بين وهم الإصلاح وتضارب المصالح.. ماذا يفعل أخنوش في السلطة بالمغرب؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/08/25 الساعة 09:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/25 الساعة 09:38 بتوقيت غرينتش
عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربي المكلف (مواقع التواصل الاجتماعي)

منذ مدة والمغرب يعرف احتجاجات ضد غلاء أسعار المحروقات والمواد الغذائية على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت بديلاً ربما عن المظاهرات في الشارع؛ بسبب حالة الطوارئ التي تفرضها السلطات المغربية "للحد من انتشار فيروس كورونا"، فأي محاولة للاحتجاج يتم عدم الترخيص لها بفعل حالة الطوارئ الصحية؛ لذلك تمت الاستعانة بهذه الوسائط الجديدة للتعبير عن سخط وغضب المواطن المغربي من ارتفاع الأسعار، وهو مظهر جديد من مظاهر الاحتجاج التي لم تكن معهودة من قبل.

فليست المرة الأولى التي يستعمل فيها المغاربة وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاج، الكل يتذكر حملة المقاطعة التي كانت ناجحة وكلفت الشركات التي كانت مستهدفة من خلال هذه الحملة خسائر مادية، وكانت أبرز الشركات التي تعرضت لحملة المقاطعة شركة إفريقيا غاز لتوزيع المحروقات، والتي تعتبر الفاعل الرئيسي في قطاع الطاقة في المغرب، والتي يملكها رجل الأعمال ورئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش.

فشركة رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش "إفريقيا" تستحوذ على 36% من سوق المحروقات في المغرب، 29% من الديزل و42% من البنزين الممتاز، تم اتهامها (شركة إفريقيا غاز) مع باقي شركات المحروقات بتحقيق أرباح خارج نطاق القانون وبشكل غير مشروع حسب تقرير للجنة الاستطلاع البرلمانية، وبلغت الأرباح غير المشروعة التي حصلت عليها تلك الشركات حدود مطلع 2021 نحو 45 مليار درهم (4.5 مليار دولار) بحسب هذه التقارير وعلى مسؤوليتها.

رغم حملة المقاطعة استطاع عزيز أخنوش الفوز في الانتخابات العامة سنة 2021 في استحقاق انتخابي عاد بعقارب الساعة إلى الوراء ليذكر المغاربة بانتخابات ما قبل حكومة التناوب. مالك شركة أكوا القابضة التي تعتبر شركة أفريقيا غاز إحدى أذرعها المهمة، أصبح رئيساً للحكومة، هذا الوضع الجديد جعله يقع في تضارب المصالح بسبب قبعتي السياسي الذي يترأس الحكومة ورجل الأعمال الذي يملك شركة هي فاعل رئيسي في قطاع المحروقات، والتي عليها شبهات الربح غير المشروع. 

بسبب الزيادة في أسعار المحروقات مؤخراً، والتي رغم بعض التخفيضات التي لا ترقى لمستوى انخفاض ثمن برميل النفط، مقارنة بما يجب أن تكون عليه، تؤكد العديد من المؤشرات على أن الأوضاع في المملكة لا تبشر بالخير بفعل تأثير هذه الزيادات على القدرة الشرائية للمواطن المغربي؛ حيث بلغ معدل التضخم حسب مندوبية التخطيط 7.7%، في الوقت الذي خفضت فيه الحكومة توقعاتها في نسبة نمو الناتج الداخلي الخام إلى 1.7% لسنة 2022، بينما كانت توقعاتها تشير إلى 3.2%، على عكس رقم الحكومة في نسبة النمو، البنك الدولي توقع نسبة أقل من 1.1% وعجزاً مرتقباً في الموازنة بنسبة 6.2%، هذه الأرقام السلبية التي تظهر بالملموس أن الوضعية الاقتصادية للمغرب صعبة، مما قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه في حال تفاقم الاحتقان الاجتماعي وانتقاله من العالم الرقمي إلى الشارع.

الحكومة بعد تعيينها كانت تروّج أنها جاءت للقيام بإصلاحات هيكلية لتعزيز التماسك الاجتماعي عن طريق تحسين وتطوير الاقتصاد من أجل نمو اقتصادي ملائم لإحداث مناصب الشغل والحد من التباينات الاجتماعية وتحقيق العدالة المجالية، لكن هذه الوعود المعسولة كانت مجرد شعارات جوفاء، فتنامي غضب الشارع المغربي على تدبير رئيس الحكومة للسياسات العامة في ظل الارتفاع المهول لأسعار المحروقات وغلاء المواد الغذائية، كلها مؤشرات على فشل عزيز أخنوش السياسي في تدبير المرحلة، بينما يبدو أن عزيز أخنوش رجل الأعمال أحسن تدبير مشاريعه وهذا ما انعكس على ثروته التي هي في نمو مستمر، فما بين عامي 2020-2022 زادت ثروته بمليار دولار حسب مجلة فوربس لتصل إلى ملياري دولار.

حكومة أخنوش يصفها المغاربة بحكومة تضارب المصالح، فبالإضافة لرئيسها الذي يجمع بين رئاسة السلطة التنفيذية وامتلاكه لشركة إفريقيا غاز التي تحتكر توزيع المحروقات في المملكة، هناك وقائع أخرى لتضارب مصالح فيما بين أعضاء الحكومة، أبرزها الواقعة الأخيرة بين عبد اللطيف الميراوي، وزير التعليم العالي، وعبد اللطيف وهبي، وزير العدل، المنتميين لحزب الأصالة والمعاصرة، أحد مكونات الأغلبية؛ حيث تم عقد صفقة مثيرة بين وزارة التعليم العالي ومكتب محاماة وزير العدل من أجل الدفاع عن مصالح الوزارة، وفي حلقة أخرى من حلقات مسلسل حكومة تضارب المصالح، وحسب مجموعة من وسائل الإعلام، تم عقد صفقة مع مكتب للدراسات والاستشارة فاليانس كونسلتينغ، الذي يعتبر محسن الجزولي، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار قائد الائتلاف الحكومي، هو الرئيس المدير العام لهذا المكتب للدراسات. 

هذه الصفقة تم إبرامها بمبلغ يقدر بـ5.7 مليون درهم من أجل "إنجاز مخطط للتنمية الجهوية" لجهة الرباط سلا القنيطرة، هذه الصفقات واستغلال النفوذ، تتم وسط انتهاك صارخ للدستور الذي حسب الفصل 36 "يعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات طابع مالي". كما "يعاقب القانون على الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز، ووضعيات الاحتكار والهيمنة، وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية".

ورغم مطالب المغاربة بإقالة أو رحيل حكومة أخنوش، يبدو أن دوائر صنع القرار في المملكة لحدود الساعة لا يسعون إلى أي تغيير شامل للحكومة، وهناك أخبار عن تعديل حكومي جزئي الهدف منه ترقيع حكومة تضارب المصالح ليس إلا.

المغاربة يتطلعون لحكومة تؤدي مهامها بالفعالية والنجاعة المستلزمة لإنجاز برامج ومشاريع اقتصادية-اجتماعية تخفف عن المواطن معاناته اليومية في كسب لقمة العيش بكل كرامة، وتساعده على تلبية حاجياته الأساسية، لا إلى حكومة فقيرة من ناحية المنجزات، تكتفي بالترويج لمشاريع تفوح منها رائحة الزبونية والمحسوبية كبرنامج أوراش، حكومة كل ما يهم معظم أعضائها، هو تحقيق مصالحهم الخاصة، ضاربين عرض الحائط بهموم الشعب المغربي.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد بن الدِيوس
كاتب مغربي
كاتب مغربي
تحميل المزيد