وسط حركة انتقالات اللاعبين الجارية الآن برزت أخبار لاعب مانشستر يونايتد البرتغالي كريستيانو رونالدو بقوة، بعد تقديمه طلباً للرحيل من النادي، الذي أصبح محور العديد من المناقشات في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والبرامج التلفزيونية والإذاعية، خاصة مع شبه اختفاء إعلامي للاعب، والتزام محيطه الأسري الصمت التام، وهو المعروف عنه إرسال رسائله للمهتمين عبر أفراد أسرته، وبالتحديد شقيقته.
لماذا يريد كريستيانو رونالدو الرحيل عن مانشستر يونايتد؟
خلال مقابلة صحفية له في بداية شهر يونيو/حزيران، ذكر نجم فريق مانشستر يونايتد، البرتغالي كريستيانو رونالدو، أنه سعيد جداً في ملعب أولد ترافورد، ومتحمس للعمل مع المدير الجديد الهولندي تين هاغ، وأضاف أيضاً أنه في الموسم القادم سيظفر الفريق بالبطولات، ومن ضمنها بطولة الدوري الأوروبي، ولكن بعد أربعة أسابيع فقط صدم اللاعب الإعلام الرياضي بتقديم طلب للانتقال.
وهذا جعل الكثيرين، سواء داخل النادي أو خارجه، يتساءلون بدهشة واستنكار: ما الذي حدث حتى يغير اللاعب رأيه بهذه السرعة؟
عوامل فنية ورياضية وتجارية وإعلامية
رغم الأداء الفردي الرائع الذي قدمه اللاعب البرتغالي الموسم السابق، فإن النادي لم يتمكن من الظفر بأحد المراكز الأربعة في قائمة الدوري الإنجليزي الممتاز، وهذا يعني أن الفريق سيلعب في بطولة الدوري الأوروبي التي تُصنف بطولة ثانية من حيث الأهمية ضمن البطولات الأوروبية، وغالباً لا تكون ذات أهمية لدى المشجعين أو المتابعين، الذين يكتفون في معظم الأحيان بمعرفة النتيجة النهائية فقط، بسبب توقيت مبارياتها، التي تُلعب في نهاية الأسبوع.
وبالنسبة للاعب فاز ببطولة دوري أبطال أوروبا 5 مرات، وكان نجمها على مدار أكثر من عشرة مواسم متتالية، فإن اللعب في هذه البطولة سيكون له تأثير كبير على صورته الرياضية والإعلامية والإعلانية والفنية، رياضياً ستختفي أخبار اللاعب أو تقل بصورة كبيرة، ولن تتم مقارنته بنخبة اللاعبين الآخرين في البطولة الأوروبية الكبرى.
وإعلامياً فإن الأضواء التي اعتاد التواجد تحتها باستمرار ستنحسر ببطء، وهو ما سيكون له أثر كبير على العامل الثالث، وهو العامل التجاري، حيث نجد أن العلامات التجارية لديها اهتمام كبير ببطولة دوري أبطال أوروبا، ومن ثم اختفاؤه من هذه البطولة سيؤثر عليه بالسلب اقتصادياً، ولن يكون في موقف قوة في حالة التفاوض مع هذه العلامات التجارية.
أما فنياً، فإن اللاعب يدرك جيداً أنه لم يتبقَّ له سوى موسم أو موسمين للعب في المستوى الأعلى ضمن النخبة، ومع وصوله لعمر السابعة والثلاثين يعرف اللاعب جيداً أن أيامه في الملاعب بدأت بالتناقص، ومن ثم فإن لاعباً بعقلية النجم البرتغالي، المعروف عنه حبه للتنافس، فإنه بلا شك يبحث بصورة أو أخرى عن الفوز بلقب آخر كبير ليكون خير ختام لمسيرة لاعب بقي في القمة لأكثر من عشرة مواسم متتالية، محرزاً أرقاماً قياسية وألقاباً جماعية وفردية، لا يضاهيه فيها سوى لاعب باريس سان جيرمان ليونيل ميسي.
هل طلب كريستيانو رونالدو للانتقال له ما يبرره؟
منطقياً يبدو اللاعب محقاً، حيث ذكرت الكثير من التقارير أن اللاعب أصبح محبطاً للغاية من عدم منافسة الفريق بطريقة جادة على أي لقب من ألقاب الموسم الماضي، بالإضافة إلى طريقة النادي في إدارته لسوق الانتقالات الحالية، والتي تأخذ وقتاً طويلاً للغاية، في حين يزداد منافسوه قوة من خلال تعزيز صفوفهم بلاعبين كانوا ضمن أهداف النادي في فترة من الفترات، ولكن تباطؤ النادي أو تقاعسه عن الدخول بقوة في المفاوضات جعل الأمور تبدو صعبة بمرور الأيام.
كما ذكرت تقارير أخرى أن اللاعب لديه رأي أيضاً في طريقة إدارة الفريق نفسه، وخاصة فيما يخص مسألة شارة القيادة، حيث يريد اللاعب بشدة أن يحمل شارة القيادة بدلاً عن المدافع هاري مغواير، حيث يرى اللاعب نفسه مؤثراً أكثر على الفريق داخل الملعب وخارجه، وحمله لشارة القيادة بشكل دائم سيكون خير مكافأة له على جهوده ونظرة اللاعبين الشباب له كقدوة.
هل سيكون رحيله مشكلة للفريق الإنجليزي؟
بطبيعة الحال نجد أن النجم البرتغالي قد فقد القليل من سرعته التي كان عليها في بداية مسيرته، لكن إنتاجه التهديفي لم يتضاءل بتاتاً، فحتى في سن السابعة والثلاثين أحرز اللاعب 24 هدفاً في 38 مباراة، وكان ثالث هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 18 هدفاً. وبالنظر للمواسم الثلاثة الأخيرة لم يكن هناك أي تراجع في إحصائياته التهديفية، حيث أحرز 28 و37 و36 هدفاً في المواسم الثلاثة التي كان فيها مع يوفنتوس، كما كان اللاعب منيعاً وخالياً من الإصابات تقريباً، فخلال الموسمين الماضيين غاب 19 يوماً فقط بسبب الإصابات الجسدية.
لذا فإن الإجابة السريعة عن السؤال هي نعم، حيث لم يصدر أي تقرير رسمي من النادي حتى الآن يوافق على طلب رحيله، كما بدا المدير الفني الجديد الهولندي إريك تين هاغ أكثر تمسكاً باللاعب، حيث صرح بأنه مستعد للعمل مع اللاعب، أما عن الإجابة التفصيلية فإن الفريق الإنجليزي لم يقم بالتوقيع حتى الآن مع أي إضافة هجومية له أو أي اسم يمكنه ملء الفجوة التي سيتركها اللاعب البرتغالي في حالة رحيله، لذا فإن مغادرته في هذا الموسم قد تُنشئ اضطراباً كبيراً في المقدمة الهجومية.
وهذا يعني أن المدرب الجديد يحتاج إلى أن يكون مبدعاً إذا احتاج إلى سد الفجوة التي قد يتركها اللاعب في قلب الهجوم، حيث إن معظم الأسماء البارزة التي كان يريد اللاعب تعاقُدَ النادي معهم انضموا بالفعل للمنافسين، مثل المهاجم النرويجي إريك هالاند، الذي انضم إلى فريق مانشستر سيتي، وداروين نونيز الذي انضم إلى فريق ليفربول، وحتى البرازيلي جيسوس الذي انضم إلى فريق أرسنال.
ما الفرق التي أبدت اهتماماً باللاعب؟
حتى الآن تبدو كل التحركات تجاه رونالدو متوقفة بصورة أساسية حول موقف النادي الرسمي، حيث لم يظهر حتى الآن أي بيان رسمي من النادي يوافق على طلب انتقال اللاعب، رغم أن العديد من التقارير ذكرت أن النادي منفتح في حالة وصول عرض ضخم لا يمكن رفضه.
ولكنها كلها تبقى شائعات في سوق انتقالات تتغير فيه العناوين الصحفية كل ثانية وكل دقيقة، ومع اختفاء اللاعب عن الأنظار إعلامياً، وعدم التحاقه بمعسكر الفريق التحضيري حتى الآن تبقى كل الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها، بانتظار تأكيد رسمي من اللاعب أو النادي.
البقاء أو التنازل عن جزء من راتبه الكبير
ما يظل مؤكداً أن في حالة خروج كريستيانو رونالدو فإن رسوم انتقاله ربما لن يكون لها تأثير كبير، خاصة أن اللاعب متبق له عام واحد في عقده مع الفريق الإنجليزي مع 37 عاماً من العمر، ولكن يبقى التحدي لأي فريق يتطلع إلى كسب خدمات اللاعب في مقدرته على دفع الراتب الشهري الضخم الذي قد يطالب به اللاعب. بالإضافة إلى عمولة وكيله والكثير من المتغيرات التي قد يحفل بها عقده.
وهذه الأندية حتى الآن تُعد على أصابع اليد الواحدة، مع قفل معظم الأندية الغنية أبوابها بعد تعزيز صفوفها بلاعبين كلفوا الكثير من المال، فهل سيضحي اللاعب بالمال من أجل اللعب في دوري أبطال أوروبا الموسم القادم؟ أم يرضى بالأمر الواقع ويظل مع فريقه الحالي مع معرفته أنه سيفقد الكثير؟ إجابة هذا السؤال ستكون بيد اللاعب فقط، وكل ما ستقرأه لاحقاً هو عبارة عن شائعات.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.