قدم الاتحاد الأوروبي "نصاً نهائياً" في محادثات في فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. وذلك "بعد عمل لمدة 4 أيام، لطرح النص على الطاولة… المفاوضات انتهت، إنها النص النهائي، ولن تتم إعادة التفاوض عليها"، حسبما قال مسؤول أوروبي. وقال كبار المفاوضين المشاركين في المحادثات في وقت سابق إنهم متفائلون بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق.
وكانت المحادثات قد بدأت لإعادة خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) إلى مسارها الصحيح العام الماضي بعد انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن. ولكن لم يتم إحراز تقدم يذكر منذ ذلك الحين حيث انشغلت واشنطن وطهران في قضايا متعددة. وتعقد المحادثات على خلفية الصراع في أوكرانيا الذي كان المحور الرئيسي للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين منذ أن بدأت القوات الروسية الهجوم في فبراير/شباط 2022.
وتواجه أوروبا أيضاً نقصاً في الطاقة تفاقمَ بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، وهي المورد الرئيسي للغاز الطبيعي لأعضاء الاتحاد الأوروبي، إلى جانب كونها مصدراً رئيسياً للنفط إلى الأسواق العالمية.
وفي عام 2015، وافقت القوى العالمية الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا والمملكة المتحدة والصين وروسيا وألمانيا، على رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران مقابل فرض قيود كبيرة على برنامجها النووي. ويتوسط إنريكي مورا، منسق الاتحاد الأوروبي للمحادثات، بين الدبلوماسيين الأمريكيين والإيرانيين. وبينما يترأس علي باقري كاني الوفد الإيراني، يمثل المبعوث الأمريكي الخاص روبرت مالي واشنطن.
وفيما يلي بعض المعوقات التي تعيق التوصل إلى حل دائم.
مسألة ضمان الولايات المتحدة
بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، كانت إيران ملتزمة بالقيود المفروضة على برنامجها النووي، وهي حقيقة تم التحقق منها من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، المراقبة العالمية التي أشرفت على نشاط إيران. وتصر طهران على أن برنامجها للأغراض السلمية. ولكن الدول الغربية والإقليمية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، تخشى أن تمتلك إيران القدرة على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى تصنع فيه قنابل ذرية.
وفي عام 2018، انسحبت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشكل أحادي من الاتفاقية، وفرضت عقوبات اقتصادية خانقة على إيران.
وأدت هذه الخطوة بشكل أساسي إلى تراجع الاتفاق برمته مع استئناف إيران لتخصيب اليورانيوم. وفي عام 2016، كانت إيران تخصب اليورانيوم بمستويات تقل عن 5%. الآن ارتفع هذا المستوى إلى 60%. والخوف أنه عند التخصيب بنسبة 90٪، يصبح اليورانيوم جيداً للأسلحة النووية.
والآن، تريد القيادة الإيرانية من الولايات المتحدة أن تقدم ضمانة بأنه في المستقبل لن تتراجع أي إدارة أخرى عن التسوية، وستحصل على الإغاثة الاقتصادية على النحو المتوخى بموجب الاتفاق الأصلي.
عقيدة الضغط الأقصى
في الأول من أغسطس/آب، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات تستهدف صادرات البتروكيماويات الإيرانية. وحافظ بايدن على سياسة "الضغط الأقصى" التي انتهجها سلفه، على الرغم من استئناف الحوار مع إيران في أبريل/نيسان 2021. وقد أدى الخوف من العقوبات الثانوية الأمريكية، التي تستهدف الشركات الأجنبية التي تتعامل مع إيران، إلى تثبيط همم الشركات الأوروبية عن التعامل مع إيران.
ولم تنجح جهود الاتحاد الأوروبي للالتفاف على العقوبات الأمريكية بسبب النفوذ الكبير لواشنطن في التمويل والتجارة العالميين. كما تريد إيران أيضاً من الولايات المتحدة إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية المصنفة، وهو اقتراح صعب بالنظر إلى أن المسؤولين الأمريكيين يلومونه على تأجيج الحرب بالوكالة في سوريا وأماكن أخرى.
ومع ذلك، واصل الاتحاد الأوروبي ضغوطه لجلب الجانبين إلى طاولة المفاوضات.
موقف إيران من الوكالة الدولية للطاقة الذرية
في يونيو/حزيران، وبّخت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران لعدم الكشف عن تفاصيل حيوية تتعلق بالبرنامج النووي. ورصدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مواد نووية في بعض المواقع وطلبت من طهران توضيحاً.
فردّاً على هذا التوبيخ العلني، أزالت إيران كاميرات المراقبة من مواقعها النووية، ما جعل من الصعب على الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضمان الامتثال للقيود المفروضة على البرنامج النووي. كما بدأت إيران في حقن غاز سادس الفلوريد في مئات أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وهي عملية لتخصيب اليورانيوم، رداً على العقوبات الأمريكية على صناعة البتروكيماويات لديها.
ويشعر الدبلوماسيون بالقلق من أن الانتخابات النصفية المقبلة في الولايات المتحدة ستقلب الميزان لصالح الجمهوريين الذين لا يؤيدون منح الإغاثة الاقتصادية لإيران.
ولذا ينتظر العالم على عجل، إتمام الملف النووي لإغلاق هذه القضية ولو مؤقتاً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.