بينما يكثف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جهوده الحربية، فإن أحد أكثر الأسلحة فتكاً التي يُزعم أن الكرملين استخدمها ضد كييف هي الطائرة المسيّرة "كاميكازي" الإيرانية.
قال مسؤولون أوكرانيون إن القوات الروسية استخدمت السلاح يوم الإثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول، مما تسبب في أربعة انفجارات في كييف. ويزعم أن موسكو استخدمت هذه الطائرات المسيرة بشكل متقطع خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويمكن وصف طائرات كاميكازي بدون طيار بأنها صواريخ "متسكعة"؛ لأن لديها القدرة على الانتظار لبعض الوقت في منطقة تم تحديدها كهدف محتمل، ولا تضرب إلا عندما يتم تحديد العدو، وهي صغيرة ومحمولة وسهلة التشغيل، ولعل أكبر ميزة لها هي أنه من الصعب اكتشافها ويمكن حتى إطلاقها من مسافة بعيدة.
وبالمثل، يمكن التخلص من هذه الطائرات المسيرة وتدميرها عندما تهاجم هدفاً، على عكس الطائرات العسكرية التقليدية بدون طيار التي تعود بعد إطلاق الصواريخ. ومن ثم، يشار إليها أيضاً باسم "الطائرات الانتحارية بدون طيار".
في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ورد أن روسيا استخدمت طائرات كاميكازي بدون طيار، المسماة "شهيد -136″، لضرب زابوريجيا الأوكرانية، التي تمتلك أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان. وأدت المسيرات الإيرانية إلى تعقيد عملية التوازن الإسرائيلية بين روسيا والغرب.
صحيح أن إسرائيل بقيت على هامش القوى المقاومة لروسيا إلى حد كبير منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط الماضي حتى لا تضر بعلاقتها الاستراتيجية مع الكرملين. وعلى الرغم من أن إسرائيل أرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، إلا أنها رفضت طلبات كييف المتكررة لإرسال أنظمة دفاع جوي وغيرها من المعدات العسكرية، وامتنعت عن فرض عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا والعديد من رجال الأعمال الروس اليهود الذين لديهم منازل ثانية في إسرائيل.
ولكن مع ورود أنباء عن تعميق العلاقات بين موسكو وطهران، العدو اللدود لإسرائيل، يتزايد الضغط على إسرائيل لدعم أوكرانيا في الحرب الطاحنة. ولطالما خاضت إسرائيل حرباً غامضة مع إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط براً وبحراً وجواً.
قال كولونيل ريتشارد هيشت، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن "الهجوم الانتحاري بطائرة بدون طيار في أوكرانيا أثار مخاوف جديدة في إسرائيل. نحن ننظر إليها عن كثب ونفكر في كيفية استخدامها من قبل الإيرانيين تجاه المراكز السكانية الإسرائيلية".
واندلع النقاش إلى العلن، حيث دعا وزير في الحكومة الإسرائيلية الحكومة إلى الانحياز إلى جانب أوكرانيا. وهددت إيران ووكلاؤها في لبنان وسوريا والعراق واليمن إسرائيل بنفس الطائرات بدون طيار على شكل دلتا والتي تحلق على ارتفاع منخفض والتي تنفجر الآن في كييف. ونفت الحكومة الإيرانية تزويد موسكو بالطائرات المسيرة، لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنها تفعل ذلك منذ أغسطس/آب.
وكتب نحمان شاي، وزير شؤون الشتات الإسرائيلي، على تويتر: "لم يعد هناك أي شك في المكان الذي يجب أن تقف فيه إسرائيل في هذا الصراع الدموي، لقد حان الوقت لكي تتلقى أوكرانيا أيضاً مساعدات عسكرية، تماماً كما توفرها الولايات المتحدة ودول الناتو".
وأثارت تصريحاته عاصفة غضب في روسيا، فقال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف إن تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا سيكون "خطوة متهورة للغاية" من جانب إسرائيل، وربما "سيدمر كل العلاقات بين دولنا".
ولكن شاي ضاعف من موقفه، مشدداً في الوقت نفسه على أن وجهة نظره لا تعكس الموقف الرسمي للحكومة، وامتنع كل من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارة الدفاع عن التعليق.
وعلى مدى سنوات، تمتعت روسيا وإسرائيل بعلاقات عمل جيدة ونسقتا عن كثب لتجنب الاشتباكات في سماء سوريا، الجارة الشمالية الشرقية لإسرائيل، حيث دعمت القوة الجوية الروسية الرئيس بشار الأسد المحاصر.
كما تحرص إسرائيل على البقاء على الحياد في الحرب بسبب القلق على سلامة الجالية اليهودية الكبيرة في روسيا. وتشعر إسرائيل بالقلق من تجدد الهجمات المعادية للسامية في البلاد، مع تاريخها الطويل من المذابح المعادية لليهود تحت قيادة القياصرة الروس وعمليات التطهير في الحقبة السوفييتية. وأكثر من مليون من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9.2 مليون نسمة لديهم جذور في الاتحاد السوفييتي السابق.
وحافظ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت على حياده الصارم بعد الغزو، وامتنع عن إدانة تصرفات روسيا، بل وحاول وضع نفسه كوسيط في الصراع.
وكان رئيس الوزراء يائير لابيد، الذي تولى منصب الزعيم المؤقت خلال الصيف، أكثر صخباً من سلفه. كوزير للخارجية، وصف التقارير عن الفظائع في بوتشا، أوكرانيا بأنها جرائم حرب محتملة. وبعد أن قصفت روسيا كييف مؤخراً، أدان "بشدة" الهجمات وأرسل "تعازيه القلبية لعائلات الضحايا والشعب الأوكراني"، مما أثار رد فعل عنيفاً من موسكو.
تصاعدت التوترات أكثر عندما أمرت محكمة روسية في يوليو/تموز الوكالة اليهودية، وهي منظمة غير ربحية كبرى تروج للهجرة اليهودية إلى إسرائيل، بإغلاق مكاتبها في البلاد. واهتزت إسرائيل. والآن، أدى القلق الإسرائيلي بشأن الطائرات الإيرانية بدون طيار التي تحلق فوق كييف إلى تصعيد الجدل. ووفقاً للمحللين، فإن إيران تختبر أسلحة يمكن استخدامها ضد الحدود الشمالية والجنوبية لإسرائيل.وتدعم إيران جماعة حزب الله اللبنانية وحماس في قطاع غزة اللتين خاضتا حروباً طويلة ضد إسرائيل. إذا أثبتت الطائرات بدون طيار فاعليتها في أوكرانيا، فسوف تضاعف إيران من تطويرها، وإذا تم إسقاطها، ستتاح لإيران فرصة لمعرفة كيفية تجاوز تلك الإجراءات المضادة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.