحض بعض الأخبار المتداولة الأسبوع الماضي حول نيته الاستقالة، بعد وقت قصير من عودته من القمة العربية الأخيرة في الجزائر.
من خلال التأكيد على أن التفاهمات تجري بينه وبين بعض القوى السياسية، التي تريد إنهاء القضية، فقط بتسوية، لكنه حذرهم من تجاوز الخطوط الحمراء للجيش، بالقول: "نحن حاجاتنا حقت الجيش لا نفرط فيها"!
فهذه إشارة واضحة إلى ابتزازها ووصفها بأنها قوى مشاكسة، يدعوها إلى توحيد مبادراتها للحوار، الحوار الذي يريده هو بطريقته الخاصة، والذي يرى خلاله مخرجاً آمناً لهم من ورطة انقلابهم.
هذا ما يجب قوله، وما على هذه القوى تصحيحه وفهمه جيداً قبل فوات الأوان، أنها لا تزال تناور في ملعبها. الرجل يقول إنه سيقاتل من أجل البقاء في السلطة حتى لو كان على أجسادهم، أو كما يقول. فالحذر من التحرك نحو تسوية ستقود الجميع حتماً نحو الهاوية، إن لم يراجعوا حساباتهم، وتعزز المواقف ضد هذا الانقلاب، لن تنتهي هذه الدراما، والتاريخ لا يرحم خائن العهد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.