كتاب الجامعة الأمريكية في مصر كما بالصورة، يركز على تاريخ الجامعة الأمريكية في مصر، التي بدأت كمعهد للتبشير البروتستانتي، ثم تحولت إلى معهد للغات والدراسات الشرقية؛ بل كانت تعطي شهادة معادلة للثانوية العامة، حتى عام 1960.
لكن، صدر قانون التعليم العالي الجديد سنة 1960، وحظر تمويل المؤسسات التعليمية أو الجمعيات الأهلية من جهات خارجية نهائياً. وفي ذلك الوقت، كانت الجامعة الأمريكية بالقاهرة تقع تحت طائلة ذلك القانون، وكان أمامها حلان لا ثالث لهما؛ إما أن يتم تمويلها من الداخل المصري أو الإغلاق.
كان في صف الإغلاق والتصفية، أحد مؤسسي جهاز المخابرات المصرية، السيد علي صبري؛ لذا قررت شخصيات مسيحية مقربة من الجامعة ومن السلطة اللجوء إلى محمد حسنين هيكل، الذي توسط بدوره لدى جمال عبد الناصر لاستثناء الجامعة الأمريكية من القانون.
ظل الوضع مخلخلاً بالجامعة ومزعجاً لأصحابها، خاصة أن القانون قد صاحبه بدء التحاق أعداد كبيرة من المصريين بالجامعات الحكومية الثلاث الموجودة ساعتها دون الأمريكية، فلجأت الجامعة الأمريكية بواسطة محمد حسنين هيكل مرة ثانية للرئيس جمال عبد الناصر، سُمح للجامعة بافتتاح أقسام جديدة بالجامعة ومنها الإنسانيات والآداب وعلوم التسويق، واتفق على أن تكون مصروفاتها 120 جنيهاً سنوياً.
تكافؤ فرص يا جدع
على صعيد آخر، تبدو فكرة مكتب التنسيق سامية نظرياً وعملياً، فهي العدالة التامة، العمياء، في توزيع فرص التعليم، مجموعك الذي هو نتاج مجهودك سيحدد مستقبلك، بغض النظر عن أصلك وفصلك ومهنة الآباء والأجداد.
لكن لم ترُق تلك الفكرة للطبقة العليا المصرية، فلجأت في منتصف الستينيات لأفكار أخرى ملتوية، للحصول على الاستثناءات وتجاوز عقبات العدالة ومبادئ تكافؤ الفرص. تم ذلك بدعاوى ملتبسة وطرق ملتوية، فتم افتتاح جامعة بيروت، التابعة لجامعة الإسكندرية، وتم افتتاح فرع لجامعة القاهرة بالعاصمة السودانية، الخرطوم، وهكذا صار لأولاد الناس الأكابر ثلاثة منافذ للهرب من المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص: الجامعة الأمريكية، جامعة بيروت، فرع جامعة القاهرة بالخرطوم.
كما سُمح بالتحويل من كليات جامعة بيروت أو فرع جامعة القاهرة بالخرطوم إلى الجامعات المصرية، وهكذا تم تقنين ورسم طريقة التجاوز والاستثناءات لأبناء الأكابر.
الحقيقة أن مشروع مجانية التعليم الجامعي لم يكن مطروقاً لدى النخبة المصرية الصاعدة حديثاً أو من مشاريع قادة ثورة يوليو، لكن نزل بِه الوحي مرة واحدة، وتم ذلك لأسباب سياسية، لكن دون زيادة تمويل الجامعات أو زيادة أعضاء هيئات التدريس، وترصد رواية المهندس نعيم صبري "صافيني مرة" زيادة المقبولين بهندسة القاهرة من 100 إلى 500 دفعة واحدة دون استعداد أو تأهيل للكادر التعليمي أو تطوير المرفقات.
وفي زفة الأفراح والليالي الملاح، لم يسمح لأحد بالاعتراض على المستوى الأكاديمي، أو فتح جامعات إقليمية اعتماداً على هيئة تدريس جامعة القاهرة، حتى صفق الناس جميعاً عن إعلان الزعيم الخالد أن ابنته منى لم تدخل الجامعات المصرية لتدني مجموعها، وازداد التصفيق لما دخلت الجامعة الأمريكية.
تكافؤ فرص يا جدع!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.