أبدى اللاعب الدولي المغربي يونس بلهندة سعادة كبيرة بالعودة لصفوف منتخب "أسود الأطلس" الذي غاب عنه لمدة 3 سنوات كاملة، وهو يستعد حالياً للمشاركة في أول معسكر تحضيري للمدرب الجديد للمنتخب، يوسف الركراكي، تحسباً لخوض ثاني مونديال له بعد نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي جرت بروسيا في صيف 2018.
كان وليد الركراكي قد كشف عن مفاجأة سارة للجماهير الرياضية المغربية عندما كشف يوم الإثنين 12 سبتمبر/أيلول 2022، عن قائمة اللاعبين المدعوين للمشاركة في المعسكر التحضيري لمنتخب المغرب بإسبانيا وتتخلله مباراتان وديتان أمام منتخبي تشيلي يوم 23 سبتمبر/أيلول ببرشلونة، وباراغواي يوم 27، تحضيراً لخوض نهائيات مونديال قطر القادم.
قبل الحديث عن سبب الغياب الطويل لبلهندة عن منتخب بلاده دعونا نستعرض باختصار المشوار الاحترافي للاعب مع الأندية.
بدأ اللعب كمدافع حر قبل التألق بمونبلييه
ولد يونس بلهندة يوم 25 فبراير/شباط 1990 بمدينة أفينيون الفرنسية، من أبوين ذوي أصول مغربية. وقد بدأ ممارسة رياضة كرة القدم في سن السابعة من عمره ضمن فريق "أرموني" الصغير، قبل الانضمام لأكبر نادٍ بالمدينة "إم جي سي أفينيون" في سن الثامنة، الذي تَكَوّنَ ضمن مدرسته لمدة خمسة أعوام، في مركز مدافع حر، ليبرو.
لما بلغ من العمر 13 سنة، انتقل لمدرسة نادي مونبيلييه، حيث تم اكتشاف قدراته الفنية الخارقة، فتم تحويله إلى خط وسط ميدان، فواصل تكوينه لمدة 6 سنوات، ولعب للفرق السنية في كل مراكز هذا الخط الدفاعية والهجومية، ما يفسر طريقة لعبه المميزة لمّا أصبح محترفاً والتي يمزج فيها بين الفنيات والاندفاع البدني.
وأنهى مرحلة تكوينه بنادي مونبلييه بالتتويج بلقب كأس فرنسا للشباب في سنة 2009، بعد الفوز في اللقاء النهائي على فريق نانت (2-0)، ليرتقي بعدها النجم المغربي إلى الفريق الأول ويمضي على عقده الاحترافي الأول في صيف نفس العام.
وخاض الشاب يونس مباراته الأولى كلاعب محترف يوم 8 أغسطس/آب أمام نادي باريس سان جيرمان (1-1) لحساب الجولة من الدوري الفرنسي، وظهر خلالها بمستوى جيد على غرار باقي المباريات الـ32 التي شارك فيها فيما بعد وجعلت منه أحد الاكتشافات البارزة لموسم (2009- 2010) ودفعت نادي مونبلييه لمراجعة عقده وتمديده إلى غاية 2014، لتحصين اللاعب من إغراءات الأندية الفرنسية الكبيرة.
وكان الموسم الثالث لبلهندة مع مونبلييه (2011- 2012) هو الأفضل له في الدوري الفرنسي، حيث سجل 12 هدفاً وقدم 4 تمريرات حاسمة على الرغم من مشاركته في 28 مباراة فقط بسبب تعرضه لبعض الإصابات، وأنهى الموسم بالتتويج بلقب الدوري رفقة فريقه، وبنيل جائزة أفضل لاعب واعد في الدوري وجائزة "مارك فيفيان فوي" كأفضل لاعب إفريقي في "ليغ 1".
تتويجات بالجملة مع دينامو كييف وغلطة سراي
وبعد هذا التألق اللافت، أصبح يونس بلهندة، محل متابعة من طرف الأندية الأوروبية الكبيرة خلال الموسم الموالي (2012-2013) على غرار برشلونة الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي، ولكن العرض الرسمي الوحيد وصله من نادي دينامو كييف الأوكراني الذي دفع 10 ملايين يورو لمونبلييه للاستفادة من خدمات اللاعب المغربي المُتعاقد معه لمدة 5 سنوات، بداية من 29 يونيو/حزيران 2013.
ولكن من هذه الأعوام الخمسة، حمل بلهندة ألوان دينامو كييف موسمين ونصف فقط، فشارك في 88 مباراة رسمية، سجل خلالها 11 هدفاً، ونال لقب كأس أوكرانيا لموسم 2014 – 2015، ثم لقبي الدوري والكأس في موسم 2015-2016.
وقد تُوّج بلهندة بلقبي دوري وكأس أوكرانيا لموسم 2015- 2016، على الرغم من خوضه نصف الموسم فقط، بحيث كان قد غادر الفريق، في يناير/كانون الثاني 2016 على سبيل الإعارة لمدة 6 أشهر لنادي شالكه الألماني، الذي شارك معه في 17 مباراة، سجل خلالها هدفين اثنين، وصنع هدفاً آخر.
وقام دينامو كييف بإعارة اللاعب مرة أخرى، ولموسمٍ واحدٍ (2016- 2017)، لنادي نيس الفرنسي الذي شارك معه في 31 مباراة في الدوري الفرنسي، سجل خلالها 3 أهداف ومنح 6 تمريرات حاسمة.
وقبل عامٍ واحدٍ عن نهاية عقده رسمياً مع الفريق الأوكراني، تعاقد يونس بلهندة مع نادي غلطة سراي التركي يوم 28 يونيو/حزيران 2017، لمدة 4 سنوات، وبراتب سنوي 3.75 مليون يورو، في صفقة انتقال بقيمة 10 ملايين يورو.
وذاق بلهندة الحلو والمر مع نادي غلطة سراي، إذ شارك رفقته في 131 مباراة رسمية، سجل خلالها 22 هدفاً، وتُوّج معه بلقب الدوري التركي في سنتي 2018 و2019 وبكأس تركيا في 2019 وبالسوبر التركي في 2019، ولكنه غادره "مطروداً"، قبل 3 أشهر عن نهاية العقد، لأسباب انضباطية، سأتطرق لها لاحقاً في هذا المقال.
وبعدما كان من المنتظر أن يعود إلى الفريق الأول الذي شهد تألقه ( مونبلييه)، جدّد يونس بلهندة إقامته بتركيا، بالتعاقد يوم 1 يوليو /تموز 2021، لمدة سنتين مع الصاعد الجديد للدوري التركي الممتاز، نادي "أضنة ديمير سبور".
شارك اللاعب المغربي في الموسم الماضي (2021-2022) في 22 مباراة، سجل خلالها 3 أهداف وصنع هدفاً آخر، فيما يحقق حالياً في بداية موسم رائعة
(2022- 2023)، بتسجيله 3 أهداف في 6 مباريات فقط.
بدأ مشواره الدولي مع شباب فرنسا قبل الانضمام للمغرب
وعن المشوار الدولي ليونس بلهندة، فقد بدأه رفقة منتخب فرنسا لأقل من 20 سنة، الذي شارك معه في دورة تولون الدولية في مايو/أيار 2010، وذلك قبل أن يلبي دعوة المنتخب المغربي الأول دون تردد، ويخوض معه أول مباراة ودية يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام، ببالفاست، أمام منتخب أيرلندا الشمالية (1-1) في عهد المدرب البلجيكي إيريك غيريتس، ثم سجل هدفه الأول بقميص "أسود الأطلس"، يوم 31 يناير/كانون الثاني 2012 أمام منتخب النيجر (1-0) خلال دور المجموعات لنهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2012، التي جرت بدولتي الغابون وغينيا الاستوائية.
وقد استمر تمثيل بلهندة لمنتخب المغرب، إلى غاية صيف 2019، فشارك، خلال تلك الفترة في 58 مباراة، وسجل 5 أهداف، وذلك قبل أن يتم استبعاده من طرف المدرب السابق للمنتخب وحيد خاليلوزيتش.
قضيته مع وحيد خاليلوزيتش
بخلاف قضية استبعاد حكيم زياش ونصير مزراوي التي أخذت حيزاً كبيراً في الإعلام المحلي والعربي وحتى الدولي، فإن الصحافة لم تتطرق كثيراً لسبب غياب يونس بلهندة عن منتخب بلاده، حتى إن البعض اعتقد أن الأمر يتعلق فقط بخيارات فنية للمدرب البوسني ولا توجد أي قضية انضباطية للاعب السابق لنادي دينامو كييف الأوكراني.
وقد كشف بلهندة سبب استبعاده من طرف خاليلوزيتش، في حوار له مع مجلة SOFOOT الفرنسية، في ديسمبر/كانون الأول 2021، حين قال: "حتى لو وجه لي خليلوزيتش الدعوة، لن أعود إلى المنتخب، طالما هو المدرب، خاصة أنه لم يحترمني، بعد أن قضيت قرابة 12 عاماً رفقة المنتخب الوطني".
وتابع: "كنت صريحاً منذ البداية، كان بإمكاني أن أختار فرنسا، لكنني لم أفعل ذلك، حملت قميص المغرب حباً في وطني ودافعت عن ألوان بلدي بكل قوتي".
وأضاف: "عندما اتصل بي خاليلوزيتش، في أول مباراة له مع المنتخب في 2019، كنت أعاني من آلام في الظهر، وأجريت التصوير بالرنين المغناطيسي الذي أكد إصابتي، ناقشنا الأمر بمجرد وصوله، وطلب مني أن أعتني بنفسي جيداً، وسارت الأمور على ما يرام".
واسترسل بلهندة قائلاً: "بعد ذلك، علمت أن أخصائي العلاج الطبيعي، الذي كان يرافق المنتخب لمدة عشرين عاماً، تم التخلي عنه، وإنزاله إلى منتخب الشباب، مشكلتي دوماً هي الدفاع عن الآخرين، بينما لا يوجد أي شخص يدافع عني".
وأضاف: "ذهبت للحديث مع وحيد، وأخبرته أنه ليس من الصحيح الاستغناء عن أخصائي العلاج الطبيعي بتلك الطريقة، خاصة أنه مع المنتخب الوطني منذ 20 عاماً".
واختتم بقوله: "لم أفعل شيئاً خاطئاً، خاصة أنني فعلت ذلك باحترام، أخبرني وحيد أن قراره اتخذ، وبالنسبة لي، فالموقف كلفني مكاني داخل المنتخب، لا بد أنه قال في نفسه بلهندة لديه شخصية قوية للغاية، وسوف يربك حساباتي".
نعم يملك يونس بلهندة شخصية قوية، وكما يُقال "فهو لا يملك لسانه في جيبه"، وقد سببت له صراحته في طرده من نادي غلطة سراي قبل نهاية عقده رسمياً بـ3 أشهر، وقد حدث ذلك لما أدلى في شهر مارس/آذار 2021، بتصريحات صحفية، عقب نهاية مباراة فريقه مع نادي "فيبا سبور" (2-2) في الدوري المحلي، انتقد فيها أرضية الميدان، وقال إنها لا تليق بنادٍ كبير كغلطة سراي، ما أغضب إدارة الفريق التي قررت فسخ عقده من طرفٍ واحدٍ.
ومن جهتنا نتمنى أن يحتفظ بلهندة بشخصيته القوية ولكن أن يحتفظ أيضاً بلسانه في جيبه، وألا يدخل في صدامات مع المدرب الجديد لمنتخب المغرب، وليد الركراكي الذي برر إعادة يونس إلى تشكيلة "أسود الأطلس" بحماسه الكبير في اللعب وتجربته الدولية المميزة بحيث سبق له المشاركة في نهائيات مونديال 2018.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.