ربما تكون فترة التوقف الدولي الحالية هي الأسوأ على لاعبي وجماهير برشلونة منذ سنوات، حيث أُصيب 5 من لاعبي الفريق مع منتخبات بلادهم.
ففي مباراة فرنسا والنمسا أُصيب جولس كوندي، مدافع الفريق الكتالوني الجديد في الدقيقة 23 وخرج من المباراة مباشرة، وهناك ما يشير إلى أنه غادر معسكر المنتخب بداعي الإصابة. وكذلك أصيب مواطنه وزميله في برشلونة عثمان ديمبيلي، الذي شعر بانزعاجات عضلية. وفي نفس اليوم مع المنتخب الهولندي أُصيب دي يونغ خط وسط برشلونة وتم استبداله بين شوطي اللقاء أمام بولندا، تلاه مواطنه ممفيس ديباي بعد سبع دقائق من بداية الشوط الثاني فقط.
ثم في اليوم التالي أثناء لقاء منتخبي إيران وأوروغواي، تعرض مدافع برشلونة رونالد أراوخو لإصابة عضلية فور بداية اللقاء وتم استبداله مباشرة، وقد يطول غيابه حتى مطلع السنة الجديدة.
تلك الإصابات التي ضربت برشلونة في ليلة وضحاها لفتت أنظار الجميع بين متسائل عن أسباب الإصابات وتداعياتها، وبين من يتهم مدرب الفريق تشافي وإدارة برشلونة بتدبير مسرحية مع لاعبي الفريق لادعاء الإصابة مع منتخبات بلادهم؛ حتى يتجنبوا لعب المباريات الودية ويكونوا أكثر جاهزية مع فريقهم.
الإصابة العضلية.. سببها وعلاجها
قبل الحديث المفصل عن الحالات والأسباب وطرق تجنب الإصابات من الأطقم الطبية للأندية، لنعرف ما معنى الإصابة العضلية التي تعرض لها لاعبو برشلونة مع منتخبات بلادهم.
"إصابة العضلة" هي تضرر النسيج العضلي أو الأوتار المرتبطة به، وقد تحدث الإصابة العضلية على شكل تمزق للألياف العضلية، مؤثرة على الأوعية الدموية الصغيرة؛ مما يتسبب بالنزيف الموضعي (الكدمات) والألم المرتبط بتهيج النهايات العصبية في موضع التمزق.
هذا النوع من الإصابات اصطلح عليه إعلامياً "الشد العضلي"، وهو نفس ما حدث لأربعة من لاعبي برشلونة خلال يومين مع منتخبات بلادهم، يبقى السؤال ما سبب تلك الإصابة؟
يحدث الشد العضلي مع تكرار تعرض العضلة للإجهاد أو نتيجة تغيير الحمل البدني المفاجئ وعدم الاستشفاء الكافي، وينطبق ذلك على من يشارك كأساسي أو كبديل؛ لأن اللاعب البديل يؤدي ذات التمارين مع اللاعب الأساسي حتى عند استبعاده من تشكيلة المباراة يشارك بعمليات إحماء الاحتياطي، بالتالي جميع اللاعبين يمرون بالإجهاد العضلي، والكل بحاجة للاستشفاء، لمساعدة الجسم على زيادة القوة البدنية، حتى لا يحدث تمزق للعضلات مع المجهود البدني الزائد كما تم توصيف الإصابة.
تقصير الطاقم الطبي
هنا يأتي دور الطاقم الطبي بأندية كرة القدم بوضعهم خطة توزيع الأحمال طبقاً لجدول مباريات الموسم، وقدرة تحمل اللاعبين، مع مراعاة التوقفات الدولية ومشاركات اللاعبين مع منتخبات بلادهم، وهو ما تم التشكيك به بفريق برشلونة، أي أن هناك احتمالية أن تمارين برشلونة مع سير المباريات بها حمل زائد على اللاعبين، بالتالي تصبح أجساد اللاعبين لا تحتمل تمارين إضافية ومختلفة مع منتخباتهم، ولا توجد فترة استشفاء كافية يتم منحها للاعبي الفريق، بالطبع ليس لاعبو برشلونة الوحيدين من لديهم ضغط مباريات ويلعبون مع أندية منتخباتهم حتى يُقال هناك مبرر أو منطق لتكرار إصاباتهم فور المشاركة بفترة التوقف الدولي.
أهمية الراحة للاعبين
خير مثال على أهمية ما يُسمى العطلة السلبية، لاعبو الدوري الإنجليزي ومانشستر سيتي بوجه الخصوص كمثال، من أكثر فرق العالم مشاركة بعدد المباريات طوال الموسم لمنافساتهم على جل البطولات المشاركين بها، لكن لم نرَ إصابة عدد من لاعبي الفريق بذات الوقت مع منتخباتهم، وذلك لأن ضغط المباريات ليس بالغريب عن أولئك اللاعبين، وهناك ما يسمى المداورة بإراحة اللاعبين بعض المباريات أو حتى الدقائق ومنحهم فترة استشفاء كافية، وهو ما لا يحدث بحذافيره في برشلونة لقلة عدد بدلاء المدافعين ولاعبي الوسط المعتمد عليهم كأساسيين من قبل تشافي مدرب الفريق.
لذا يجب الأخذ بالاعتبار تلك الأسباب حتى لا نشهد فشل الجيل الثاني من برشلونة ونودعهم بمسك الختام قبل استنشاق عطر البداية، كما حدث مع جيل "جلاكتيكوس" ريال مدريد، وهو ما تداركه مؤخراً الغريم ريال مدريد بعد تكرار الإصابات بالفريق، بتعيينهم الإيطالي أنتونيو بينتوس معداً بدنياً للفريق الملكي، فأصبح أحد أسباب حصد الفريق بطولة الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا الموسم المنصرم، بعد أن كان نفسه المعد البدني السابق لإنتر ميلان، وكان كذلك أحد أهم أسباب حصد الفريق الإيطالي للبطولات، وشاهدنا أكبر اللاعبين سناً كمودريتش يشاركون باستمرار مع الحفاظ على لياقتهم البدنية، ورأينا أيضاً بالموسم الماضي عناق اللاعب الكرواتي للمعد البدني وتوجيه الشكر الخاص له تأكيداً على أهمية دوره.
بعد ذلك التوضيح تبين لك أهمية الطاقم الطبي والمعد البدني فهم لا يقلون أهمية عن دور التكتيكات الفنية ودور المدرب، لذلك يحصل اللاعبون على وقت للاستشفاء والراحة التامة بعد المجهود البدني الزائد ببعض التمارين أو عند المباريات التي يشاركون بها لأشواط إضافية. وهناك أندية كثيرة تعاقب من يتدرب من اللاعبين بمفرده خارج النادي؛ حتى لا يغير توزيع الحمل البدني الموضوع من قِبل الطاقم الطبي.
ماذا يحدث داخل برشلونة؟
بالتأكيد هناك ما يحدث بالكواليس الآن داخل أروقة النادي الكتالوني، وهناك أسئلة بحاجة للإجابة.. هل المشكلة متعلقة بنسبة الأحمال البدنية المخصصة للاعبين؟ هل هناك عدم انضباط من بعض اللاعبين خارج الملعب كإخلال بالنظام الغذائي مثلاً أو القيام بتمارين إضافية خارجية؟
كثرة الإصابات وكثرة تبديل اللاعبين الأساسيين تؤثر على ثبات التشكيل، وبالتالي عدم الانسجام التام بين خط الدفاع أو الهجوم للفريق، وتضع المدرب بموقف حرج، وفي بعض الأحيان قد لا يستطيع الوصول للتوليفة المناسبة والحفاظ على سير المباريات ونسق الفريق التصاعدي، ودائماً ما نرى تفوق فرق على الأخرى بسبب الغيابات وخروج فرق من المنافسة على البطولات بسبب الإصابات؛ سنرى تشخيص إصابات لاعبي برشلونة ومدتها وعند العودة من التوقف الدولي، خاصة مع ضغط المباريات واشتداد المنافسة سيتبين للجميع هل كان ما حدث سوء تقدير من الطاقم الطبي أم كانت تعليمات الجهاز الفني للاعبين كما قال البعض، سواء ذاك أو ذلك بالطبع لن يدع تشافي سوء الإعداد البدني أو الإخلال بالنظام الغذائي من قِبل بعض اللاعبين يعكر صفو سير منافسة الفريق على البطولات.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.