رغم مناورة حزب الله بـ3 مسيرات فوق حقل كاريش.. لماذا تبقى الحرب بين الحزب وإسرائيل احتمالاً بعيداً؟

عدد القراءات
1,009
عربي بوست
تم النشر: 2022/07/06 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/06 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش
زعيم "حزب الله" يتحدث لأنصاره في كلمة متلفزة - رويترز

أطلق حزب الله منذ أيام ثلاث مسيرات فوق حقل كاريش، الذي يعمل الاحتلال الإسرائيلي على البدء باستخراج الغاز منه رغم توقف المفاوضات بين الجانب اللبناني والكيان الإسرائيلي حول ترسيم الحدود البحرية. وأعلن الحزب بشكل واضح أن الهدف من هذه العملية هو إيصال رسالة إلى المفاوض الأمريكي تفيد بأن الحزب لن يتخلى عن حقوق لبنان من النفط والغاز الموجودة في المتوسط، وبدورها، ردت حكومة الاحتلال ببيان تفيد بأن الحزب يتعدى على سيادتها في المياه الاقتصادية، التي تدعي أن المنطقة الواقع ضمنها حقل كاريش هي مياه اقتصادية تابعة للكيان الإسرائيلي.

حزب الله وإعادة رسم الخطوط الحمراء

إنها ليست المرة الأولى التي يرسل فيها حزب الله طائرات مسيَّرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكن هذه المرة أراد حزب الله أن يعيد رسم موازين القوة في الصراع على الحقوق النفطية اللبنانية، فرغم أن حكومة الاحتلال صرحت بأن ملف الحدود مع لبنان هو ملف سياسي وليس عسكرياً، فإنها أكدت، وبشكل متكرر، أنها مستعدة لجميع الخيارات الدبلوماسية والعسكرية.

وهنا لا يمكن أن نغفل عن أن الجرأة التي تعامل بها الكيان الإسرائيلي لبدء العمل داخل حقل كاريش تعود إلى القدرة العسكرية التي يمتلكها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويظن أنه يستطيع حماية منشأة الطاقة في حال نشوب أي صراع عسكري مع لبنان، ولكن استطاع الحزب عبر إرسال المسيرات غير المسلحة إعادة رسم لقواعد الاشتباك.

وكان الحزب قد أكد بدوره أن أي معركة مع العدو الإسرائيلي ستكون مفتوحة جواً وبراً وبحراً، وهذا ما سيضرب أساس القوة الإسرائيلية التي تعتمد بشكل كبير على القوة الجوية، فتاريخ الحروب الإسرائيلية يثبت أن إسرائيل تعمل بشكل دائم على استراتيجية حربية، مفادها السيطرة على الأجواء منذ بداية أي معركة، ولكن هذه المرة يعرف الكيان الإسرائيلي بشكل جيد أن الحزب يمتلك أسلحة وصواريخ يستطيع من خلالها إرباك أي تحرك جوي يشنه الجيش الإسرائيلي.

كما أنه، بامتلاكه الطائرات المسيرة التي اكتسب فيها خبرة واسعة من خلال مشاركة الخبراء، فإنه يستطيع تنفيذ عمليات جوية عالية للمناطق الحيوية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ضمنها محطات استخراج النفط والغاز، مما يضع الكيان الإسرائيلي تحت ضغوطات كبيرة، وعدم حرية الحركة في ملف الطاقة، والتي يبنى آمالاً كبيرة عليها في ظل الطلب العالمي المتزايد على الغاز وخاصةً في ظل الأزمة الروسية-الأوكرانية.

الصراع اللبناني-الإسرائيلي شرارة الصراع الإقليمي

إن أي معركة محتملة بين حزب الله والكيان الإسرائيلي هي بمثابة شرارة صراع إقليمي، فإن تأخر استخراج الغاز داخل الأراضي المحتلة سيشكل ذلك خطراً كبيراً على مشاريع الطاقة التي تسعى أوروبا لعقدها مع حكومة الكيان، والتي تسعى من خلالها لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، كما أن أي عملية لحزب الله على المنشآت النفطية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ستكون بمثابة اعتداء على الشركات الدولية التي تعمل على إدارة محطات استخراج الغاز والنفط هناك، والتي ستضغط بالتأكيد على الجانب الإسرائيلي لضمان أمن شركاتها، بالإضافة إلى أنه سيزيد من الضغط الأمريكي على لبنان بهدف تقويض أنشطة الحزب، وسيدفع العديد من الدول إلى التدخل بشكل مباشر وغير مباشر في هذه المعركة.

ولكن يبقى السؤال الأهم في ظل الأزمة الاقتصادية اللبنانية والصراع السياسي الداخلي بين الحزب وقوى سياسية أخرى، والتململ داخل بيئة حزب الله من الوضع الاقتصادي والأزمة الاقتصادية الدولية التي أدت بدورها إلى تضخم دولي أدى لركود في الاقتصادات الدولية، وفي ظل الأزمة السياسية التي تعصف بحكومة الكيان الإسرائيلي وعدم الاستقرار السياسي؛ هل الطرفان مستعدان للدخول بأي صراع عسكري؟ والذي لا يتحمل أي من الطرفين تداعياته المالية والاجتماعية والسياسية، أم أنه سيكون للمفاوض الأمريكي ورقة حل قد تنهي هذا الصراع الذي يعتبر الحل الدبلوماسي فيه الحل الأفضل لكل من لبنان والكيان الإسرائيلي والجهات الدولية، خاصة الولايات المتحدة؟ التي إن وقع أي صراع بين الطرفين سيكون من الصعب عليها تكلفة دعم هذه المعركة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تحل بها وتكاليف دعمها لأوكرانيا ضد الحرب الروسية.

لهذا إذا نظرنا إلى الأسباب المذكورة سابقاً سنجد أنه من المستبعَد وقوع أي معركة عسكرية بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، بل إن من مصلحة الدول الغربية الضغط على الكيان الإسرائيلي للقبول بالشروط اللبنانية لتجنب وقوع أي صراع وخاصة أن العرض الذي قدمه لبنان هو الأكثر منطقية للطرفين؛ لتجنب أي أزمة عسكرية وإنسانية واقتصادية جديدة في الشرق الأوسط.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالله جهجاه
باحث لبناني في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
باحث لبناني في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
تحميل المزيد