تفيد التقارير الإعلامية باقتراب الولايات المتحدة وإيران من توقيع الاتفاق النووي مرة أخرى، بينما تعرب إسرائيل عن مخاوفها بشأن قدرة الاتفاق الجديد على وقف خطط إيران النووية.
لذا، زار مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولاتا البيت الأبيض، حيث التقى بنظيره الأمريكي جاك سوليفان، للتعبير عن مخاوف إسرائيل بشأن مسودة الاتفاق النووي الجديدة.
بعد انتهاء الاجتماع خرج البيت الأبيض ببيان أكد فيه "التزام إدارة بايدن الثابت بالحفاظ على قدرة إسرائيل العسكرية، وتعزيزها لردع أعدائها والدفاع عن نفسها ضد أي تهديد أو مجموعة من التهديدات، بما في ذلك من إيران والوكلاء المدعومين من إيران، والتزامنا بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي".
في توقيت موازٍ، أعلن الجيش الأمريكي أنه نفذ ضربات جوية دقيقة ضد منشآت ومواقع تستخدمها الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في سوريا، والتي غالباً ما كانت تهدد القوات الأمريكية. وفي الوقت نفسه أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت سلسلة من الرسائل التي حث فيها الولايات المتحدة على الانسحاب من المحادثات، التي يخشى أن تؤدي نتيجتها إلى إثراء نظام إيراني خطير لا يمكن الوثوق به.
وكان الاتفاق النووي الموّقع في عام 2015، والذي أُبرم خلال فترة رئاسة باراك أوباما، قد رفع مجموعة من العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران، مقابل فرض قيود كبيرة على برنامجها النووي.
لكن في عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب عن الصفقة، قائلاً إنها ضعيفة للغاية، وأعاد فرض العقوبات القديمة مع إضافة أخرى جديدة.
بعد الانسحاب بحوالي عام، بدأت إيران تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية وطردت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ومنذ دخوله البيت الأبيض قد سعى الرئيس جو بايدن إلى العودة مرة أخرى إلى الاتفاق النووي، حيث جادل هو ومساعدوه بأنه لا يظل أفضل وسيلة لاحتواء التهديد النووي الإيراني. وعلى مدى ما يقرب من عام ونصف العام، وهي الفترة التي تضمنت بعض التوقفات الطويلة، انخرط مبعوثو بايدن في محادثات غير مباشرة مع المسؤولين الإيرانيين حول إحياء الاتفاق. وتشابك الجانبان، اللذان توسط المسؤولون الأوروبيون في مناقشاتهما في المقام الأول، حول مجموعة متنوعة من الموضوعات الشائكة.
وتشمل هذه الموضوعات الشائكة عدة نقاط، منها ما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تلغي تصنيف ترامب للحرس الثوري الإيراني تنظيماً إرهابياً. وكذا مصير التحقيق الذي أجرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في آثار المواد النووية في مختلف المواقع الإيرانية، والمطالب الإيرانية بضمانات معينة بأن رفع العقوبات سيؤدي إلى فوائد اقتصادية، وأن الولايات المتحدة لن تنسحب من الصفقة في ظل رئيس مختلف.
وقال بايدن إنه لن يلغي تصنيف الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب، وأشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أنها لن تتخلى عن التحقيق.
وردت إيران مؤخراً على مشروع اقتراح أوروبي بشأن إحياء الاتفاق بتعليقات ركزت في الغالب على العقوبات والضمانات الاقتصادية، رداً على ذلك قدمت واشنطن ملاحظاتها الخاصة الأسبوع الماضي.
وكانت الولايات المتحدة تتشاور مع الحلفاء، ومن بينهم إسرائيل، قبل إرسال ردها. ولذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس: "في كل خطوة من العملية كنا على اتصال مع شركائنا الإسرائيليين لإطلاعهم على موقفنا، ولمقارنة الملاحظات حول حالة البرنامج النووي الإيراني".
ويبذل المسؤولون الإسرائيليون جهودهم في وقت حساس، ستجري الدولة، التي تشرف عليها حالياً حكومة تصريف الأعمال، انتخاباتها الخامسة قريباً في أقل من أربع سنوات. وقال علي فايز، كبير المحللين الإيرانيين في مجموعة الأزمات الدولية، إن الجدل الداخلي الرئيسي بين المفاوضين الأمريكيين كان حول الضمانات الاقتصادية التي تسعى إليها إيران. وتتعامل هذه الضمانات جزئياً مع مخاوف إيران من أنه حتى إذا تم إحياء اتفاق 2015، فإن الشركات الأجنبية ستعتبر الاستثمار في البلاد أمراً محفوفاً بالمخاطر. وحتى عندما كان الاتفاق ساري المفعول كانت العديد من الشركات الأجنبية مترددة في القيام بأعمال تجارية في إيران.
وبالنسبة للقادة السياسيين في إسرائيل، فإن إيران عندما يكون اقتصادها أقوى فهي دولة تشكل تهديداً أكبر لوجود بلادهم. ويعتبر حكام إيران إسرائيل دولة غير شرعية، وتوقع البعض هلاكها في نهاية المطاف.
وقد ازداد قلق القادة السياسيين الإسرائيليين، لدرجة أنهم يقولون إنه إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على إيران، فإن النظام سيستخدم الأموال الواردة للانخراط بشكل أكبر في مجموعة من الأنشطة البغيضة، بما في ذلك تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية التي تستهدف إسرائيل.
ويعتقد العديد من القادة السياسيين الإسرائيليين أيضاً أن الحكومة الإيرانية لن تتخلى أبداً عن طموحاتها النووية، وأن إيران الأكثر قوة اقتصادياً ستسعى مرة أخرى إلى مثل هذا البرنامج. والعديد من بنود الاتفاق النووي لها تواريخ انتهاء صلاحية.
ولكن بعض الإسرائيليين في المؤسسة الأمنية- وغالبا ما يكونون ضباطاً متقاعدين يتمتعون بحرية أكبر في التحدث علناً- انفصلوا عن قادتهم السياسيين بشأن هذه القضية. وهم يجادلون بأنه على الرغم من أن الاتفاق النووي قد يكون غير كامل، فإنه أفضل من عدم وجود قيود أو مراقبة لبرنامج إيران.
ويدرك مسؤولو إدارة بايدن أن أنشطة إيران لا تبدأ وتنتهي بالبرنامج النووي. ولكنهم يؤكدون أن احتواء هذا البرنامج سيجعل من السهل معالجة العديد من التحديات الأخرى التي تطرحها طهران. وتشمل تلك التحديات كبح جماح برنامجها للصواريخ الباليستية ورعايتها للجماعات المسلحة.
وفي الوقت الحاضر، يعتقد أن وقت اختراق إيران- وهو مقدار الوقت اللازم لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي- هو بضعة أسابيع. وبموجب الاتفاقية المستعادة، من المحتمل أن يكون حوالي ستة أشهر، وبموجب الاتفاقية الأصلية لعام 2015، تم تقديرها بحوالي عام.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.