بطل بلا شخصية.. لماذا يواصل الأهلي المصري إخفاقاته؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/22 الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/22 الساعة 11:38 بتوقيت غرينتش
تاريخ الدوري المصري (رويترز)

ليست الفترة الحالية الفترة الأصعب التي يتعرض فيها الأهلي لهزائم أو خسارات من الغريم التقليدي الزمالك، أو من فقدان متتالٍ للبطولات في موسمٍ واحد، مرت على الأهلي سنواتٌ عجاف من قبل فقد فيها عدداً أكبر من البطولات ومواسم صفرية، ولكن ما يجعلها عجافاً على الفريق وجمهوره ليس خسارة المباريات ولا البطولات فقط. فلم يكن ضعف الفريق الفني منذ 10 سنوات وحتى الآن هو ما يغضب جمهور الأحمر، ولكن السبب أكبر هذه المرة هو فقدان ما هو أهم من ذلك، وهي هوية الفريق وروح القميص الأحمر الذي كان يحسم طوال التاريخ مباريات كثيرة على الرغم من سوء الأداء الفني داخل الملعب، وضعف أداء العناصر الموجودة.

ولكن ظلّ ذلك السرطان يُفقد الأهلي سلاحه الأهم، ويمحو هوية لاعبيه، حتى وجدنا الجيل الحالي يسطر تاريخاً وقصة ربما لم تتكرر أو حتى لم يسبق لها مثيل في تاريخ النادي منذ نشأته عام 1907.

جيلٌ استطاع الفوز بالبطولة الإفريقية لمرتين متتاليتين وتحقيق ميداليتين في كأس العالم وغيرها من البطولات، نجده يظهر هذا الموسم بعدة إخفاقات على صعيد المنتخب وبطولات الأندية بمظهرٍ مهلهل "مسخ" فاقدٍ لهويته، لا يختلف كثيراً في عقليته الانتصارية ورغبته في عدم الخسارة عن لاعبي أندية الشركات، التي ليست أندية جماهيرية.

تخسر المباراة تلو الأخرى ولا تجد حتى قتالاً من اللاعبين حتى آخر قطرة من عرقهم كما اعتدنا رؤية الفريق، بل أصبح الأمر أشبه بالمسرحية يحاول الجميع أن يقدم دوره في الملعب أمام الجمهور عندما يسلط ضوء المسرح عليه، ولكن عندما يكون فوق خشبة المسرح وفي غير وقت حديثه لا تسمع له صوتاً ولا ترى له مشاركة.

حينها يعرف الجمهور ما حدث في السنتين الماضيتين مقارنة بكل الأجيال التي استطاعت تحقيق كأس إفريقيا مرتين متتاليتين، فالجيل الحالي لا يحمل بين أسمائه لاعبين مميزين يحدثون الفارق الكبير بينه وبين منافسيه على المستويات الفنية، وإنما ببساطة الجيل الحالي استطاع بفضل موسيماني التفوق في مواجهاته المباشرة مع منافسيه ما أهله للنتائج التي وصل إليها.

وداعاً أهلي موسيماني

ذلك التفوق في المواجهات المباشرة الذي اشتهر به "أهلي موسيماني"، والذي وصف أنه فوز بلا طعم ولا أداء، واتهموه بأنه مدربٌ يستطيع الفوز بالبطولات فقط، وسمعنا المحللين ليلاً ونهاراً يتغنون أن الجيل الحالي للأهلي وقائمة لاعبيه هو أعظم جيل في إفريقيا في الوقت الحالي، وأن موسيماني يقضي على هذا الجيل نفسياً وفنياً بالأداء الذي يقدمه، وأن هؤلاء اللاعبين يستطيعون تقديم العروض نفسها وأفضل مع مدربين محليين أقل من الجنوبي الإفريقي.

ما نراه الآن هو أن العراف الجنوبي الإفريقي استطاع وبشكلٍ ما أن يخرج من هؤلاء اللاعبين أداءً فنياً وشخصيةً في أرض الملعب استمرت لفترة محدودة جداً على قدر مباريات معينة، واستطاع شحن اللاعبين نفسياً وتجهيزهم بخططٍ تكتيكية لادغة فاجأ بها منافسيه، لكن كل هذا كان أشبه بما قدمه كيروش مع المنتخب المصري، وهو أن يخرج أفضل ما في اللاعبين على قدر المستطاع.

محمد مجدي قفشة وموسيماني
نجم الأهلي محمد مجدي قفشة يحتفل مع المدرب باتيسو موسيماني بتقدم الأهلي في مباراة إياب نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا/ REUTERS/Mohamed Abd El Ghany

هؤلاء اللاعبون رفضوا التطور ورفضوا أن يتحدوا أنفسهم، واكتفي الجميع بما قدمه من مستويات في آخر عامين، راغبين في تكرار المستويات نفسها بأداءٍ مستقر سيؤمّن لهم الاستقرار داخل التشكيلة الأساسية، ولكن عندما تمرد موسيماني وحاول تطوير نفسه وفريقه في أول موسمٍ استطاع الاستقرار فيه وبناء رسمه التكتيكي المفضل قابلته شخصية اللاعب المصري، بل وتمرد الجمهور على النعمة حتى فقدها، على الرغم من أنه كان السبب الأول في حملة مجلس الإدارة الانتخابية ومحافظتهم على منصبهم لفترة ثانية داخل النادي الأهلي.

إدارة مرتعشة

ومع أول سقوط له لم تحمِه الإدارة من نهش كل ذئاب المؤسسة الرياضية في مصر من منافسين وتابعين مأجورين، ومن لاعبين متمردين، وجمهورٍ طمع في أن يفتح بطن الدجاجة ليأخذ الذهب بأكمله، رافضاً أن تبيض له الدجاجة ذهباً كل يوم.

فانساق مجلس الإدارة خلف تلك الأطراف في طريقة إدارته للأمور، ضارباً بمبادئ الأهلي عرض الحائط، والتي علمتنا أن الإدارة إدارة تقوم بمهامها الإدارية، والمدير الفني مديرٌ فني، والجمهور جمهور.

ولكن مع تحرك الإدارة المرتعشة ومراهنتها على لاعبين ضد المدير الفني "الأجنبي بينهم" كان توقع النتيجة سهلاً جداً؛ فالأمر هو بعض القرارات تدفع بك لنتائج معينة، حتى لو لم يكن لك علاقة بكرة القدم، فحاولت الإدارة تجنب الانتقادات على طول الخط حتى وصل الأمر إلى ما يشبه المهزلة، فخطت قرارات حولت فيها وصيف إفريقيا الماضي وبطلها لعامين متتاليين الذي بالكاد خرج من النفق المظلم، إلى الخروج بموسمين صفريين متتاليين على الصعيد المحلي حتى الآن، وهو الأقرب لما ستنتهي عليه الأمور أيضاً في نهاية الموسم.

لم يقتصر دور الإدارة في تحجيم الأهلي داخل الملعب فقط، بل خسارة كل الجولات في المنافسات الإدارية خارج الملعب أمام الاتحاد الإفريقي أو الاتحاد المصري، والهزيمة في كل المعارك في الكواليس، وهو ما كان الأهلي يتقنه بشدة. وقد كان أخذ الحق "صنعة" عُرف بها الأهلي طوال السنين الماضية، وكانت سبباً في التتويج ببطولاتٍ وبطولات.

فالإدارة تتحمل الجزء الأكبر مما وصل إليه الفريق اليوم بعد التفريط في حقوق النادي في قضايا متتالية، وترك الفريق ومديره الفني السابق مستباحاً في الإعلام، بل وتسريب بعض الأخبار أثناء المفاوضات للضغط عليه دون أخذ مواقف واضحة تسهل عليه أموره.

لاعبون بلا روح

وإذا تحدثنا عن الإدارة فلا بد أيضاً من الحديث عن دور لاعبي الفريق أصحاب الخبرة وقادة الفريق، خصوصاً القائد الأول وحامل الشارة الحارس محمد الشناوي، والذي ما زال يقدم في مباراة بعد الأخرى أداءً يضمن له فقدان شعبيته يوماً بعد يوم، وانتهاء رصيده بعد فقدانه لما هو أهم من أدائه الفني في الملعب؛ الشخصية.

محمد الشناوي / رويترز

فقائد النادي الأهلي لطالما ينتظر منه في مثل تلك المباريات واللحظات ما يحمل به الفريق لبر الأمان، ويجمع كلمة لاعبيه ويوحد الفريق ويرفع من معنوياته، لكن ما قدمه الشناوي مع باقي قادة الفريق كان أشبه بتسليم اللاعبين الصغار وأصحاب الخبرات الضعيفة للمنافس على طبق من ذهب، فأصابهم التوتر وظهرت عليهم في كمية أخطاء لم نرها في مباراةٍ للديربي منذ تاريخٍ طويل.

هزيمة الأهلي الأخيرة احتاجها الأهلي كثيراً، فهي فرصة يستطيع الأهلي أن يتعلم منها أن هنالك بعض الأيام الصعبة تحتاج فيها للتخطيط الحقيقي دون الاعتماد على شعاراتٍ عنترية لا تسمن ولا تغني من جوع.

قرارات يدفع الأهلي ضريبتها الآن عندما اختار التفريط في مدربٍ أثناء الموسم، والهزيمة يدفع ضريبتها أيضاً المدرب الجديد الذي بدأ العد التنازلي لنهاية حقبته بعد خسارة الكأس والبعد بشكل كبير عن بطولة الدوري، وبعد أسوأ أداءٍ في مباراة قمة رأته الجماهير للنادي الأهلي؛ بلاعبين أشباح بلا روح في الملعب فقدت بها كل ثقة في الجيل الحالي الذي فشل لاعبوه حتى في المباراة أن يحققوا تفوقاً في الملعب على لاعبي الخصم في الثنائيات أو المواجهات الفردية.

الأهلي
مدرب الأهلي ريكاردو سواريش/ رويترز

كان الأمر خسارةً متكاملة الأركان بدأت بركاناً للمشاكل سينفجر في وجه كل مشجعي الأهلي الفترة القادمة، سواء داخل غرف ملابس الفريق أم غرفه الإدارية، وسيكون الأمر أشبه بدوامة لن يكون الخروج منها سهلاً أبداً.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

معاذ رمزي
كاتب محتوى رياضي
طالب مصري أدرس في كلية إدارة الأعمال - جامعة سلجوق- تركيا. معد برامج رياضية، وأكتب مقالات عن كرة القدم، ومهتم بالكتابة في الشأن الرياضي منذ 2017
تحميل المزيد