بأخذ صفحة من كتاب اللعب الإسرائيلي، استخدمت الحكومة الهندية القومية الهندوسية اليمينية الجرافات في السنوات الأخيرة أداةً للقمع والعقاب الجماعي.وغالباً ما يستهدف هدمُ الممتلكات، الذي يُعتبر قانونياً، النقادَ والمتظاهرين السلميين، ويتم تنفيذه بعدوانية دون إشعار مسبق.
ويبدو الأمر متشابهاً مع ما تفعله جرافات جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل مخيف، كطريقة طرد الأفراد من منازلهم، وهدم المنزل المذكور، ومعاقبة عائلات بأكملها، وأصبحت هذه الطريقة، التي استخدمتها السلطات الإسرائيلية لسنوات ضد الفلسطينيين المستضعفين، سلاحاً مفضلاً لحزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي في ولاية أوتار براديش وماديا براديش وغوجارات.
في 12 يونيو/حزيران، ذاق الناشط المسلم جاويد محمد، عضو حزب الرفاه الهندي، مثل هذه الإجراءات الجزائية في مشاهدة منزل الأسرة الذي هدمته هيئة تنمية براياغراج (PDA)، كما استهدفت هذه الإجراءات منزلين آخرين مملوكين لأفراد متهمين بإلقاء المقذوفات بعد صلاة الجمعة. وقد تم تنفيذ تدابير مماثلة في صحارانبور وكانبور. كما هو الحال مع كل عمليات البلطجة الوحشية التي يعاقب عليها حزب بهاراتيا جاناتا المسلمين، فإن الإجراء يُعطى بريقاً قانونياً في إيذاء المسلمين، ويقولون إن هؤلاء المسلمين هم المخطئون، فقد بنوا دون رخصة سارية المفعول، أو أوراق. وتصر هيئة تطوير برايجراج (PDA) على أنه تم إخطار جاويد في 10 مايو/أيار بهدم بنائه غير القانوني بحلول 9 يونيو/حزيران.
وبالإضافة إلى الافتراضات المرتبطة بالأوراق المشبوهة، فإن أوراق الاعتماد الدينية للضحايا هي أكثر ما يزعج الهيئات. كما أنهم يعتبرونهم مخطئين عند احتجاجهم على السلوك البغيض لمسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا، لا سيما في سياق الأفعال التحريضية ضد العقيدة الإسلامية.
وقد أصبحت "عدالة الجرافة" هذه، كما يطلق عليها، من المألوف ضد القادة المسلمين المتهمين بالمشاركة وإثارة الاحتجاجات رداً على تصريحات أدلى بها زعيما حزب بهاراتيا جاناتا السابقان نوبور شارما ونافين جندال بشأن النبي محمد. والاحتجاجات التي نُظمت في هذا الصدد في براياغراج وساهارانبور تحولت لاحقاً إلى أعمال عنف، وأصيب 13 شرطياً واعتقل 300 شخص.
وقد اهتمت سلطات إنفاذ القانون وهيئة تطوير براياجراج (PDA) بشكل خاص بأنشطة جاويد، واعتقلته واحتجزت زوجته وابنته الثانية سمية، كما أثارت آفرين، ابنته المتحمسة والطالبة في جامعة جواهر لال نهرو، اهتمام السلطات لدورها في إلهام الاحتجاج. وتم التأكيد بالفعل على اتهامها بتسيير وتنظيم الاحتجاجات ضد قانون تعديل المواطنة السيئ.
إذاً، ما الرد على مثل هذه العقوبات الوحشية خارج نطاق القضاء؟ هدم منزل جاويد وغيره من النشطاء لم يرَ تفاعلاً وإدانةً من السياسيين المعارضين، ولم يعبروا عن مخاوفهم بشأن العدالة الطبيعية والحق في المأوى؛ ففي الواقع، كان هناك نقص في الغضب ضد مثل هذه الأعمال. حتى إن بعض شبكات التلفزيون ذهبت إلى حد التعبير عن سعادتها بالمعاملة التي اعتبرتها مناسبة ضد "المفسدين" الذين دبروا الاحتجاجات في براياجراج.
وبالإضافة إلى التبرير الخادع بأن المنازل بنيت بشكل غير قانوني، فإن رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، يوغي أديتياناث، سوف يستمتع بتطبيق المعاملة الوحشية، لأنه لا إدانات قانونية، وأظهر مستشاره الإعلامي، مريتيونجاي كومار، احتفاله باستخدام الجرافة، ووعد بمزيد من عمليات الهدم باستخدام هذا السلاح المباشر.
وكتب في تغريدة على تويتر: "لتتعظ العناصر الجامحة"، معلقاً على صورة جرافة تقوم بعملها الخسيس.
"حتى لو افترضت للحظة أن البناء كان غير قانوني، وهو بالمناسبة مثلما يعيش ملايين الهنود، فمن غير المسموح به أن تهدم منزلاً يوم الأحد عندما يكون السكان في الحجز"، هكذا كان رد الرئيس السابق للمحكمة العليا بـ"الله أباد"، وكتب عدد من المحامين إلى رئيس المحكمة العليا الحالي في "الله أباد"، مشيرين إلى أن منزل جاويد كان في الواقع باسم زوجته. ولم يتلق أبداً إخطارات سابقة بالبناء غير القانوني، كما تدّعي سلطة تطوير براياجراج؛ ما يشير إلى عدم قانونية الإجراءات التي اتبعها النظام.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.