تعاقد اللاعب هاشم مستور خلال الميركاتو الصيفي الجاري مع نادي "نهضة الزمامرة"، الناشط في دوري الدرجة الثانية المغربي، وذلك بعد بقائه موسماً كاملاً دون فريق، إثر فسخ عقده مع نادي "ريجيانا" الإيطالي في صيف 2021.
ويسعى هاشم مستور، البالغ من العمر 24 عاماً، لإحياء مشواره الرياضي المليء بالتناقضات، وهو الذي كان في سن الـ16 لاعباً دولياً مغربياً ومحترفاً بنادي ميلان الإيطالي، وأحد المواهب الواعدة للكرة العالمية، ويظهر في ومضات إشهارية مع شركات كبيرة رفقة النجم البرازيلي نيمار، فماذا حدث حتى يكون كل هذا التدهور في مسار اللاعب؟
ولد هاشم مستور يوم 15 يونيو/حزيران 1998، بمدينة "ريجيو دي ميلي" الإيطالية، لأبوين مغربيين، وبدأ ممارسة رياضة كرة القدم في سن الثامنة، ضمن فريق "ريجيو كالتشيو" الصغير، ثم انضم لنادي "ريجيانا" في صيف 2008، الذي بقي رفقته حتى 2012، حيث ظهرت موهبته الكروية بشكلٍ لافتٍ، ما جعل الأندية الأوروبية الكبيرة تتنافس لضمه لمراكزها التكوينية، بهدف استثمار قدراته الفنية المُدهشة.
ميلان ضمَّه للفريق الأول قبل بلوغه سن الـ16
وفضل الطفل هاشم، بنصيحة من محيطه المُقرب، الانضمام لنادي ميلان الإيطالي، الذي دفع مبلغ 800 ألف يورو لريجيانا لحسم الصفقة، متخطياً بذلك الأندية الأخرى الراغبة في ضم اللاعب الواعد، وأبرزها إنتر ميلان الإيطالي وريال مدريد الإسباني ومانشستر سيتي الإنجليزي.
كانت بداية لاعب وسط الميدان الهجومي مع "الروسونيري" باللعب لفريق أقل من 16 عاماً، ثم استدعاه المدرب فيليبو إنزاغي لفريق أقل من 21 سنة، في مايو/أيار 2014، قبل أن يعلن النادي في منتصف نفس الشهر التحاقه بالفريق الأول، الذي كان يدربه الهولندي كلارنس سيدورف، وذلك وسط صخب إعلامي قد تكون إدارة ميلان، بقيادة "الداهية" غالياني، قد أرادت من خلاله إلهاء جماهير الفريق عن الموسم المخيب محلياً وأوروبياً.
هاشم مستور الذي لم يكن في ذلك الوقت قد بلغ سن الـ16 من عمره تم تقديمه خلال مشاركته في مرانه الأول مع الفريق الأول لميلان كنجم كبير أمام كاميرات قناة النادي، مع الإلحاح على أنّ خريج المركز التكويني- أي هاشم مستور- سيكون بمثابة الصفقة الأولى للموسم الجديد (2014- 2015).
وبالفعل قام نادي ميلان بمنح هاشم مستور أول عقد احترافي يوم احتفاله بعيد ميلاده السادس عشر، أي في 15 يونيو/حزيران 2014، حيث تعاقد معه لمدة 3 مواسم، ليصبح الفتى المغربي أصغر لاعب في تاريخ النادي اللومباردي ينضم رسمياً للفريق الأول، مُحطماً الرقم الذي كان بحوزة أسطورة الكرة الإيطالية باولو مالديني (16 عاماً و208 أيام في سنة 1985).
ولكن حلم هاشم مستور باللعب للفريق الأول لميلان لم يتحقق أبداً، باستثناء خوضه بعض الدقائق بالمباريات الودية التحضيرية فإنّه لم يشارك في أي مباراة رسمية طيلة موسم (2014- 2015)، بسبب الخيارات الفنية للمدرب فيليبو إنزاغي، الذي كان تحت ضغط آنية النتائج، وأيضاً بسبب معاناته من عدة إصابات، أخطرها تلك التي تطلّبت إجراء عملية جراحية يوم 2 فبراير/شباط 2015، على مستوى الركبة، وأبعدته عن ميادين الكرة لمدة شهرين ونصف الشهر.
ومن غير المستبعد أنّ تلك الإصابات المتعددة، وخاصة العضلية منها، سببها الرئيسي المغامرة به بالتدرب مع نجوم الفريق الأول وهو في سن صغيرة، حيث إنّ جسده في عمر الـ16 لا يقاوم كثافة وحجم التمارين الشاقة للاعبين المحترفين.
هاشم مستور أصغر لاعب في تاريخ منتخب المغرب
رغم عدم خوضه أي لقاء رسمي مع ميلان في ذلك الموسم، فإنّ مسؤولي الاتحاد المغربي لكرة القدم تحركوا من أجل ضمه لمنتخب "أسود الأطلس"، بعدما كان قد سبق له اللعب لمنتخب الناشئين لإيطاليا (أقل من 17 عاماً)، فاستدعاه المدرب بادو زاكي لمواجهة منتخب ليبيا، 12 يونيو/حزيران 2015، بمدينة أغادير، لحساب تصفيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2017، حيث شارك بديلاً لزميله نور الدين مرابط في الدقيقتين الأخيرتين من المباراة، التي انتهت بفوز المغرب بنتيجة هدف لصفر.
وكانت تلك هي أول وآخر مباراة يخوضها هاشم مستور مع منتخب المغرب الأول، ولكنه ترك فيها بصمته، حيث أصبح أصغر لاعب في التاريخ يشارك مع المنتخب المغربي، بعمر 16 عاماً و362 يوماً.
تجارب فاشلة بإسبانيا وهولندا واليونان قبل العودة إلى إيطاليا
وهنا أنهي الحديث عن المشوار الدولي لهاشم مستور، وأعود للتطرق لمساره مع الأندية، فأشير إلى أنّ ميلان إعاره في اليوم الأخير للميركاتو الصيفي لسنة 2015 لنادي ملقا الإسباني، لمدة موسمين، من دون بند الشراء، لكن النادي الأندلسي أعاده إلى الفريق الإيطالي، في يوليو/تموز 2016، بعدما لعب مباراة رسمية واحدة فقط.
وبعدها أعاره ميلان لنادي زفوله الهولندي لموسمٍ واحدٍ مع بند أحقية الشراء بمبلغ 17 مليون يورو، لكن الشاب المغربي اكتفى بالمشاركة في 5 مباريات في الدوري، ولقاء واحد في مسابقة كأس هولندا، ليعود مرة أخرى إلى ميلان، حيث بقي موسماً آخر دون لعب (2017- 2018).
وعند نهاية عقده مع ميلان في صيف 2018، أصبح هاشم مستور في بطالة وهو في سن العشرين فقط، قبل أن يجد فريقاً يؤويه، في مطلع شهر سبتمبر/أيلول من العام نفسه، ويتعلق الأمر بنادي "باس لاميا" اليوناني.
لم يتألق مستور في بلاد الإغريق، حيث لعب 4 مباريات في الدوري المحلي، ومباراتين آخريين في مسابقة الكأس، ليعود بعدها إلى إيطاليا، ويتعاقد يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019، مع نادي ريجيانا لمدة 3 سنوات، في صفقة انتقال حر.
شارك هاشم في مباراة واحدة فقط في موسمه الأول مع ريجيانا (2019- 2020)، الذي كان ينشط في دوري الدرجة الثانية الإيطالي، ثم خاض 9 مباريات في الدوري ومباراتين في مسابقة كأس إيطاليا، في النصف الأول من الموسم الموالي (2020-2021)، قبل أن تتم إعارته، في يناير/كانون الثاني 2021، لمدة 6 أشهر، لنادي كاربي الناشط في دوري الدرجة الثالثة الإيطالي، حيث سجل أول هدف في مشواره الاحترافي، وأنهى الموسم بالتتويج بلقب الدوري "سيريا سي".
عاد مستور إلى "ريجيانا" في صيف 2021 وهو يعاني من تبعات إصابة عضلية كان قد تعرض لها في 8 مارس/آذار، وأبعدته عن الملاعب لمدة شهرين كاملين، وقد تكون السبب في فسخ عقده بالتراضي مع النادي، 26 يوليو/تموز 2021، فبقي دون فريق حتى تعاقده مع نهضة الزمامرة المغربي في الصيف الجاري.
مجرد آلة لسحب المال
من المؤكد أنّه توجد عوامل كثيرة تسببت في عدم انفجار موهبة هاشم مستور مع مختلف الأندية الأوروبية التي تعاقد معها، وبلا شك أنّ الاصابات العضلية تعتبر أحد الأسباب، ولكن توجد عوامل أخرى قد تكون أكثر أهمية، وقد لمح إليها اللاعب نفسه في حوار أدلى به لموقع بالإيطالي psb الإيطالي، ونقل مقتطفات منها الموقع الرياضي الفرنسي footmerctao، يوم 18 مارس/آذار 2022.
وقال مستور: "لقد عشت دائماً تحت الأضواء، ومن الواضح أنه شيء يسعدني، لأنه يحفزني على بذل قصارى جهدي لكنه كان من جانب آخر يولد لديّ دائماً ضغطاً كبيراً".
وتابع: "للأسف، ففي كل مرة أدخل فيها إلى أرض الملعب يتوقع معظم الناس مني أن آخذ الكرة فأقوم بمراوغة الجميع وأدخل المرمى بالكرة… فكرة القدم هي رياضة جماعية بـ11 لاعباً".
وأضاف: "غالباً ما يكون هناك أشخاص يسيئون لك بلا مبرر حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يهاجمون شخصي وعقليتي ويشككون في احترافيتي.. الناس لا تعرف الحقيقة، ولم تعش الظروف التي كنت فيها".
وتأسَّف مستور لثقته في بعض الأشخاص من محيطه المقرب، الذين حمّلهم بشكل غير مباشر مسؤولية سوء تسيير مساره الاحترافي، حيث تابع موضحاً: "أتأسف لوضعي الثقة في الأشخاص السيئين، الأشخاص الذين قالوا لي إنهم سوف يدمرونني، وإنهم سوف يشوهون اسمي، لدرجة أنني لن ألعب كرة القدم مرة أخرى".
وتابع: "هل تريدون أن تعرفوا لماذا قالوا لي هذا ذلك؟ الجواب بسيط، لقد كانوا يرون أني مجرد آلة لسحب المال، أريد أن أُذكّرهم أني قبل أن أكون لاعب كرة قدم فإني فتى عادي مثل كل الناس".
قد يكون هؤلاء الأشخاص وكلاء أعماله السابقين، وأنّه قد تخلى عنهم حالياً على أمل إعادة بعث مشواره الرياضي في بلد أجداده قبل العودة للاحتراف مُجدداً بأوروبا، خاصة أنّ عمره الحالي لا يزال يمنحه فرصة كبيرة للتطور.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.