مجرد مزحة
في عام 2008، خرج إلى النور فيلم بوشكاش، بطولة الممثل المصري محمد سعد، والذي يتناول قصة ساخرة لحارس مرمى معتزل تحول إلى وكيل لاعبين.
في الفيلم، كان هناك لقاء يجريه بوشكاش مع إحدى المراسلات، واقفاً خلفه وكيله كما أسماه "حسام الحضري" شقيق "عصام الحضري"، والفارق بينهما 4 سنوات، وهما توأم.
وكانت مزحة لطيفة جداً ومبتكرة، ولاقت استحسان الكثير من الناس، وضحكوا عليها، لكن الغريب أنها لم تعد مزحة!
المزحة تتحول إلى حقيقة
في عام 2019، خرج أركادي نافارو، وهو رئيس معهد الجينوم الأوروبي، ليقول إن استنساخ ميسي بات أمراً سهلاً، الفكرة تشبه تماماً ولادة توأم، أحدهما خرج للحياة وعاش، والآخر تجمد!
لكن المشكلة لم تكن مشكلة تجميد، المشكلة أن الذي خرج للحياة مر بأطوار كثيرة، وواجه مشكلات لا بد لاستنساخه أن يمر المتجمد بمثلها، الظروف البيئية نفسها، المشكلات نفسها، المشكلات الهرمونية نفسها، أن يتعلم في المدرسة نفسها، لاماسيا، أن يعيش في المدينة نفسها، برشلونة، وأن يتربى على الأسس نفسها التي تربى عليها ميسي.
من هنا، وإذا تحققت الشروط المذكورة؛ سيكون لدينا نسخة مشابهة تقريباً لميسي، يمكن من خلالها أن نرى بعد اعتزاله ميسي جديداً، أو هو شقيقه التوأم.
ميسي آخر.. الموهبة وحدها قد لا تكفي
التوتر والقلق، كانا سببين للقضاء على بويان، الموهبة التي سجلت 850 هدفاً في الفئات السنية للنادي، حسب الموقع الرسمي وكل المواقع الرياضية، بل إن الجارديان نفسها قالت إنهم ليسوا 850 فحسب، بل وصلوا إلى 900 هدف.
بويان وصل إلى النادي في التاسعة من عمره، كسر الرقم القياسي للظهور في سن 17 سنة و19 يوماً، خطف الرقم من ميسي، وسجل هدفاً وهو في السن نفسها، وأصبح أصغر لاعب في تاريخ النادي تسجيلاً للأهداف.
كل شيء كان طبيعياً لميسي القادم، حتى بطولة اليورو تحت 17 سنة، حينما حقق البطولة، ولم يعد قادراً على السير في الشوارع من حب الناس له، وزادت حدة الضغوطات أكثر حينما استدعاه ريكارد للفريق الأول، وقال إن بويان هو بمثابة كنز مدفون في برشلونة.
الحياة ابتسمت له بطريقة لم يكن يُحبها، في الوقت نفسه تم استدعاؤه للمنتخب الأول في إسبانيا، في مباراة ودية ضد فرنسا قبل يورو 2008، من هنا بدأت حياة بويان تتغير، خانه قلبه كما قال، وكان يدق 1000 دقة في الدقيقة، ولديه شعور بالغثيان وإعياء، ولم يعد قادراً على التحكم في أي شيء.
ولم تكن صدفة؛ لأن الأمر تكرر من جديد، وقتها عرف أنه لن يستطيع تحمل كل هذه الضغوطات بمفرده، وحينما استدعاه أراجونيس لقائمة يورو 2008 رفض الدعوة، ومباراة فرنسا كانت مباراته الوحيدة مع المنتخب طوال مسيرته.
بويان خرج من النادي في العشرين من عمره، وللأسف كانت مسيرته قد انتهت هنا، مقارنته الدائمة بميسي أنهت مسيرته مبكراً، واللاعب الذي خاض مباراة واحدة في مسيرته مع منتخب إسبانيا، حاول بشتى الطرق تمثيل منتخب صربيا، بلد والده، لكن اليويفا رفض.
الموهبة موروثة أم مكتسبة؟
في إسبانيا، تحديداً عام 2014، واجه برشلونة خصمه أتلتيكو مدريد في إطار منافسات دوري أبطال أوروبا، وبهدف كوكي، أقصى أتلتيكو برشلونة واستطاع أن يصل إلى نهائي البطولة في ذلك العام.
ليلتها حدث أمر غريب بعض الشيء، لقد ركض ميسي ما يقارب من 6.8 كيلومتر فقط، وهو رقم سيئ للغاية إذا عرفت أن حارس مرمى برشلونة في تلك الليلة، خوسيه مانويل بينتو، ركض 5.4 كيلومتر في الوقت نفسه، في حين ركض كوكي، نجم المباراة، 12.2 كيلومتر، أي ما يقارب ضعف ما ركضه ميسي.
الإحصائيات المذكورة، وضعت محللي كرة القدم أمام حقيقة لا يمكن إنكارها: "الموهبة وحدها لا تكفي".
في البرتغال جلس العلماء يتناقشون، حول مدى تأثر الموهبة بالعوامل الوراثية، واكتشفوا أن القوة والسرعة يتأثران من 30-90% بعوامل وراثية، وأن ذروة امتصاص الأكسجين (التحمل) تعتمد على 40-70% عوامل وراثية.
وهذا ما يؤكد أن موهبة ميسي، رغم كونها فريدة من نوعها وجعلته أفضل لاعب في تاريخ اللعبة، إلا أن جزءاً كبيراً منها موروث، لكنّ ثمة شيئاً ينقصها، الكثير من الأشياء لا بد أن تُضاف عليها، مثل التمرين، التطور، وهو ما قالته المجلة البريطانية للطب الرياضي: "الموهبة مع التمرين يمنحانك قدراً كبيراً من التفوق".
وبالمناسبة، كيفين ديورينت، نجم كرة السلة الأمريكي قال في مرة من المرات، إن العمل الجاد يهزم الموهبة حينما تفشل الموهبة أن تعمل بجد.
لنتساءل معاً: ماذا كان سيحدث لو ظل ميسي يلعب الكرة في الأرجنتين دون أي تدخل علاجي؟
الإجابة: حاله كحال الكثيرين ممن مارسوا اللعبة على أنها هواية، جلد مدور يُفرغون فيه طاقاتهم بعد يوم عمل شاق، ربما كان الآن واقفاً في ورشته يعمل ميكانيكياً لتصليح السيارات في روزاريو، أو عاملاً في مطعم.
وهو بالتحديد ما توقعه الأطباء، توقعوا في صغر ميسي أنه لن يصلح لممارسة كرة القدم إلا في حالة التدخل العلاجي، وهو ما وفره له برشلونة، وإلا ما كان ليزيد طوله عن 143 سنتيمتراً تقريباً.
إذاً، ما قاله أركادي نافارو كان صحيحاً، لا بد للتوأم المجمد أن يكبر في الظروف نفسها التي عاشها ميسي، فكرة سينمائية بحتة، كأن هناك من سيعيد إحياء حياة ميسي من جديد.
أشياء غامضة تحدث
في يوم 19 سبتمبر/أيلول، سنة 2010، خلال مباراة برشلونة وأتلتيكو مدريد في إطار منافسات الليجا، كان هذا التدخل على ميسي.
التشيكي، توماس يوفالوسي، تلقى على إثره بطاقة حمراء، ومن المؤشرات المنطقية، بعد عرض اللقطة، قالوا إن التدخل، في أحسن الأحوال سينهي موسم ميسي، وفي أسوئها سينهي مسيرته.
يوفالوسي، في صباح اليوم التالي، تحول لأكثر شخص مكروه في الصحف الإسبانية، منهم من طالب بإيقافه، منهم من طالب بمنعه من ممارسة كرة القدم.
في تقرير النادي، بعد معاينة الإصابة في الملعب، كانت المؤشرات لا توحي بالخير أبداً، لكن المفاجأة، أن ميسي قد عاد بعد 10 أيام، ولعب ضد روبين كازان، حوالي 60 دقيقة!
نهائي كأس العالم 2034.. سيناريو تخيلي
دخل إلى التدريبات، وعلى قميصه اسم يحمل ذكريات رائعة في المكان نفسه، الابن الذي وجد نفسه مُطالباً بأن يُعيد إرث والده قوبل بالرفض، حدث ذلك في مانشستر، في اختبارات مانشستر يونايتد عام 2013، وكان بروكلين بيكهام هو المعنيّ تحديداً بما أكتب.
ولم يتوقف عن السعي، وبدلاً من أن يبدأ كبيراً طاف على فرق الدوري الإنجليزي الأخرى، في فولهام كانت كلمتهم تشبه تلك التي سمعها في مانشستر، وفي كوينز بارك رينجرز أكدوا ما قيل له طوال الوقت: "نجل نجم سابق لكنك لا تمتلك الموهبة الكافية لتكون معنا".
في أمستردام، قالوا إن الموهبة تُورث بنسبة 66%، وهو ما يُقوي براهين ميسي ورونالدو حول نجليهما.
لقد قال ميسي إنه يحب اللعب مع أطفاله، ويحب تعليمهم كرة القدم، وفي سياق متصل أكد رونالدو على أن نجله جونيور، كان شغوفاً طوال الوقت بلعب الكرة معه، بتعلم ما يتملكه والده واكتسابه.
ولسوء حظ أبناء ميسي، فإن الجينات قد تُمثل عائقاً أمامهم، حسبما يقول العلماء فإن الطول هو عامل وراثي بشكل كبير؛ ما يضع أبناء ميسي في مأزق، كونهم سيجدون أنفسهم موجودين عند خط طول يشبه تقريباً طول والدهم، وهي المشكلة التي عانى منها في صغره.
على عكسهم، فإن كريستيانو رونالدو جونيور، قد يرث ما أكده العلماء في البرتغال، وبعيداً عن كرة القدم، فإن جونيور قد يكون أكثر قوة وتحملاً من أبناء ميسي، وعلى رأسهم تياجو.
من هنا نشأت فكرة: هل يمكن أن نرى كريستيانو رونالدو جونيور قائداً لمنتخب البرتغال في نهائي كأس العالم 2034؟ وفي المقابل يقف تياجو ليونيل ميسي مدافعاً عن قميص المنتخب الأرجنتيني؟ ربما..
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.