منعهم لابورتا للأبد ويحتاجهم برشلونة بشدة.. من هم البويشويس نويس المحظورون من الكامب نو منذ 20 عاماً؟

عدد القراءات
1,229
عربي بوست
تم النشر: 2022/08/20 الساعة 10:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/20 الساعة 10:14 بتوقيت غرينتش
جماهير برشلونة الإسباني من رابطة البويشويس نويس (الأولاد المجانين)/ رويترز

أكثر من مجرد عار!

كان كل شيء في موسم برشلونة الماضي متذبذباً، بدأ برحيل ميسي المفاجئ، وخروج أنطوان جريزمان من بعده، والاعتماد على صفقات عادية لم تلبِّ رغبات الفريق.

ثم أتى تشافي هيرنانديز، وتخبط الفريق معه بعض الشيء، إلى أن استطاع الفريق إبرام صفقات مهمة للغاية، تحديداً في خط الهجوم: فيران توريس، بيير باتريك أوباميانج، آداما تراوري.

ودخل الفريق مرحلة ما بعد يناير، وكأنه شُحن بقوة خارقة، انتصارات كاسحة وتفوقات لا أحد يتوقعها ولا يتخيلها طبقاً لسير الأمور، حتى إنه فاز برباعية –مع الرأفة- على ريال مدريد في البيرنابيو.

ومن موسم عادي ومتخبط، إلى موسم تاريخي يلوح في الأفق، خاصة في بطولة اليوروباليج، التي كان برشلونة هو المرشح الأوفر حظاً للظفر بها، بتاريخه ومعطيات ما يقدمه آنذاك، ثم، وفي ظروف غامضة، تبخر الحلم وانعكست الآية.

إنها ليلة الرابع عشر من أبريل 2022، ربع نهائي مسابقة الدوري الأوروبي على ملعب الكامب نو، برشلونة يستضيف فريقاً ألمانياً يُدعى إنتراخت فرانكفورت، بعد تعادلهما في المباراة الأولى بهدف لمثله.

خارج إطارات الملعب، كانت التحذيرات، الصحافة الكتالونية رأت وبلغت ما رأته، قالوا إن الوضع أخطر مما قيل وكُتب، في الخارج كان البركان يبدأ في النهوض.

جالية ألمانية ضخمة تجول شوارع مدينة برشلونة، بلونها الأبيض وبأصواتها المسموعة، قالوا إنهم احتلوا كتالونيا، وإن الصحافة الكتالونية رأت، ولما رأت كتب أحدهم قبل بداية اللقاء بحوالي ساعة أو أقل: "لا أستطيع أن أصف ما أراه، لكن المشهد لم أره من قبل في برشلونة!"

وبدأت المباراة بالفعل، في التاسعة مساءً حدث كل شيء، الكاميرات الناقلة للمباراة وثقت ما رآه الصحفيون، الجالية الألمانية لم تكن بأسطولها الكامل خارج الملعب فحسب، بل داخله أيضاً!

وفي الدقيقة الرابعة سجل كوستش هدف التقدم، وفي الخامسة والثلاثين سجل رافا بوري الهدف الثاني، شيء ما يحدث، شيء لا تستطيع أن تشرحه، لكنك تشعر به.

لقد استحوذ جمهور فرانكفورت على نصف ملعب الكامب نو، ولم يعد برشلونة يلعب بأفضليته، لا أفضلية الأرض ولا أفضلية الجمهور، الأمر أقرب إلى أن برشلونة يلعب المباراة النهائية للمسابقة في ملعب محايد؛ حتى وإن كان ملعبه.

بلا طعم وبلا رائحة، ولا حتى بمقاومة، وبدلاً من أن يعود برشلونة تفاجأ العالم بأكمله، إنه كوستش من جديد، قبل نهاية المباراة بثلاث وعشرين دقيقة، إنه كوستش من جديد يُسجل الهدف الثالث للفريق الألماني، ومِن حوله، كأنه يلعب في ألمانيا تحديداً، الجماهير الألمانية كلها تحتفل.

بيعت التذاكر الخاصة بجماهير برشلونة في السوق السوداء، باعوها هُم، أو عن طريق موقع وهمي سُجل عليه الجمهور الألماني وحصل على التذاكر، كل الأسباب التي ذكرتها الصحافة لم تكن مقنعة، الجماهير الكتالونية تخلت عن فريقها في أهم لحظة من لحظات الموسم، ولم تكن مجرد ذكرى عابرة، إنها أكثر من مجرد عار!

من هم؟

بويشويس نويس، "الأولاد المجانين" كما يتم ترجمتها للعربية، وهم التنظيم الذي تأسس عام 1981 لدعم ومساندة برشلونة مادياً ومعنوياً.

وفي الأساس هو تنظيم تابع لليسار المتطرف الإسباني، الذي يرفض الديكتاتورية والفاشية ويدافع عن فكرة استقلال كتالونيا عن إسبانيا كدولة، ولطالما منحهم النادي تذاكر مجانية، ووفر لهم رحلات مجانية وأماكن مشروعة يضعون فيها لافتاتهم وشعاراتهم في ثكنات الكامب نو؛ ليكونوا داعمين دائماً له.

قالوا فيما بعد إن مساراتهم تغيرت، ودخل في فكر المجموعة التساهل مع الفوضى، ودعم اليمين المتطرف، وحينما تغيرت أفكارهم حدث انشقاق بينهم، بين مؤيد ومعارض.

لكن المشكلة أن مساراتهم لم تكن آدمية، متهمون هم بقضايا قتل، والشروع في القتل وحيازة أسلحة بيضاء وغير مشروعة، وجرائم أخرى مثل تهريب المخدرات والاتجار فيها، وهي نفس أفكار المجموعة المتطرفة للهولينجز (المشاغبون) في إنجلترا وأيرلندا وغيرهما.

بسبب ذلك تغيرت أماكن وجودهم داخل الكامب نو، تارة تجدهم في المدرج الجنوبي، وتارة تراهم في الدرجة الثالثة، وتارة يتم منعهم نهائياً من دخول الملعب أو مساندة الفريق.

يوم أن اغتالوا لويس فيجو

فيجو وقت انتقاله من برشلونة صوب ريال مدريد، كان بالنسبة لبرشلونة هو القائد والنجم المنعقدة عليه كل الآمال.

لما وصل الكامب نو أول مرة خسر بنتيجة 2-0 مع ريال مدريد، الجماهير كانت غاضبة، منهم من رفع المناديل كما يحدث في مصارعة الثيران، كناية عن الرغبة في قتله، منهم من رفع شعارات تتمنى موته، وخرج فيجو بعد اللقاء ليُدلي بتصريح يقول فيه إن هذه الجماهير مُساقة، الإعلام والصحافة تسببا في هذه الحالة.

في صباح اليوم التالي، أصدر ألفريدو أبيان مقالاً بعنوان "فيجو.. سامحنا"، سلفادور أليسيوس عميد نقابة الصحفيين في كتالونيا أعلن عن اجتماع طارئ، وطلب من الصحافة الكتالونية تهدئة الأمور، وبالفعل فعلت الصحافة ما طُلب منها، وخفت سكاكينها كما يُقال.

لكن فيجو لم يكن يعرف أن التصريح الذي أدلى به كان بمثابة شعلة النار لبركان يغلي في الأساس، وتحولت زيارته الثانية إلى جحيم، فوق رأسه وفوق رؤوس زملائه في ريال مدريد دون التمييز بينهم.

المباراة التي قال عنها مدافع ريال مدريد بافون في ذلك الوقت، إن على امتداد الممرات المؤدية للملعب، والتي سارت منها حافلة فريق ريال مدريد، كانت الجماهير تضرب الحافلة بكل ما يمكن ضربها به.

الزجاج، الحجارة، الآلات حادة، حرب شوارع مصغرة، حتى الأمن لم يكن قادراً على حمايتهم منها بالصورة المتوقعة، وتجمع فريق ريال مدريد بالكامل في منتصف الحافلة خشية الإيذاء أو التعرض لإصابة قبل المباراة.

توقفت المباراة لمدة تزيد على ربع الساعة، بسبب الجماهير والغضب العارم الحادث في أرض الملعب، وكان المدرج الذي يقبع خلف مرمى حارس برشلونة هو المدرج الذي يطلق كل شرارة أقوى من التي قبلها، وهو مدرج "الأولاد المجانين" البويشويس نويس.

الغريب أنهم اكتشفوا فيما بعد، أن الحالة التي بدأت من البويشويس نويس انتقلت تلقائياً لكل مشجع حاضر يشاهد المباراة من أرض الملعب، وزجاجة الخمر التي ظهرت في الصور الأيقونية للواقعة من ماركة J&B أوضحت أن مقاعد الأثرياء أيضاً كانت غاضبة، ولم يكن الغضب حكراً على ألتراس برشلونة وحده.

لقد خانهم لويس فيجو شر خيانة، يوم أن صبغ شعره باللون الأحمر والأزرق كناية عن حبه لبرشلونة، والقائد بالشارة على ذراعه، والنجم الأول وأفضل لاعب في العالم في ذلك الوقت، خانهم، وانتقل إلى من؟ إلى الغريم الذي يكرهونه وأصبح معادياً لهم.

رئيس لكن بما نراه نحن مناسباً..!

مشكلتهم لم تكن أبداً مع رؤساء النادي على مدار تاريخهم الطويل، بل مع من سيرأسه بالتحديد؟

لقد أعلنوا الحرب يوماً على الرئيس جوزيب نونييز، وطالبوا بإقالته أو رحيله علناً بأصواتهم ومن خلال اللافتات التي رفعوها في الكامب نو وخارجه.

ولم يكن العداء مع نونييز فحسب، بل مع نائبه جاسبارت، الذي ترأس برشلونة في فترة هي الأسوأ على مدار تاريخ النادي كله، وكان جاسبارت أكثر ذكاء من نونييز، إذ قال إنه سيساعدهم ويقف بجوارهم ويدعمهم فور أن يستقيل من منصبه كرئيس للنادي.

وظنت المجموعة خيراً بخوان لابورتا، حينما ترشح لرئاسة النادي عام 2003، إذ إن ترشحه لم يكن عادياً، إنه يقف في وجه لويس باسات، الرجل اليهودي الذي تكرهه المجموعة، والتي سخرت منه واستهزأت به من بداية فترة الانتخابات وحتى خسارته لها.

لكن لابورتا لا تأمن مكره، فور أن تسلّم رئاسة النادي عاداهم، ورفض دخولهم إلى الكامب نو من الآن وإلى الأبد، إذ قال إنهم مجموعة من المتطرفين، ولا ينبغي لبرشلونة أن يرتبط اسمه بهم بأي حال من الأحوال.

بالطبع لم تسكت المجموعة على ما قاله، وناله من أفعالهم نصيباً، تهديدات بالقتل ومحاولات اعتداءات، ورسومات وكتابات على جدران منزله تقول إنهم سيحصلون على رأسه في يوم من الأيام.

وإلى الآن لا يُسمح لهم بدخول الكامب نو، لأن نفس الرئيس الذي منعهم في السابق هو الرئيس الذي يحكم برشلونة حالياً: خوان لابورتا، الرجل الذي تخلى عنهم حتى وإن تحول الكامب نو كله إلى زوار وسائحين لا يقدمون للفريق شيئاً حينما يحتاج المساعدة، وربما فرانكفورت هو من كشف الغطاء عن هذه الحقيقة المتعفنة والسلاح الذي فسد في جوف برشلونة، وكان في يوم من الأيام فتاكاً في وجه خصومه.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر إبراهيم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
تحميل المزيد