سوزان قتلت، وآمال ماهر مفقودة.. جميلات ارتبطن برجال السلطة والأموال فلقين مصيراً مرعباً!

عدد القراءات
507
عربي بوست
تم النشر: 2022/06/28 الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/28 الساعة 14:18 بتوقيت غرينتش
سعاد حسني وسوزان تميم وآمال ماهر

هناك الكثير من الأشياء في هذا العالم التي من شأنها أن تكسر القلب أو تُدمِع العين. أشياء منها نعيها مبكراً ونكتشفها في سن صغيرة، واحد من تلك الأشياء التي كسرت قلبي وأنا طفلة ومراهقة حالمة كانت الأفلام والمشاهد التي تضطر فيها الفتاة إلى التضحية بنفسها والزواج من رجل ثري لا تحبه كي تنقذ مستقبل الأسرة.

بدءاً من مشهد موكب نقل الأميرتين الجميلتين في فيلم الرسوم المتحركة مولان لكي، يتم زفهما إلى زوجيهما في بلدة أخرى لأغراض سياسية، مروراً بدموع فاتن حمامة، التي ضعفت أمام حبها في نهاية المطاف وخانت زوجها، الذي اضطرت إلى الزواج منه في فيلم نهر الحب كي تنقذ أخاها، انتهاءً بالقصص التي اكتشفتها وأنا شابة ابنة العشرين، حيث لم تتوقف الحياة عن مفاجأتي أبداً بأنه يمكن للواقع أن يكون أكثر قسوة من القصص والأفلام. وأن الأزواج ذوي السلطة يمكن أن يكونوا أكثر شراسة مما كان عليه زكي رستم في فيلم "نهر الحب"!

لا أعرف مصير الفنانة آمال ماهر، ولا أحد يمكنه التأكيد على صحة سلامتها حتى هذه اللحظة بالرغم من البيان الذي أصدرته نقابة المهن الموسيقية، والتصريحات التي أدلت بها عائلة الفنانة عن أنها بخير وتعيش حياة هانئة مع أسرتها في الظل، لكني أعرف قصصاً أخرى لم تعش فيها زوجات ذوي السلطة حياة هانئة، وكان ذلك على مرمى بصر الجميع، حيث لم يكن يخجل أصحاب هذه الشراسة من أنفسهم.

سعاد حسني.. النهاية الواقعية للسندريلا

ظهر منذ مدة تريند ساخر يريد إفساد القصص الكرتونية على شباب اليوم، عبر سرد روايات أخرى لنهايات القصص الرومانسية، لا أعرف إن كانت هذه الروايات حقيقية أم لا، لكن ما أعرفه أنه حتى لو حاولوا نشر رواية بائسة جديدة لنهاية السندريلا فلن تكون أكثر بؤساً من رواية السندريلا المصرية سعاد حسني.

في مذكرات سعاد حسني ورد الآتي:

قالت سعاد إنها كانت تعشق المرح والحب، وفي نهاية العام 1964 طلب الضابط صفوت الشريف حضورها إلى مكتبه، وكانت أول مرة تقابله. في تلك الجلسة فوجئت به يطلب منها العمل معه للصالح العام. وعندما فسر وأوضح لها ما يريد غضبت وصفعته.

فما كان منه إلا أن شغّل فيلماً مصوراً لها مع صديقها، فانهارت سعاد، وبتهديدها بالقضاء على حياتها الفنية وسمعتها الشخصية أجبرها على العمل معه. كانت سعاد حينها يافعة، بلغت لتوها الـ20 عاماً.

تم تصوير ذاك الفيلم في عيادة الدكتور عبد الحميد الطويل، الذي كان زوجاً للفنانة مريم فخر الدين، حيث أُعدت العيادة لهذا الغرض بعد ساعات العمل الرسمية.

 كتبت سعاد تقول: "لم يكن هناك أحد من المحيط للخليج لا يريد جسد سعاد، الذي باعوه بالرخيص". وتروي كيف ثارت ثائرة صفوت الشريف عندما طلبت منه أن يعفيها من العمل، لأنها ستتزوج من عبد الحليم، فهددها مجدداً، مدعياً أن مستقبلها "مع السلطة"، حسب ما ذكرته جريدة "روزاليوسف" عن تفاصيل حياة السندريلا.

ثم ماتت سعاد ذات يومٍ، إثر سقوطها من شرفة شقة في الدور السادس.

ولم يكن يتوقف تهديد وتكدير صفوت لسعاد، حتى بعد أن سافرت واستقرت في لندن، وهناك حقائق مؤكدة أنه لم يكن خلف قتل سعاد فقط، بل عبد الحليم وغيره كذلك.

سوزان تميم

لا تغيب عن عقولنا في هذه القصص، الفنانة الجميلة سوزان تميم التي قتلت في الثلاثين من عمرها، ذبحاً بالسكين، على يد الضابط محسن السكري، بتحريض من رجل الأعمال المصري ​هشام طلعت مصطفى​، ومقابل مبلغ قيمته مليونا دولار أمريكي، حسب ما ورد في التحقيقات. 

وأكد بعدها زوج سوزان تميم الثاني، عادل معتوق، أن بعد كل ذلك حدثت خلافات مريرة بين هشام طلعت مصطفى وسوزان تميم، وتعرض كل منهما لأكثر من قضية أمام القضاء اللبناني. وطلب هشام الزواج منها، ولكنها رفضت طلبه. وبعد فترة هربت إلى دبي، وارتبطت بالملاكم العراقي رياض العزاوي، لحمايتها وعاشا معاً 18 شهراً. وفي ذلك الوقت ظل هشام مصراً على أن تعود سوزان إليه، ويُقال إنه عرض عليها 50 مليون دولار أمريكي لتعود إليه، وإلا سيدفع مليون دولار أمريكي لمن يقتلها، ولكنها رفضته مجدداً.

ظل هشام يبحث عن سوزان تميم لكي ينتقم منها، واعتبرها ناكرة للجميل، إضافة إلى أنها كانت امرأة جميلة، وصُعق من رفضها المتكرر له، فعرض مليوني دولار أمريكي على الضابط محسن السكري مقابل قتله لها.

وفي 28 يوليو/تموز عام 2008، وُجدت سوزان تميم مقتولة في بيتها في مارينا دبي، وأثبتت التحقيقات أن قاتلها هو ضابط أمن الدولة محسن السكري، الذي كان يعمل مدير أمن لدى هشام طلعت مصطفى، بعد استقالته من الشرطة، واعترف بقتلها مقابل مليوني دولار أمريكي بتحريض من هشام، وقد حكمت محكمة جنايات القاهرة بإعدام كل من هشام والسكري شنقاً في عام 2009، إلا أنهما طعنا ضد الحكم، ليخفف ويصبح المؤبد 25 عاماً للسكري، و15 عاماً لهشام، في فبراير/شباط عام 2012.

وفي يونيو/حزيران عام 2017، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً بالعفو عن 502 من المحبوسين، وشمل العفو هشام طلعت مصطفى "لسوء وضعه الصحي، وقضائه أكثر من ثلثي مدة حبسه".

وذلك حسب نص التحقيقات التي أوردتها مواقع رسمية.

حكاية الجارية

في عام 1985 نشرت الكاتبة مارغريت أتوود روايتها "حكاية الجارية"، والتي تناقش فيها ما يمكن أن يؤول إليه شكل الحياة في الغرب، إن تولى الحكم جماعة دينية متطرفة تشبه في تطرفها الجماعات الداعشية في الشرق. سنة 2017 تم تحويل الرواية إلى مسلسل تلفزيوني من قبل شركة الإنتاج المعروفة نتفليكس. كان ذلك حين اكتشفت أنا المسلسل وبدأت في مشاهدته. وكان ذلك أيضا حين تعرفت إلى سيرينا جوي لأول مرة في أول حلقة. والتي تلعب دورها الممثلة الأسترالية Yvonne Strahovski.

سيرينا جوي هي زوجة القائد فريد، أحد زعماء جلعاد، التي يمكن أن نعتبرها مشروع بناء المدينة المتدينة وأرض الفضائل، والذي لعب دوره الممثل الإنجليزي Joseph Fiennes. وخلال أحداث المسلسل نتابع تطور وماضي العلاقة بينهما كزوجين، ونتابع حياة سيرينا جوي، وهي زوجة لقائد وزعيم لجلعاد.

بدأت فكرة بناء جلعاد حين تناقصت أعداد المواليد في الغرب، حسب تصور الكاتبة، وأصبح الحصول على مولود على قيد الحياة ويتمتع بصحة جيدة أشبه بمعجزة. وكان تصورهم هو أن هذا من غضب الرب عليهم، لذا كانت جلعاد وكانت الثورة، وكانت سيرينا التي تشجع كل خطوات بناء جلعاد، والتي كتبت كتاباً يتحدث عن أهمية تفرغ الزوجة لتربية الأبناء والحفاظ على البيت وقوامه والتخلي عن دورها في أوساط العمل.

سيرينا التي نرى مع تطور الأحداث كيف أصبحت مهمشة، وكيف ندمت واشتاقت إلى حياتها الماضية حين تمت معاملتها كجماد، ومنعت من إبداء أي رأي ممكن في أي شأن من شؤون الدولة. وحين تم قطع إصبعها كعقاب على قراءتها من الإنجيل، ومطالبتها بتدريسه لأطفالهم، ومحاولة شرح معانيه لهم بعد أن تم تحريف معانيه وتشريع الزنا أمام ناظري الزوجات كطقس ديني لأجل الإنجاب وإعمار الأرض وتنفيذ أوامر الرب!

 نينيا سحابة بعطر المشمش.. وزوجة السفاح بيريا

في كتاب "نساء الكرملين" الذي كتبته لاريسا فاسيلفيا، وترجمه الدكتور أحمد الخميسي، نذهب في جولة إلى روسيا لنعرف عن مصير زوجات زعماء الكرملين. من بين القصص التي قرأتها كانت هذه واحدة من أكثر القصص تأثيراً بي، ربما لأنها تشبه إلى حد كبير قصة كرتونية، ومع ذلك فإنها القصة الوحيدة ضمن كل التصورات الحقيقية التي حكيتها، والتي حدثت بالفعل!

تحكي الكاتبة: يجمع كل من عرفوا نينا بيريرا زوجة لافرينتي بيريا، وزير داخلية ستالين في تلك السنوات، على أنها امرأة جيدة، وطيبة القلب للغاية، وأنها أيضاً أغلب الظن امرأة سيئة الحظ. ويتذكرها زملاؤها الذين عملوا معها في الأكاديمية الزراعية بالخير. وبكلمات كثيرة طيبة، فقد استقبل بيريا بعد رجاء منها معلمها الأكاديمي بريانيشنكوف، وبشكل من الأشكال خفف الحزب والحكومة بعد ذلك من ثقل الضربات التي وجّهوها لعلم الزراعة. ولم يكن بوسع نينا الطيبة أن تفعل الكثير لترفع عن كاهل الأكاديمية الضربات المتتالية، عملاً بالقاعدة المتبعة في الكرملين والخاصة بالزوجات: لا تتدخلي فيما لا يعنيك، خاصة إذا لم يطلب أحد منك ذلك.

هناك أكثر من رواية لكيفية وصول فتاة شقراء رقيقة كسحابة مثل نينا إلى الكرملين. تميل نينا إلى نفيها كلها، ونفي أنها وصلت إلى هناك، بعد أن ذهبت ذات مرة لتترجى الزعيم بيريا كي يفرج عن أخيها، فاستدرجها ليسمع منها كل أخبار القضية ثم اغتصبها.

تحكي نينا في لقاء خاص بعدما صارت سيدة طاعنة في السن: وتزوجتُ لافرينتي بيريا، دون أن أقول كلمة لأحد، ودون أن أستشير أحداً. وفور زواجنا راجت مختلف الشائعات، بدءاً من أن بيريا اختطفني انتهاء بقصة أنه اغتصبني ذات ليلة في عربة القطار، كلا لم يحدث شيء من كل ذلك، لقد تزوجته بمحض إرادتي وبكامل وعيي.

لكن المؤلفة ترجح أن الشائعات كانت حقيقية، خاصة أن هذا الزعيم كان سفاحاً ومغتصباً بالفعل، وأنه على إثر ذلك تم اعتقال نينا الرقيقة لمدة عام كامل في حبس انفرادي في زنزانة، حيث لا يمكن للمرء فيها أن يستلقي، أو أن ينعم بالراحة بسبب غضب الشعب من جرائم هذا السفاح بعد رحيله. وأن نينا تدافع فقط وتنكر هذه الشائعات، لأنها في النهاية كانت زوجة لهذا الرجل، لذا فإن الكاتبة تتساءل هل هي ضحية أم شريكة في الجريمة؟

ومن سخرية القدر أن تلك الزنزانة المرعبة التي قضت فيها نينا بيريا عاماً من العذاب كانت إحدى اختراعات البشرية التي طورها زوجها لافرينتي بيريا. لقد قضت نينا بيريا معظم حياتها في قفص: قفص فاخر في البداية، تتجول بداخله بين جنود، إذ لم يكن يُسمح لها بالحركة سوى بين نقطتي بداية ونهاية عبارة عن جنديين. ولم يكن يسمح لها سوى بلعب التنس مع الجنود، ويمنع عنها اللعب من الغرباء، وقفص مرعب في النهاية، وكان لديها ما يمكنها أن تتأمل فيه لأعوام مديدة، بكل ما لها من حكمة وذكاء فطريين: هل كانت ضحية لذلك العصر؟ أم شريكة في جرائمه؟

ربما لم تجبَر كل زوجات ذوي النفوذ على الزواج منهم، هناك البعض الذي اختار هذا بمحض إرادته، لكن في النهاية تظل هناك هذه الحقائق الصادمة عن الخطر الذي تتعرض له هذه النساء، الذي ربما لم يكن ليخطر على عقولهن أصلاً حين وافقن على الزيجات.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مي قاسم
كاتبة مصرية
وُلدت عام 2000 في مدينة طنطا، أدرس بكلية الهندسة-قسم الاتصالات، صدرت لي رواية «لبلأ.. حكاية لا يبليها التكرار»، وأكتب في مجالات السينما والأدب والتراث الفني.
تحميل المزيد