وفقاً لإحصائيات متعددة يصل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في مصر إلى ما يزيد على 48% من السكان، وهذا عدد ضخم لا يفسره إلا الرغبة الجارفة في معرفة المعلومات التي تضنّ بها الهيئات الرسمية الحكومية والخاصة، والنهم المعرفي، خاصة هذا الذي يرتبط بالنميمة المجتمعية (عن نجوم المجتمع الرياضي والفني)، والبطالة بنوعيها المُقَنَّعَة وغير المُقَنَّعَة. وبالرغم من أن استخدام وسائل التواصل هذه قد زاد عن عقد من الزمان لدى أغلب المصريين، فإن الأكثرية الكاثرة منهم تستخدم هذه الوسائل ببعض من "الغشومية".
ولهذا أَضَعُ هذا المقترح بين يديك- عزيزي القارئ- عَلَّكَ تعي ما أحبه وما لا أحبه عندما يرتبط الأمر بالتواصل بيننا افتراضياً في الفضاء الأزرق (الفيسبوك)، أو الأخضر (الواتساب)، أو أي فضاء إلكتروني. وهذا المقترح مجموعة من قواعد السلوكيات (الإتيكيت) لا أحسبها ستضرك إنْ طبَّقتها معي أو مع غيري، بل وأحسبها ستعفيك من حرج لا داعي له، وستغنيك وتغنيني عن كثير من الكلام والجهد والوقت. فإن أعجبت بها فبها ونعمت، ويا حبذا لو شاركتها بين أصدقائك لتعم الفائدة ويسود الأدب. وإن لم تعجب بها فيكفيني أني قد أعلمتك بها.
– الصداقة على الأرض شيء عظيم، له قواعد صعبة تشمل العمر والجنس (ذكراً أم أنثى) والقبول، أما الصداقة الإلكترونية فلا تعني شيئاً سوى "المتابعة"؛ فحافظ على الخط الفاصل بينهما.
– استخدم الألقاب المناسبة لكل شخص حسب عمره وجنسه ومكانته في المجتمع ومقدار معرفتك به، ولا تبالغ. فعدم استخدام اللقب مع من يستحقه ينزع عنه تدريجياً الاحترام من جموع من يتعاملون معه، والمبالغة في استخدام ألقاب غير مستحقة تصنع "فرعون" من تافه لا يستحق.
– ركِّز في محتوى أي منشور قبل اختيار علامة "إعجاب" أو التفاعل معه بـ"أحببته" مثلاً؛ فقد يكون المنشور خبراً سيئاً، ولا أظنك ستبدي الفرح بخبر سيئ إلا إذا كنت شامتاً.
– علامة "الحب" لا تعني إلا "حب المنشور" لا حب من نشره؛ لكن بما أن البعض قد يسيء تفسيرها فابتعد عنها، خاصة لو كان الناشر مختلفاً عنك في الجنس وقريباً منك في العمر.
– إن وجدت نفسك مشتتاً بين هذه العلامات التي تزيد يوماً بعد يوم فليس عيباً أن تكتب تعليقك بما تراه، فهذا أوضح وأسلم.
– خذ حذرك، فما تقوله من تهديد ووعيد وشتائم على وسائل التواصل مسجل، ويمكن لأي شخص أن يقاضيك به، تأدَّب طوعاً حتى لا تُؤدَّب كرهاً.
– كل وسائل التواصل الآن بها خصائص الرسائل النصية والصوتية والمصورة والمكالمات، بهذا الترتيب الذي تطورت بناءً عليه. فلماذا تعكس الترتيب عندما تستخدمها؟ ابدأ بالرسائل المكتوبة وتَدَرَّجْ حتى تصل لمكالمة الفيديو إن كانت لها ضرورة من الأساس. وبالمناسبة، الرسائل المكتوبة هي أفضل وسيلة في التواصل لأن من يستقبلها يفعل ذلك في الوقت الذي يناسبه، ويمكنه إعادة قراءتها أكثر من مرة، وفي كل الأماكن دون حرج، وهذا لا ينطبق على الرسائل الصوتية.
– إن حدث واستقبلتُ رسالتَك ولم أرد فقد منعني مانع، ادعُ اللهَ لي أن يكون خيراً، والتمس ليَ العذرَ، وإن أعدت إرسال الرسالة، فقَدِّم لها بتمنياتك لي بالخير، ولا تباغتني باللوم.
– أظن أنك تعلم أن كلاً منا يستقبل مئات الرسائل كل يوم على تطبيقات متنوعة، ولا يمكن الرد عليها جميعاً في نفس "اللحظة". اصبر.
– إن استقبلت رسالتك مرة أو مرات ولم أرد ألا تظن أنني محرج؟ فربما تطلب مني ما لا أستطيع تنفيذه. قد يكون طلبك "عشماً" (وهذا شيء له تقديره)، لكنني لا أستطيعه، فاعفني من طلبك، وسأدعو الله لك أن ييسر لك من يقوم به على أكمل وجه.
– إن نويت كتابة أو تسجيل رسالة استعدّ لها قبل أن ترسلها، خطِّط لما ستكتب أو ستقول في رأسك، حتى إذا بدأت الرسالة جاءت مختصرة مفيدة فلا ترهق من يستقبلها.
– إن قررت كتابة رسالة فلا تُقَطِّعَهَا إلى عشر رسائل مثل (السلام- عليكم- عامل إيه؟- نسيت- أقولك إني- هأجيب معايا بكرة- واحد صاحبي- عايز منك- خدمة)، ويا ليتك لا تستخدم كلمات عامة مثل (خدمة، موضوع، قصة كده، حكاية، فكرة). كن محدداً، ولا تضيّع وقتي ووقتك.
– تعلم- أعزك الله- أننا بشر نختلف في مواعيد النوم والعمل والحمَّام والأكل وخلافه. فإذا وجدتني "أونلاين" فهذا لا يعني أنني بجسدي "أونلاين"، فقد أكون نائماً أو في صلاة والهاتف مفتوح، اصبر حتى أنتهي، وسأردّ عليك عندما أنتهي مما يشغلني إن وجدتُ الوقت والرغبة.
– أنا لا أنتظر صورة الفانوس في مطلع رمضان، ولا صورة الخروف في عيد الأضحى، وأمثال هذه الصور في كل مناسبة. إن أردتَ أن تكتب لي رسالة، فاجعلني أشعر أنك قد بذلت فيها جهداً، وأنها رسالة "تخصني"، سأحب هذه الرسالة وسأفرح بها، حتى وإن كانت أسوأ في التصميم من الرسالة المعممة التي ترسلها للجميع دون تفرقة في علاقتك بهم.
– لا ترسل لي رابطاً قبل أن تتأكد من أنه آمن (أي لا يحمل أي فيروس) وأنه يعمل.
– أسعد كثيراً عندما أراك تحتفل بإنجاز أو تنشر خبراً شخصياً أراه على حائطي، لكن لا تشركني رغماً عن أنفي في كل ما تنشر بالإشارة "التاج"، فهذا يشغلني لأني أستقبل عدداً مهولاً من إشعارات تعليقات محبيك الـ5000 الذين "تيّجتهم" مثلي. وأعلمك أنني سأزيل هذا "التاج" فوراً إن لم تكن هناك حاجة لي به، فلا تغضب.
– المجموعات التي وَسَمها أصحابُها بالـ"خاصة" (مثل المجموعات الطلابية) ما كانوا "ليخصصوها" لو أرادوا الجميع شركاء فيها. ركِّز قبل أن تطلب الانضمام إليها إلا لو كانت شروطها تنطبق عليك.
– إن كنت في مجموعة مخصصة لغرض ما (مثل مجموعة تخص مركزاً تعليمياً أو سكان حي سكني ما) فلا تستخدمها إلا لهذا الغرض، ولتستخدم حسابك الخاص لتنشر عليه ما تشاء.
– إذا شملتني وإياك مجموعة فلا تراسلني داخلها إن كان الأمر يرتبط بشخصينا فقط. فما الداعي لإزعاج غيرك وغيري بأمور خاصة؟ لا تُنْزِل عليَّ لعنات من لا يهمه الأمر، واحترم خصوصيته.
وإلى لقاء إن شاء الله.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.