بين الإيجاب والقبول ضعنا في محكمة الأسرة، نعم إنها حقيقة منسية..
وقت الظهيرة، الوقت الأنسب لقيلولة صغيري، تقطع سكون تلك اللحظات رنة هاتفي، أمسكت هاتفي لأرى مَن المتصل، حسناً إنها صديقتي التي اقترب زفافها، لا أدري هل تريد مني مشورة أو تحتاج دعماً أو نصائح، تساؤلات عدة يستنتجها عقلي، يقطع تلك التساؤلات صوت صديقتي: ألو رانيا ازيك؟
– أهلا يا حبيبتي، أنا بخير، انتي عامله ايه؟
– أنا تمام، فرحي قرب، بس عندي مشكلة عايزاكي تحليهالي.
– تمام طبعا عينيا ليكي!
– عايزة دكتور نفسي من معارفك يضربلي أنا وخطيبي شهادة صحة نفسية!
وهنا ساد الصمت، ولم أسمع بعدها ما قيل، ونزلت التساؤلات تشوش عقلي كثيراً، وأصبحت أسأل وأتساءل: لماذا لا نعتبر بما يسود مجتمعنا من مشاكل تسببت فيها الأمراض النفسية التي طغت على بلادنا؟ وكأن العقل لم يعرف لنا طريقاً، ألم ترَيْ يا صديقتي قاتل زوجته؟ انتشار السيكوباتيين والتعذيب بين الأزواج؟ ألم تتعظ هي وحضرة العاشق روميو بما يحدث حولنا؟ فقد كنا نضرب بهم الأمثال في الحب والود وتفاجأنا بنهايات مؤلمة كقصة جوني ديب وآمبر هيرد والعديد العديد؟ وفجأه انتبهت من شرودي وهي تكرر سؤالها لي، فرددت عليها بتلقائية:
– اذهبي إلى محكمة الأسرة، واسألي عن روعة البدايات ونتيجة التنازلات.
أعرف أنها لم تكن تنتظر هذا الرد البائس المحبط لفرحتها، لكن تحتم الواجب حينها أن أرد هكذا، وأكملت: عزيزتي، الحياة الزوجية ليست كلها حباً ولا جميعها غراماً، وأيضاً ليست بسوء وصف المضللين أن جميعها خراب ودمار وحزن وبكاء، وأنا لا أقصد بهذا اتهامك أو اتهام خطيبك بعدم الأهلية أو ضعف المسؤولية، ولكن الصحة النفسية هي وسيلة لاستقراركما واستقرار هذا الزواج، وبناء عش سعيد يا عصفورتي.
قالت لي: لكنه يرفض، يا رانيا، خضوعنا لتلك الاختبارات، وأخبرني أنها مملة وبلا فائدة.
فأخبرتها أنه إذا كانت النتيجة جيدة فلن تخسري، وإن كان هناك أي نوع من أنواع الاضطراب سيكون لديكما علم عنه، إما أن تعالجاه أو تتفقا على تقبله.
– وماذا سنخسر إن لم نقم بهذا الكشف النفسي؟
فقلت: ستخسرين نفسك، أو سيخسرها هو.
انتهت مكالمتي مع صديقتي، ولكنها ظلت عالقة في عقلي، وأتساءل: لماذا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة؟ لأن مرآة الحب عمياء كما يقولون؟!
قبل الإقدام على خطوة الزواج، وقبل إقدامك على القبول عزيزتي، اعلما أن من حق كل منكما التعرف علي شريكه ومعرفة مزاياه وعيوبه، وأيضاً نوع الاضطراب الذي يحمله كلاكما، والاتجاه إلى مختص لكي يساعدكما في علاج تلك الاضطرابات وحماية نفسيكما وعلاقتكما وأبنائكما في المستقبل من الأضرار النفسية التي قد تؤدي إلى هدم المنزل بعد بنائه، خاصة أننا في مجتمعاتنا العربية نهاب فكرة الانفصال، ولدينا تحفظات على تلك الخطوة، لذلك وجب علينا تفادي ذلك الخطأ من البداية، خاصة أن الدولة وفرت لنا أماكن بأسعار رمزية، سواء للاختبارات أو الجلسات العلاجية مثل مستشفى العباسية بالقاهرة.
ويحق لك قبول الزواج من شخص مضطرب بعد معرفتك بهذا، ولكن ليس من حقك إنجاب أطفال حتى يتم علاجه لكيلا تؤذي المجتمع، فالطفل الذي يعيش حياة غير سوية ينشأ أيضاً باللاسواء، خاصة أن مجتمعاتنا اليوم تعاني بما يكفي من أصحاب الاضطرابات النفسية والشخصية.
وفي النهاية بعد الاختبارات النفسية والقراءة عنها ومعرفتها، من خلال بحثك، وعبر الطبيب النفسي، يحق لك بعدها أن تنسحب من العلاقة أو تؤجلها حتى إنهاء جلسات التعافي مع الطبيب، أو أن تقبل على العلاقة وتكملها مع تصالحك مع اضطراب شريكك.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.