تُغرينا الغربة ويؤلمنا الوطن.. لماذا وُلد جيلنا مهووساً بالهجرة إلى هذا الحد؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/07 الساعة 11:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/07 الساعة 11:16 بتوقيت غرينتش

الهجرة حلم كل عربي، كل شخص طامح، مفكر، لديه غاية أو يريد الوصول إلى رغبة هي المنفذ والحل لوقائع وأحداث مؤسفة نعيشها في وطننا العربي، لطالما صادفنا فيديوهات لتجارب حية عن الهجرة، إما بطريقة قانونية أو هجرة سرية، نعيش مع المهاجر لحظات المتاعب والنجاح، مشاعر جياشة في بعض الأحيان.

قاعدة كل مهووس بالهجرة، أنك ستصل مهما طالت الطريق ومهما سقطت، صحيحة؛ لأن الحقيقة تتكلم عن نفسها. في الوطن الآخر تحقق ذاتك وتعيش بكرامة ودون منٍّ وأذى أو تهديد من مستقبل مجهول، فالهجرة والاغتناء المادي أو المعنوي فيه وطنٌ، كما قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، إن صحت نسبة المقولة إليه: "الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة".

وقد شاع الإغراء والتغرير بالاغتراب، مع الأسف، بعيداً عن الواقع، فالمعايير تغيرت، والسرعة طغت، والمظاهر والتجارب التي تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي تلهب المشاعر. الصبر نفد والكل متلهف لتحقيق الحلم الكبير دون تجارب أو تعب، حلم العربي الفقير متمركز على 3 حقوق ستحققها الغربة والهجرة في وقت قصير ربما، حسبما يظن المنبهر؛ منزل فاخر أو فيلا، وسيارة راقية، لمبرجيني ربما، ومال كالأرز مثل الذي نشاهده في فيديو كليبات الأغاني الغربية. بينما الواقع شيء آخر، فقر أسود، ويوميات موجعة تحتاج إلى المثابرة والإرادة حتى تحقق ذاتك بالخارج.

وهنا نجد أن الهجرة الحالية تنقسم بين رؤية واقعية، وبين وهم كبير، والعاقل من يحلم لكن يعيش الواقع، ولا بأس بأن تهاجر بعدها، حتى لو كنت ضمن أشخاص دون أي مستوى دراسي أو تراكمات من الخبرات الحياتية، يطمحون للهجرة تحت شعار "الله كريم" وفقط، ويذهبون عبر قوارب الموت التي تغادر سواحل المغرب العربي نحو قارة نسمع عنها الجميل والرائع من عمل وحقوق وأجور خيالية، الحق في السكن والحق في التطبيب المجاني المكفول من طرف الدولة، الحق في الدراسة والتعليم المجاني، الحق في التعبير، سواء كنت عبر قارب أو قرعة أمريكية أو كسر فيزا.

ولا أنسى هنا دور المغريات التي رأيناها في الصغر، من ذا الذي لم يكن أحد أقربائه أو جيرانه خارج الوطن يأتي لقضاء العطلة في الصيف؟ هذا بحد ذاته كافٍ لنتصور معه الحلم، ونستنشق رائحة الغربة والهجرة في الأحداث والوقائع التي تُسرد، والقصص المشوقة في طريقة العيش هناك، والجودة في أبسط الأمور.

جيل منكسر تلقى وعوداً من العائلة والأقارب في التسعينيات وبداية القرن الحالي أنه إذا ما بلغنا سن الرشد سيوفرون لنا فرصة للعيش هناك لإتمام الدراسة أو العمل. الغربة والعيش في الخارج حلمي وأملي كما هو طموح العديد من العرب ومواطني العالم الثالث رجالاً ونساءً، وهجرة اليوم ليست حكراً على  الرجال، فقوارب الموت تضم أطفالاً ومراهقين ويافعين نراهم يتقاتلون في محاولة العبور إلى القارة العجوز، اللقب الذي لا تستحقه هذه البلاد.

نهايةً، فإنني أرى أنك مهما وصلت من مكانة مستحسنة اترك جانباً يفكر ويطمح إلى الهجرة بما لها وما عليها؛ لأن هناك عالماً مختلفاً 180 درجة عن الوطن.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حمزة نيازي
مدون مغربي
مدون مغربي، باحث ومهتم بالشؤون السياسية، محب للتاريخ المعاصر، حاصل على الإجازة في الحقوق.
تحميل المزيد