أزاحوها عن العرش لأنها امرأة فعادت لتحكم البلاد كلها.. القصة الحقيقية وراء “House Of The Dragon”

عدد القراءات
609
عربي بوست
تم النشر: 2022/08/25 الساعة 12:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/25 الساعة 12:05 بتوقيت غرينتش
House of The Dragon مواقع التواصل الاجتماعي

في الحادي والعشرين من أغسطس/آب الجاري، بدأ عرض الحلقة الأولى من مسلسل "منزل التنين" أو "House Of The Dragon" لمؤلف الملاحم الفانتازية والخيالية المشهور جورج آر مارتن، ليعلن بداية ملحمة جديدة في عالم "صراع العروش"، ملحمة ربما تتفوق على سابقتها وتتعلم من أخطاء الماضي.

فمنذ أن وضع صناع مسلسل صراع العروش نهاية لملحمته التي امتدت لسنين مع صدور حلقته الأخيرة بعنوان "العرش الحديدي"، في يوم التاسع عشر من مايو/أيار عام 2019، وجمهور المسلسل، بل وجمهور الملاحم التاريخية والفانتازية بشكل عام يتوقون ويتعطشون للمزيد، بالأخص بعد نهاية المسلسل التي لم ترتقِ لمستوى التوقعات المطلوب.

وها هي الحلقة الأولى من مسلسل "منزل التنين" "House Of The Dragon" تعلن عودة ذلك العالم السحري بكل قوته، ليروي عطش جمهوره ويمنحهم ملحمة تليق بهم، وبالطبع لا شيء أروع من ملحمة متعلقة بحرب أهلية عظيمة حدثت بين أفراد عائلة تارجاريان وتنانينهم.

وبالطبع كعادة الروائي العظيم والمؤلف المخضرم جورج مارتن، نجد أنفسنا أمام قصة ربما هي خيالية جزئياً بالفعل، ولكنها مستقاة كذلك من التاريخ، لتعطي لنا دروساً حول تفاصيل أحداث تاريخية ربما لم نسمع بها من قبل.

وعلى غرار اقتباسه قصة "صراع العروش" من تاريخ حرب الزهور التي حدثت بين عائلات التاج البريطاني حول عرش إنجلترا، والتي استمرت لأكثر من قرن من الزمان، نجد أنفسنا أمام اقتباس خيالي آخر لحقبة مأساوية من التاريخ البريطاني، وهي حقبة "الفوضى" أو "Anarchy".

لذا إن كنت تشعر بالحماس منذ صدور الحلقة الأولى نحو بقية المسلسل، فدعني أُشعل لك حماسك أكثر، بسرد بعض من القصة الحقيقية خلف المسلسل.

الأحداث التي أدت إلى الفوضى

تبدأ القصة بغزو الدوق ويليام، دوق نورماندي، عام 1066، لإنجلترا، حيث سحق جيش الملك الإنجليزي هارولد جودوينسون، ليفوز بتاج إنجلترا ولقب الملك ويليام الغازي، وصنع بالتالي طبقة حاكمة جديدة لإنجلترا من الفرنسيين النورمان.

بالطبع يمر الزمن ويموت ويليام وتنقسم مملكته بين ولديه، ويليام الثاني وروبرت الثاني، ولكن حفيداً يحمل اسم هنري الأول يوحد المملكة من جديد تحت حكمه، ولكي يضمن أن تبقى الممكلة واحدة تحت حكم نسله دون صراعات مستقبلية، قام بتسمية ابنه الشرعي الوحيد ويليام أديلاين وريثاً للعرش، ولكن القدر ضرب بمخططاته عرض الحائط.

مأساة في ليلة باردة

ففي ليلة باردة، من شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 1120 ميلادياً، قام الأمير ويليام مع بعض من أصدقائه وأقاربه بركوب سفينة تنطلق بهم من نورماندي إلى إنجلترا، ليغرق طاقم السفينة وضيوفها في عربدة من الخمور، بعد أن يصطدم جسم السفينة في النهاية بصخور ضخمة قرب الساحل، تتسبب في غرقها واختفاء جسد الأمير بين الأعماق المظلمة إلى الأبد.

تركت تلك الأخبار الملك هنري الأول في حالة من الحزن العظيم والفوضى المشرفة على الانفجار، فالملك لا يمتلك ابناً شرعياً آخر، لذا يقرر في النهاية أن يعلن وريثته الشرعية الوحيدة أميرة على التاج، وهي الأميرة ماتيلدا، ابنته الشرعية، ومن هنا تبدأ أحداث الفوضى الحقيقية التي اقتُبس منها المسلسل.

بداية الفوضى

خلال زمن الأحداث السابقة، كانت ماتيلدا إمبراطورة الإمبراطورية الرومانية المقدسة الألمانية، ولكن بعد وفاة زوجها عام 1125، وجدت نفسها في النهاية بلا أطفال يضمنون لها مكاناً على عرش الإمبراطورية، لذا قررت العودة لإنجلترا، حيث ستنغمس في ألاعيب السياسة الملكية.

في عام 1127، وبعد وفاة أخيها، قرّر والدها الملك هنري تسميتها كوريث لحكم إنجلترا، وبالطبع ذلك القرار لم يكن سهلاً أبداً، فالنبلاء الفرنسيون والإنجليز لن يرضوا بملكة أنثى فوق رقابهم، وما زاد رفضهم لها هو شخصيتها القوية، وكبرياؤها الذي حفّز كُره النبلاء لها أكثر، وهكذا بدأت الأحاديث والهمسات تتعالى بين الطبقات المختلفة، حول كونها امرأة أجنبية لا تستحق أبداً أن تأخذ العرش.

في هذا الوقت قررت ماتيلدا أن تقوم بمحاولة لدعم قوتها الحاكمة أكثر، عن طريق الزواج من نبيل فرنسي، يُدعى جوفري كونت إنجو، ولكن تلك المحاولة تسببت في فتق الصدع أكثر فأكثر، لكون جوفري منافساً لنورماندي، وهو ما دعم سردية النبلاء ضدها.

هنا شعر والدها هنري بأن عليه التدخل لحماية ابنته وعرشها، فقام بجمع النبلاء ودفعهم للقيام بقسم ولاء تجاه ماتيلدا، دفع حل هنري هذا ببعض الهدوء لبضع سنين، ولكن أسفل الطاولة كان النبلاء يبحثون عن طريقة للتخلص من ماتيلدا وتعيين ملك ذكر أكثر استحقاقاً منها للعرش.

الملك ستيفن المتمرد

في عام 1135 توفي الملك هنري بعد صراع مع السم، ورغم جهوده قبل وفاته لحماية العرش سرعان ما انهارت دولته نحو الحرب الأهلية، فالنبلاء قرروا أن يتجهوا لستيفن، ابن أخي الملك هنري، وحفيد الملك ويليام الغازي، ورغم كون ستيفن أحد أول النبلاء الذين أقسموا بالولاء لماتيلدا، فإن قسمه تبدد حين تجمع حوله النبلاء الآخرون، قائلين إنه الأحق بالعرش من امرأة، حتى وإن كانت ابنة الملك.

وهكذا، وبسبب دعم النبلاء له، وكذلك دعم الكنيسة الممثلة في البابا إيوجين الثالث، عبر ستيفن بجيشه إلى إنجلترا، وبدأ حرباً أهلية ضد ماتيلدا.

ورغم كونه ذكراً، وذا حق حقيقي في المطالبة بالعرش، بدأت شرعيته في الانهيار بسبب سلسلة القرارات الخاطئة التي تسببت في عدد من الأزمات، فمملكة ويلز قررت التمرد، وتبعتها كذلك مملكة اسكتلندا، وهو ما أرغم ستيفن على القيام بمعاهدة سلام في محاولة لتهدئة الأوضاع، معاهدة قدم فيها العديد من التنازلات على حساب النبلاء الإنجليز، وهكذا بدأ البساط ينسحب من تحت قدميه.

الملكة ماتيلدا المحاربة

بعد اغتصاب ستيفن لعرشها، رفضت ماتيلدا أن تخضع، وقررت أن تقاتل لأجل إرثها، وبدأت بالبحث عن حلفاء، وبالفعل عثرت عليهم وسط النبلاء الذين دعموا ستيفن من قبل.

وفي عام 1139، اعتقل الملك ستيفن العديد من النبلاء، خوفاً من انضمامهم إلى ماتيلدا بسبب معاهدة سلامِهِ الظالمة، وهو ما سبب حالة من الغضب المتّقد، ودفع الآخرين من النبلاء والبارونات إلى الانضمام لراية ماتيلدا.

تسببت هذه الأحداث المتناحرة بين قطبين قويين متصارعين على الحكم في حالة من الفوضى المستبدة، فأصبح الأمراء والنبلاء يهاجمون مدن وبلدات بعضهم البعض، وانتشر المرض والفقر وقطع الطرق، وسقطت البلاد بأكملها في حقبة من الفوضى.

بداية الحرب الأهلية

استمرت الفوضى من عام 1139 إلى عام 1152، ويمكن القول إنها بدأت منذ عبرت ماتيلدا بجيشها القناة الإنجليزية من نورماندي إلى إنجلترا، حيث انتظرها جيش ستيفن.

تحصنت ماتيلدا وجنودها بقلعة أرونديل، وهناك تم حصارها بجحافل ستيفن، ولكن بعد مدة قصيرة سمح لها ستيفن بالمغادرة نحو قلعة أخيها غير الشقيق، وابن أبيها غير الشرعي روبرت، وكان هذا السماح هو المسمار التالي في نعش ستيفن، حيث مكن لها هذا الانتقال نحو قلعة أخيها غير الشرعي التحكم في غرب إنجلترا بالكامل.

وهكذا اشتعلت الحرب الحقيقية بينها وبين ستيفن، حرب امتدت لأعوام طويلة، تبادل فيها الطرفان مواضع القوى والضعف، ودفع شعب إنجلترا الثمن بأكمله في صراع الملوك هذا.

وهذا بالضبط ما نتوقع أن نراه بين أحداث المسلسل، حيث ستشتعل الحرب بين عائلة التنانين لتدمر الأخضر واليابس، وليدفع العامة ثمن الأطماع والغنائم والقتل، طمعاً في عرش لن يمنح الجالس فوقه خلوداً دائماً.

على كلٍّ، دعونا ننتظر ما سيقوم به المسلسل من تمثيل لأحداث تاريخية في إطار خيالي ملحمي، ودعونا نحتفظ ببعض الحماس لأجل ما هو قادم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد جمال فرانك
روائي مصري وكاتب متخصص في السينما
روائي مصري وكاتب متخصص في السينما، من مواليد محافظة الدقهلية عام 1996، صدر لي: رواية صلوات العبيد، وكتاب كريبي باستا، وكتاب المسكوت عنه في سينما الرعب.
تحميل المزيد