فضل الله الأيام بعضها على بعض، والأيام الفاضلة هي مواسم لنفحات الله وعطاياه لعباده، ونحن الآن في أعظم أيام، وهي العشر الأول من ذي الحجة، خير أيام العام كلها وقد أقسم الله بها (والفجر.. وَلَيَالٍ عشر)، هي عند المسلمين أفضل أيام العام بحيث يكثر فيها الذكر والاستغفار والصيام والأعمال الصالحة.
ويُسن صوم أول تسعة أيام من ذي الحجة، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر والإثنين والخميس.
وفيها يوم عرفة الذي هو يوم التاسع من ذي الحجة ويكون فيه الحُجاج على جبل عرفات يدعون ويستغفرون ويرجون الرحمة والمغفرة من الله تعالى. يوم عرفة الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة". وهو يوم تغفر فيه الذنوب وتعتق فيه الرقاب، يوم تكتب فيه أسماء العتقاء من النار، يوم المغفرة الكبير.
وصيام يوم عرفة يكون لغير الحجاج، لأنهم يفطرون بسبب مشقة الحج، وهو يكفّر سنة قبلها وبعدها كما ثبت في الحديث، وأيضاً قال -عليه الصلاة والسلام-: "صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ، وصِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التِي قَبْلَهُ"، ولا نستطيع أن نصف سعادة المسلمين في هذه الأيام المباركة.
ومن أفضل العبادات الدعاء يوم عرفة كما ذكر في الحديث الشريف، فعن النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أفضل الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وأفضل مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له". فهو فرصة لمن أراد أن يستجاب له دعوة، فيلتزم الدعاء ولا تلهيه الدنيا وشهواتها، وهناك من يفوز بتخصيص هذه الأيام للتفرغ للدعاء والاستغفار والصيام والأعمال الصالحة.
ولو ننظر لهذه الأيام المباركة ورحمة الله بعباده فيها، وحبه لهم، سنجد أن الله يفتح لهم كل فترة باباً من أبواب الرحمات والمغفرة والحسنات وهذا يدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى، الذي يستجيب لهم الدعاء خاصةً في هذه الأيام.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ"، يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ من ذي الحجة.
وكما جعل الله أفضل أيام الأسبوع يوم الجمعة جعل أفضل شهور السنة شهر رمضان، وجعل أفضل أيام العام هي هذه الأيام العشر.
فيستحب في هذه الأيام المباركات الذكر والاستغفار والصوم والصلاة مع سننها، ولا ننسى الصدقة لأن الحسنات تتضاعف في هذه الأيام. وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".
والسؤال الآن بعدما أوردنا أفضال الطاعات في هذه الأيام، هل يجب فعل كل هذا؟ الإجابة: لا، فكل شخص حسب قدرته، فإن أحب الأعمال الصالحة إلى الله أدومها وإن قل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.