ما الذي قد يحتاجه مشجع كرة القدم ليطالِب بلاعب معين كصفقة جديدة لفريقه أكثر من بعض الإحصائيات وفيديوهات "اليوتيوب" المُمنتجة؟ وبالنسبة لوكيل أعمال فالتعاقد مع بعض تلك الشركات للدعاية والإعلان، مع بعض التقارير الصحفية المدفوعة، وبعض التسريبات سيكون أسلوب ضغط على إدارة تلك الفرق، وخياراً رائعاً لكي يضيف صفراً جديداً لقيمة الانتقال ولنسبة "السمسرة".
وفي موسم السوق لا صوت يعلو فوق صوت الأرقام والملايين، وفي عصرنا الحالي زادت قوة الضغط الجماهيري عبر وسائل التواصل الاجتماعي لضم بعض الصفقات، حتى لو كان ذلك عكس ما وَرد في تقارير المختصين داخل أروقة النادي في تقديرهم للاحتياجات الحقيقية، فلوقت كبير شاهدنا الصفقات صاحبة الفرقعة الإعلامية وبتلك الأصفار الكثيرة التي تضع اللاعبين في كتاب التاريخ الخاص بالنادي، ولكن دون أن يكون لنجاح اللاعب مع فريقه الجديد دورٌ في ذلك.
بل على العكس، تُقدم الأرقام الخيالية ضغطاً هائلاً على اللاعب الذي يُستقبل بالورود في المطار، وبكل الدعم المؤقت الذي لن يزيد عن عشر مباريات بحدٍّ أقصى، قبل أن يبدأ الجمهور في "ريتويت" الإحصائيات التي تقارن بينه وبين أول عشر مباريات لليونيل ميسي، وتبدأ الصحف في طباعة المقالات التي تشرح الأسباب التي أدت لانهيار "صفقة القرن".
ولكن ما نشهده هذا العام هو أن لاعبين وصلوا لفئة الأفضل عند البعض في وقت ما، صار يركض وكيل أعمالهم بين النوادي والبلدان يميناً ويساراً حتى يجد لهم نادياً يليق بسمعتهم، حتى لو كلف ذلك أكثر من نصف العقد السابق، خوفاً من انتهاء الأمر بهم في الدوري التركي أو الأمريكي، وعلى أسوأ الأحوال في الدوريات الخليجية.
فبعد قانون اللعب النظيف وسقف الرواتب للاعبين لم تعد هناك فرصة لجلب التدعيمات دون الاستغناء عن خدمات البعض، فجعلنا هذا نسمع عن لاعبين "صُنفوا" أساطير لدى جماهير فرقهم بلا عقود، أو تم إبلاغهم بأن يبحثوا عن فرق جديدة ليستكملوا مسيرتهم فيها.
باولو ديبالا
الأرجنتيني صاحب الثمانية والعشرين عاماً كان في وقت من الأوقات يوضع كخليفة لميسي ومارادونا في منتخب الأرجنتين، وأنه من سيحمل المنتخب الأرجنتيني مع ليونيل ميسي، حتى إنه بعدما تعارضت أدوار الاثنين في الملعب ظهرت بعض الأصوات بأن ديبالا سوف يكون مفيداً للفريق أكثر من ميسي، وأن مشاركته مهمة، حتى لو كانت على حساب البولجا.
اللاعب الذي قضى أغلب مسيرته في نادي السيدة العجوز، والذي اعتبرته جماهير اليوفي الابن المدلل وجوهرة الفريق للمستقبل انتهت مسيرته بنهاية الموسم الماضي، حيث أعلن بشكل رسمي عدم تجديد تعاقده لمواسم قادمة.
وبعد فشل ديبالا في تجديد تعاقده ظهرت أخبار كثيرة تؤكد وجود مفاوضات مع إنتر ميلان، ولكن في الوقت نفسه تحدثت مصادر بأن الجهاز الفني للمنتخب الأرجنتيني قام بإبلاغه بأنهم نفد صبرهم من عدم تواجد باولو في أي نادٍ حتى الآن، ما يشكل ضغطاً على اللاعب للقبول في أقرب وقت ممكن.
"ميسي القادم" حسبما كان يُصنف بين أفضل اللاعبين في العالم لعدة أعوام متتالية دخل في دوامة خطر كبيرة، وتراجع في الأداء بعد تسجيله 20 هدفاً مع ناديه في جميع البطولات، ولكن هل تكون تلك نهاية موهبة بحجم ديبالا بسبب تمسكه بالنادي الإيطالي في مناسبات سابقة؟
لويس سواريز "العضاض الأفضل"
عندما تتحدث عن لاعب فاز بالحذاء الذهبي الأوروبي دون تسجيل أي ركلة جزاء، عندما تتحدث عن لاعب استطاع إحراز 437 هدفاً فهو بالتأكيد ليس مهاجماً عادياً، ولكن عندما تتحدث عن 240 صناعة هدف كثاني أعلى عدد من التمريرات الحاسمة في التاريخ فهذا المهاجم يستحق بالتأكيد وضعه ضمن أكثر المهاجمين المتكاملين في التاريخ، ويجب علينا أن نتذكر ما قدمه سواريز في الدوري الإسباني، الذي في أعلى توهجات ومنافسات رونالدو وميسي على الحذاء الذهبي استطاع الفوز به مرتين وهو معهم في الدوري الإسباني.
وحتى عندما نتحدث عن أرقامه في ليفربول فصناعة 46 هدفاً وإحراز 82 في الدوري الإنجليزي الممتاز شيءٌ لا نراه في مهاجمين أخذوا ضجة إعلامية أكبر من سواريز بمراحل.
ربما الشيء الوحيد الذي لا يحسب للويس هو ما قدمه خارج كرة القدم، سواء في الملعب أو خارجه، من مضايقات ومناوشات وحركات غير أخلاقية، لكن عندما تتحدث عن ماكينة أهداف داخل منطقة الجزاء فلا بد أن تتكلم عن لويس سواريز كواحد من أهم وأفضل المهاجمين في العصر الحديث.
بهذا الأداء كان لا بد أن يستحق خروجاً يليق به وبمسيرته العظيمة، لكن سواريز حتى الآن ما زال بلا نادٍ، بعدما ارتبط اسمه بشكل قوي بريفربليت، حيث كان متحمساً وبشدة لتلك التجربة، ولكن بعد إقصاء الفريق من الكوبا ليبارتدورس تعطلت وفشلت المفاوضات.
سواريز صاحب الخمسة والثلاثين عاماً ما زال -حسب المصادر- يريد إكمال مسيرته داخل القارة العجوز، لأنه يرى أن فترة أتليتكو مدريد لا تعني النهاية، ورغم حسمه للعديد والعديد من المباريات الصعبة فإنه مستعد لمسيرة جديدة.
ولكن من سيتمكن من أن يحصل على خدمات المسدس الأوروغوياني، الذي ما زال يستعد ليطلق بعض الأعيرة المعتادة مع المنتخب في كأس العالم ويريد الاستعداد بشكل جيد؟
جاريث بيل
في عام 2013 تمت صفقة أصابت العالم كله بالجنون، كأغلى صفقة في تاريخ كرة القدم حينها، عندما وصل جاريث بيل من توتنهام إلى ريال مدريد كصفقة عرفها البعض بصفقة المستقبل، والتي سيكون لها دور في تاريخ ريال مدريد وبطولاته القادمة.
مبلغ 120 مليون دولار في ذلك الوقت كان ثروة، في الوقت الذي كان يراهن عليه بيريز بأنه وحش نائم ما زال لم يستيقظ بعد.
وبعدها لم يستيقظ بيل أبداً، ورغم ما قدمه مع الميرنجي فإنه لا يزال بعيداً كل البعد عما كان يتوقعه منه الجميع، خصوصاً أنه جاء في فترة ذهبية في تاريخ مدريد، حقق فيها ألقاباً لا يحققها الجميع، حين استطاع الفوز بخمسة ألقاب دوري أبطال أوروبا، وأربع بطولات كأس عالم للأندية، وثلاثة دوريات إسبانية، إلا أنه سجل مع الفريق ما يقارب المئة هدف منها ما هو حاسم. فمن الذي لا يتذكر مقصية بيل في ليفربول في النهائي المشهور أو هدفه في نهائي الكأس أمام برشلونة؟
ولكن ما عطل تقدم بيل في مسيرته في كرة القدم هو أنه أصبح غير مهتم بها في الوقت الأخير، فبعد أن أصبح حبيساً لدكة البدلاء في ريال مدريد في الأعوام الأخيرة، بل وأصبح هنالك دورٌ للاعبين الشبان، وأخذوا عدد دقائق أكبر منه أو أضعافه، كان ما زال بيل يعطي للجمهور إحساساً بأن لعب الغولف لديه أهم من مشاركته.
فمن الواضح بعد انتقاله القريب للوس أنجلوس جالاكسي في الدوري الأمريكي، أن بيل يريد اللعب في مكانٍ يضمن له البعد عن الضغوطات، مع تجهيز جيدٍ لهدفه الأكبر وهو كأس العالم، ويبدو أنه مع نهاية عقده معهم -الذي يمتد لموسم مع إمكانية التمديد لثمانية عشر شهراً- سيتجه للاعتزال والتركيز في مشاريعه الخارجية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.