تعملق جسمه فجأة بعد معاناة مع بطء النمو.. كيف وصل “الغول” إيرلينغ هالاند إلى هذا التكوين المرعب؟!

عدد القراءات
2,277
عربي بوست
تم النشر: 2022/09/01 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/01 الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش
إيرلينغ هالاند مع مانشستر سيتي/ رويترز

أزرق بالفطرة

من ضمن أبشع إصابات كرة القدم على مدار تاريخها، تلك اللقطة التي يركل فيها لاعب يرتدي القميص الأحمر لاعباً يرتدي القميص السماوي، في بادئ الأمر تبدو لقطة مزعجة للغاية، خاصة أن اللاعب بالزي الأحمر من الواضح والمؤكد أنه تعمد إيذاء خصمه.

وكانت الإصابة في أرشيف الإصابات القبيحة التي ينتفض جسدك لرؤيتها، حتى ظهر في عالم كرة القدم فتى من النرويج اسمه إيرلينغ هالاند.

في الحقيقة هالاند ليس له دخل كبير باللقطة، بل من هذه اللقطة تعرف كل شيء، ولماذا اختار مانشستر سيتي دون غيره من الفرق التي أرادت وسعت لضمه: هل هو الراتب؟ عمولة وكيله؟

في الحقيقة، وبعد التنقيب، اللاعب الذي أصيب في اللقطة الشهيرة كان ألف إنجي هالاند، إنه والد إيرلينغ، ولاعب مانشستر سيتي الذي تعمد إيذاءه هو روي كين قائد مانشستر يونايتد في نفس اللقطة.

ألف لم يكن مجرد لاعب في صفوف مانشستر سيتي، بل لعب في صفوف ليدز يونايتد وحتى مع نوتنغهام فورست، لكن تلك اللقطة بالتحديد هي ما جعلت ألف وعائلته وكل من ينتمي لقريته يكرهون كل شيء له علاقة باللون الأحمر في إنجلترا.

على حافة الثلاثين كان، هو الرجل الذي سُحب وجهه للأسفل وملامحه الحادة الريفية الأوروبية كما لو كان بطلاً ريفياً في الأفلام الشهيرة.

هو الرجل الذي لم يتمكن من ممارسة كرة القدم من بعد تدخل روي كين الشنيع على قدمه، وهو نفس الرجل الذي وعائلته، يكرهون أن يروا أو يسمعوا تصريحاً يُدلي به روي، ويكرهون مانشستر الحمراء كما لو كانت عالماً مظلماً يحمل لهم من الذكريات ما يجعلهم يستشيطون إذا ذُكر ولو بدون قصد.

ولم يرث إيرلينغ كل شيء من والده ألف فحسب، بل إن جراي ماريتا براوت منحته من الجينات ما بنى قوامه وشد عوده بالشكل المذهل الذي نراه الآن.

إن جراي ماريتا هي لاعبة سباعي، وهي الرياضة التي تتنافس فيها السيدات في الميدان والمضمار في سبع منافسات مختلفة، ولهذه الأسباب لم يكن إيرلينغ لاعباً بارعاً فحسب، بل لديه من المرونة ما يسعفه للتعامل مع أي سباق ووضعية تُفرض عليه.

إنه أكبر بكثير من عمره

لم يكن غريباً بعض الشيء، أن الطفل الذي ولد في بيئة من أب هو في الأصل لاعب كرة قدم محترف في إنجلترا، وأم هي عداءة وعدة أشياء أخرى؛ يمكن أن يكون طبيباً أو معلماً.

بدأت القصة مبكراً، الفتى الذي ولد في عام 2000، كان يجيد كل شيء، ويتفوق على أقران جيله بالمهارة والقوة والأشياء التي تغري أي كشافة في العالم لخطف موهبة والزج بها في أكاديمية.

لاعب كرة يد، ومارس الغولف، وكان عداءً في فترة من الفترات، لقد أرادت أسرته له أن يكون رياضياً محترفاً في أي مجال؛ المهم أن يصل إلى مرحلة الاحتراف وعندها يمكن أن نتحدث.

وبدأت المؤشرات تُظهر الموهبة الخارقة التي يتمتع بها إيرلينغ منذ أول نقطة عرق خرجت من مسامه، يوم أن بدأ الدخول في أكاديميات كرة القدم وأصبح صعوده التدريجي مفاجئاً حتى بالنسبة لمدربيه الذين أصبحوا يعولون عليه أمام فئات قد تكبره بسنة أو أكثر.

في عام 2006 قالوا إنه حقق رقماً قياسياً مقارنة بعمره، يوم أن قفز قفزته الطويلة بمسافة 1.63 متر مقارنة بعمره الصغير.

وكانت أول وجهة حقيقية هي تلك في براين، النادي الأشهر في نفس المنطقة التابع لها، والنادي الذي عاد إليه والده ألف، يومَ أن نال الإحباط منه ما نال وقال لكرة القدم كفى حتى وإن لم يكن ما بداخله يقصد ذلك.

في براين لعب إيرلينغ، حتى جذب أنظار كشافة مولدي، في مولدي كانت مفاجأة كبيرة تنتظره، وهو الرجل الذي برائحة الأحمر لكنه بنكهة النرويج: أولي جونير سولشاير.

الرجل الذي رفع يديه عالياً في سماء الكامب نو في عام 1999، والذي جعل الألمان يذرفون الكثير من الدموع في نفس الليلة.

معه، اكتشفوا في مولدي أن الفتى الصغير لديه مشكلة ستمثل معضلة حقيقية بعد سنوات؛ إنه لا يكبر، نعم، لا يكبر، إذا ما قارنوه بأقرانه الحاليين فسيتضح أنه لا يكبر.

إيرلينغ قوي وسريع وهداف، لكنه لا يكبر؛ لذا تدخلت تويبورج هاوجن "طنطي" كما يلفظونها في النرويج، طباخة النادي والمرأة التي مثلت له الأم في مرحلة المراهقة.

فكرت "طنطي" في أبسط وسيلة لحل هذه المشكلة، وهي أن يأكل، الأمر بسيط وسهل، لا بد أن يأكل ما يحب بكميات مناسبة لحل المشكلة.

وبالمواظبة على الجدول المحدد له، زاد طوله تقريباً 8 سم خلال سنتين، وبدأت رحلة التطور المرعبة تتخذ مسارها الصحيح والمنطقي.

ندين لبراين بكل شيء

في براين تشم رائحة الشواطئ، ورائحة الخنازير أيضاً، في براين يمكنك أن تصبح لاعب كرة قدم يتقاضى ملايين في السنة الواحدة، وفي نفس الوقت تعمل كفلاح في بلدتك.

لقد اكتسب إيرلينغ كل شيء من هناك، من براين، تعلم منهم كيف يتحولون وكيف يكبرون، كيف للإنسان أن يتعامل مع جسده وكيف له أن يتعامل مع معدنه.

في براين علموه أن يمارس أكثر من رياضة، فالرياضات كأعضاء الجسد؛ جميعها تئنّ لألم أحدها وتفرح لفرحه، وكانت رياضته هي كرة اليد، لما فكروا في تحسين حركة لاعبي براين طلبوا منهم أن يمارسوا رياضة كرة اليد، لأنها تعتمد على مساحة أصغر وتتطلب قرارات أسرع وبالتالي تُنمي مواهب لاعبي كرة القدم في المساحات الأكبر.

حين كبر وبدأت الأندية تراقبه، أدرك هالاند أنه بحاجة إلى التطور، لهذا قال إن كل شيء فيه يتغير ويتطور، ويمكنك أن تشاهد جسده في الماضي وتقارنه بجسده الحالي وستعرف كيف تطور.

لقد زاد وزنه 12 كيلوغراماً خلال 50 شهراً، وهي مدة طويلة بالنسبة للاعب كرة قدم، الغريب هنا أنه زادها عضلات صافية، تنظر إلى جسده فتعرف كيف يعتني به ويهتم لأمره.

في الريف النرويجي، تعلم ما هو أهم من تحسين الكتلة العضلية، ومن ممارسة كافة الرياضات بدرجة إجادة عالية، على جراره العتيق قال غابرييل: "لا تدع لسانك يتحدث؛ بل قدمك".

جابرييل هويلاند، الرجل الذي لم يخرج من بلدة براين، ومارس فيها كل شيء، من كرة القدم إلى الفلاحة وحتى النصائح التي قدمها للصغير إيرلينغ هالاند، لدرجة أن من سرد هذه القصة هو إيرلينغ نفسه ولم يتذكرها غابرييل إلا بعد تذكيره بها بهدوء وبعدة أمارات عليها.

يوم أن سألوه لماذا لا يظهر في مقابلات ويحاول جذب الأضواء بشكل مستمر إليه، قال لهم، إنه في يوم من الأيام، كان غابرييل هويلاند جالساً على جراره العتيق وقال له: "لا تدع لسانك يتحدث نيابة عنك، بل دع قدمك تؤدي المهمة".

غابرييل لم يتذكر، في حقول البطاطا كان يعمل، وبجواره جراره العتيق لا يزال على قيد الحياة، لكن إيرلينغ لم ينسَ، وأصبح منذ ذلك اليوم يعمل على تطوير جسده بكل الطرق والوسائل الممكنة.

غوارديولا أصر على حسم صفقة هالاند (رويترز)
غوارديولا أصر على حسم صفقة هالاند (رويترز)

إنه أكثر من إنسان

إنه أكثر من مجرد لاعب بارع وموهبة يتوقعون لها أن تُصبح أسطورة، إيرلينغ هو ماكينة أهداف، ليس لأنه سجل أكثر مما لعب مع ريد بول سالزبورغ، ولا لأنه ساهم بأكثر من عدد مشاركاته أهدافاً بقميص بروسيا دورتموند، ولا لأنه سيصبح أسطورة في مانشستر سيتي ويحقق ما عجز عنه والده.

ميزة إيرلينغ هالاند أنه يعرف كيف يدير نفسه بنفسه، من البيئة الرياضية التي نشأ بها، إلى الحياة الريفية الهادئة التي عاش فيها، والفترات التدريبية التي اكتسب خلالها كل هذا الهيكل المرعب لخصومه، وطريقة ركضه التي تشبه اللصوص يوم أن تضيق بهم المنافذ هرباً من الشرطة؛ بل لأنه، إلى يومنا هذا، ومن الواضح إلى أن يعتزل، لا يزال يسمع نصيحة غابرييل هويلاند ويرددها: "لا تدع لسانك يتحدث نيابة عنك؛ بل اجعل لسانك يفعل ذلك".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر إبراهيم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
تحميل المزيد