قبل أن يغذي فيك مشاعر الانتقام.. كيف تتعامل مع “الرفض العاطفي” من الفتاة التي تحبها؟

عدد القراءات
646
عربي بوست
تم النشر: 2022/08/12 الساعة 11:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/12 الساعة 11:41 بتوقيت غرينتش
فتاة الزقازيق سلمى بهجت برفقة صديقها الذي قتلها لرفضها الخطبة منه/ مواقع التواصل الاجتماعي

الشعور بالرفض -خاصة العاطفي- أحد أكبر المشاعر سلبية للرجال والنساء على حد السواء، وإن كان قد حدث معك من قبل فأنت لست وحدك، فهو شديد الشيوع، لكن الشعور بالرفض من قبل شخص تحبه بعد أن تُظهر رغبتك في الارتباط به هو أمر قاسٍ، قد يصيبك بهزة نفسية تجعلك تفقد الثقة بذاتك، وبصفتنا أشخاصاً كباراً فإننا سنواجه الرفض في حياتنا بأشكال مختلفة، فتارة سيتم رفضنا لمرات عدة، وأخرى سنرفض فيها الآخرين، فالرفض من سنن الحياة، مؤلم أجل، لكنه حتمي.

وفي أيامنا هذه أصبحنا نسمع عن قصص رفض أفضت للقتل، كفتاة المنصورة، ومؤخراً فتاة الزقازيق اللتان سلمتا روحيهما إلى بارئها لمجرد أنهما رفضا الزواج بشخص ما! فقبل أن يصل الحال بالبعض إلى ارتكاب جريمة قتل شخص آخر، لمجرد أن طلبه قوبل بالرفض، دعونا نعرف معاً ما هو الرفض؟ وكيف يجب أن نتعامل مع الشعور بالرفض؟ ومتى تصبح مشاعري إثر الرفض خطيرة، وأحتاج لمساعدة مختص؟

 لا يقتصر على رفض الآخر لك، بل هناك ما هو أكثر من ذلك

الرفض ليس فقط رفض الطرف الآخر لك، أو رفضه استمرارية العلاقة أو إكمال الطريق معك، وإنما يعبر الرفض أيضاً عن رفض المشاعر والاحتياجات والأفكار وعدم الانتباه لها، إهمالها، أو عدم الإحساس والشعور بها، وقد يصل إلى عدم احترامها أو تفهمها، تكذيبها والتقليل منها، السخرية والازدراء لها، عدم التجاوب معها، وعدم تحملها وإبداء الانزعاج والهروب منها، وأيضاً عدم احتوائها أو العقاب على التعبير عنها بأي شكل كان. فكل تلك رسائل رفض عنيفة تحدث مع الكبار، وإن حدثت مع الصغار فإن وقعها يكون أشد.

كيف تعرف أن لديك حساسية من الشعور بالرفض؟

حساسيتنا للرفض تظهر في أشكال متعددة منها: إذا كنت تخفي مشاعرك، أفكارك، وآراءك، ولا تعبر عنها، تخشى أن تثقل على الآخرين، تخشى أن تزعج أحداً أو تضايقه، تخشى طلب شيء، أو تخشى سؤال شخص، أو تخشى الرفض، تخشى التنبيه على حدودك وحقوقك أو المدافعة عنهم وتتجنب الخلاف والمواجهة، وتبعد الناس عنك وتضع بينك وبينهم حواجز وأسواراً كثيرة، تغلق قلبك على نفسك وتخشى مشاركة الآخرين مشاعرك وعواطفك، أو قد تكون شخصاً عدوانياً، منتقداً، مهاجماً، مؤذياً وانتقامياً.

أو تكون شخصاً يقدم الكثير، ويهتم بالآخرين كثيراً جداً، شديد الإصرار، كثير الطلب والغضب، تتعلق بزيادة وتختلق المشكلات وتغار على الطرف الآخر بشدة، وتتحكم فيه بشكل واضح أو خفي.

أو أن تشعر بالألم والذنب الكبير إذا قمت برفض شخص ما، أو تتألم بشدة من رفض الآخرين لك وتتوقع رفضهم لك فتنهار وتكتئب وتنعزل عن العالم، تغضب وتفكر في الانتقام بشدة، وربما بالفعل تحاول إيذاءه، أو تتجنب البدء أو الدخول في علاقات جديدة، وتهرب منها قبل أن يتركك الطرف الآخر، أو تتشكك فيها باستمرار، فتفقد الأمل وتشعر بعدم جدوى أي شيء، وذلك وفقاً لما ذكره الخبير والطبيب النفسي د. ماهر عبد الحميد.

متى تصبح مشاعر الرفض مشكلة تتفاقم وتؤثر علينا؟

عندما تستعيد بذاكرتك الماضي تجد هناك جرحَ رفض قديم، وملفاً غير مغلق وغير منتهٍ لم تتعامل معه بشكل جيد، فالألم غير المنتهي والأفكار السلبية عن ذاتك المرتبطة به هي التي تجعلك شديد الحساسية تجاه أي رفض جديد، ويؤلمك بشكل غير منطقي مهما كان صغيراً لا يؤثر من وجهة نظر الآخرين، كاتصالك بصديق فلم يجِب، أو رسالة لآخر فتجاهلها، كل ذلك كفيل بأن يشعرك بالجنون بشكل غير معقول، رغم بساطة الأمر، فإنه مرتبط بجرح وملف قديم لم ينتهِ ولم يغلق جيداً، ويجعلك تجتر كل المواقف السابقة المرتبطة بمشاعر الرفض وتشعر بألمها من جديد!

كيف أتعامل مع الشعور بالرفض؟

أعطِ نفسك الوقت: عندما يتم رفض حبك أو عملك أو أياً يكن موضوع الرفض، فإنك تشعر بالصدمة حتى إن كنت متوقعاً الرفض من البداية إلا أنه من داخلك ما زلت تؤمن أنه سيتم قبولك وتتمسك بالأمل في الوصول لهدفك، وهنا يقوم العقل بلعبته الشهيرة، فيجعلك تتجنب التفكير في الشعور بالرفض وصدمته وتحاول نسيانها كي تتخطى تلك الصدمة، ولكن استجابتك لهذه اللعبة ستكون أكبر خطأ ترتكبه في حق نفسك، بل يجب أن تعطي نفسك وقتا تفكر فيما حدث وتحزن عليه إذا كانت لديك الرغبة في ذلك، لأنك إن لم تفرغ تلك المشاعر السلبية وطاقة الحزن التي بداخلك فإنها ستتحول إلى عقدة نفسية إما من الرفض نفسه أو من الشخص أو الشركة التي قامت برفضك، لذا فأعطِ لنفسك الوقت الكافي للتفكير والحزن وتخطي الصدمة وتقبل ما حدث.

ركز على الإيجابيات: فكر في الجوانب والخطوات الإيجابية البديلة وتعلم من الأخطاء التي قمت بها والتي قد تكون سبب رفضك كي تتجنب الرفض مجدداً في المستقبل، فتركيزك على الأمور الإيجابية بحياتك، وشكر الله عليها يساعدك على تخطي مشاعر الرفض بشكل أسرع وآمن.

لا تجلد ذاتك: عندما تقوم بانتقاد ذاتك واتهامها بالتقصير وأنها السبب في كل ما حدث وأنها تستحق الرفض ولا تستحق حياة كريمة، فذلك للأسف لا يحل المشكلة، ولكن يؤدي لتفاقمها ويجعلك تكره ذاتك وتنظر لها بعدم الاستحقاق ويحول مشاعرك بعد ذلك إلى انتقام ممن قام برفضك وقد يتطور الأمر بشكل لا يعقل كما نسمع في أيامنا هذه عن جرائم القتل بسبب عدم تقبل مشاعر الرفض، لذا فيجب أن تتوقف فوراً عن جلد ذاتك وتتقبلها وتتقبل كل ما حدث وساعد نفسك على تخطي الأمر بأخذ خطوات إيجابية فعالة تغير بها من نفسك للأفضل وتطورها.

تحدث مع شخص تثق به: إذا تركت الأمر لنفسك فإن تفكيرك سينحصر في التركيز على الرفض وتغلق على نفسك دائرة الاتهام، لذا فعليك بالتحدث مع شخص أمين تحبه وتثق به وتستطيع البوح له عما بداخلك بسهولة، لأنه سيرى الأمر بنظرة كلية خارجية شاملة، ويوجه تفكيرك فيها نحو جوانب أخرى منطقية أو إيجابية كتقديم نصيحة لك أو يساعدك على وضع خطة مستقبلية تعمل عليها مثلاً.

ركز على قوة الرفض: هناك بعض الطاقات بداخلنا التي لا تظهر إلا في وقت أو موقف معين منها قوة الرفض والتي تنبع من رفض الآخرين لك فتدفعك لفعل أشياء لا تستطيع فعلها في الطبيعي، وهذه الطاقة المتولدة من الرفض إن لم تقم بتوجيهها نحو الطريق الصحيح، فإنها ستوجهك هي نحو طريق خاطئ، كالانتقام إما من نفسك أو من الآخرين، لذا يجب أن تستغل قوة الرفض بتطوير ذاتك والوصول لأهدافك والنجاح فيها، فالرفض ليس أمراً سيئاً بقدر ما يمكنك استغلاله وتوجيهه نحو الأفضل.

ضع رد فعلك العاطفي في الإطار المناسب: يجب أن يكون رد فعلك العاطفي أكثر متانة نفسية وفي إطارها المناسب، مما ينعكس على سلوكياتك في التعامل مع الرفض، فلا تنسحب مكتئباً ولا تهاجم وتكون شخصاً مؤذياً ينتقم، بل كن شخصاً يتقبل رفضه للآخرين ورفض الآخرين له ويتعامل مع الأمور بشكل جيد.

لا تنهك نفسك في معرفة سبب الرفض: بعض الناس لا يملك الوقت أو الجواب على سؤالك، وربما يكونون غير مكترثين لإخبارك، فلا تأخذ الأمر على محمل شخصي، بل فكر في الموقف وكيف تحوله لخبرة إيجابية مفيدة في حياتك.

وختاماً، إذا وجدت نفسك تأخذ الرفض على محمل شخصي بشكل مستمر، فعليك باستشارة طبيب أو معالج نفسي يساعدك على معرفة ما إذا كنت تعاني من الاكتئاب أو التوتر أو أي مشاكل نفسية أخرى، فربما تكون غير قادر على التعامل مع ضغوطات الحياة بمفردك وتحتاج إلى دعم متخصص، ولا تخجل من طلب الدعم، فكلنا نحتاج لذلك بين الحين والآخر.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

آلاء مهدي
مدونة مصرية، وتربوية متخصصة فى الموهبة وصعوبات التعلم
حاصلة على بكالوريوس العلوم فى التربية الخاصة، كلية التربية الخاصة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، باحثة ماجستير صعوبات التعلم بكلية علوم الإعاقة والتأهيل، جامعة الزقازيق
تحميل المزيد