انتصر على الملاريا والسرطان واعتزل فجأة بسبب “نهاية العالم”!.. قصة أغرب حارس مرمى في التاريخ

عدد القراءات
2,871
عربي بوست
تم النشر: 2022/06/17 الساعة 10:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/17 الساعة 10:14 بتوقيت غرينتش
كارلوس روا ينقذ شباك الأرجنتين من هدف محقق في مباراة فريقه ضد هولندا بكأس العالم 1998/ رويترز

مقدمة لا بد منها

في سانتا في، وبطقوس الكنيسة السبتية، في عام 1969 وُلد، وهو الذي اكتسب قدراً كبيراً من براعته من الحياة التي نشأ بها، ومن الطبيعة الساحرة التي عاش فيها.

في عام 1988، في عمر التاسعة عشرة، وجد نفسه ضمن صفوف الفريق الأول لأحد أعرق الأندية الأرجنتينية على الإطلاق، نادي راسينج، وحقق نجاحات باهرة هناك، لأكثر من خمس سنوات كان روا هو الحصن المنيع الذي يقف على بوابة راسينج.

ثمة شيء خاطئ

على عكس ما يحدث في الكرة الحديثة، قرر نادي راسينج، في الفترة المذكورة، أن يُسافر إلى أدغال إفريقيا، تحديداً الكونغو؛ ليبدأ رحلته التأهيلية للموسم الجديد.

سافر روا رفقة الفريق، لكنه وجد الملاريا تستقبله وتودعه هناك، لكنه رفض رحيلها معه من حيث أتى، وتغلب عليها بالفعل، كارلوس تعافى مما لحق به، ولم يكن يدري أن الحياة لن تتوقف عن المفاجآت.

أحياناً تقرر الحياة لك الطريق

لقد عاد روا إلى الوطن بجسد سليم وعقل ناضج، وعلى الطاولة كان عرض لا يُرفض من أتلتيكو لانوس، روا لديه ما يقدمه هناك، وبعد أن تواجد في راسينج يمكنه الآن أن يذهب إلى لانوس.

المكان الذي تركه مارسيلو أوجيدا، كان ينتظر كارلوس روا، مارسيلو غادر صوب أوروبا، إنها الحياة التي يحلم بها الجميع، ولم يكن كارلوس يعرف أنه سيتخذ نفس المسار في السنوات القادمة.

لثلاثة مواسم متتالية وضع لانوس ترتيب فريقه في المركز الثالث في الدوري المحلي، وبلقب الكوبا كونيمبول، كان كارلوس روا قد أنجز مهمته وما هو أكثر منها، مقارنة بالإمكانيات التي يمتلكها لانوس.

أوروبا.. شر يقترب

مايوركا يراقب ويرى، ولم يفوت هذه الفرصة، لقد جلبوا كارلوس من الأرجنتين إلى إسبانيا ظناً منهم أن ما فعله يمكن أن يبدو في سماء أوروبا نجماً يلمع.

حدث ذلك في صيف 1997، خرج مايوركا من مقبرة الدرجة الأولى والآن يريد أسلحة يواجه بها العالم الذي عاش من دونه، وكارلوس روا كان أهم الأسلحة التي تعاقدوا معها.

في الجوار كان هيكتور كوبر، مدرب المنتخب المصري الأسبق، ومدرب كارلوس في لانوس، والذي لحق به أو معه –إذا أردنا الدقة- في مايوركا.

مايوركا يُنهي الموسم الأول له في الليغا في المركز الخامس، ويصل إلى نهائي الكأس ليصطدم ببرشلونة، الفريق الحاصل على لقب الليغا لم يسمح لحديثي الصعود بأن يتذوقوا لذة البطولات المحلية؛ وتُوِّج برشلونة بطلًا لكأس الملك على حسابهم.

في أعقاب ذلك، كان المنتخب الأرجنتيني يُراقب هو الآخر، وهذه المرة رأى الناس هناك أن كارلوس هو الأجدر بأن يُدافع عن بوابات بلاد الفضة من الخصوم.

كارلوس كان حارس المنتخب في مونديال 1998 بفرنسا، وكعادته، كان خير رهان لمن يُراهن عليه، ومن دون أن يستقبل أي هدف في دور المجموعات، صعد روا رفقة بلاده لملاقاة الأسود الثلاثة في ثُمن النهائي.

هناك استقبل هدفين في ست دقائق فقط، عن طريق آلان شيرر ومايكل أوين، لكن الحياة أرادت أن تمنحه شيئاً كان ينتظره حقاً.

آلت الأمور إلى ركلات الترجيح، وضحك روا، ضحك كثيراً، بعد أن تصدى لركلتين كانتا كفيلتين تماماً بإقصاء المنتخب الإنجليزي، محاطاً بزملائه يحتفلون به ومعه، أصبح روا بطلاً في المنتخب، كما كان في كل مكان.

إنها الحياة حينما تبتسم لك

ودَّعت الأرجنتين البطولة على يد هولندا، ولم يكن في يد روا أكثر مما قدم، وعاد إلى مايوركا بطلاً لم يُتوَّج، وخاض موسماً ناجحاً، أنهوه ثالثاً في الليغا خلف ريال مدريد وبرشلونة، ووصيفاً لكأس الكؤوس الأوروبية، في النهائي أمام لاتسيو في نفس الموسم.

ولم يكن كارلوس يعرف حقاً ما ينتظره، لقد فعل خلال الموسم أكثر مما كان يظن، لدرجة أنه تسلَّم جائزة الزامورا، والتي تُقدم لأقل حارس استقبالاً للأهداف في منافسات الليغا إلى يومنا هذا.

وبالمناسبة، هي المرة الوحيدة في تاريخ مايوركا التي حقق بها حارس مرمى جائزة الزامورا، وكان هذا الحارس بالتحديد هو كارلوس روا.

ولم تتوقف الدنيا عن خيرها على كارلوس، بل تم اختياره أفضل حارس في أوروبا، وهي الجائزة التي حققها أنخيلوا بيروزا وأوليفر كان، قبله، وبعده.

كان كارلوس روا هو أحد أفضل الحراس المتواجدين في أوروبا حقاً قبل الألفية الحديثة، رغم فقر الإمكانيات التي عانت منها الفرق التي مثلها.

والمشكلة كانت في الألفية الحديثة، المشكلة كلها تكمن في الألفية الحديثة…

كل من لا يؤمن بالله سيكون في ورطة كبيرة عما قريب!

حينما كان روا واقفاً يتسلم الجوائز، كان مانشستر يونايتد بدوره يقضي على بايرن ويسلبه حق التتويج في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1999.

وكان اليونايتد بحاجة إلى روا، لكن روا لم يكن بحاجة لليونايتد، ولا أموال اليونايتد، ورفض عرضهم، وحتى لم يكن بحاجة لكل ما جناه من جوائز.

"كارلوس روا يُعلن اعتزاله فجأة"

لقد قرر روا أن يترك الأموال والنجاحات والشهرة خلف ظهره، أدار لها ظهره ورحل للأبد، أو هكذا ظن.

نحن الآن نعيش في عام 2022، ولا نُدرك أن هناك من كان يخشى دخول الألفية الحديثة من القرن الماضي، وهي فئة كبيرة بالمناسبة، وكانت تظن أن الألفية الحديثة ستدمر البشرية، وأن الهلاك قادم لا محالة، وروا كان من بينها، بل إنه يمكن أن يكون زعيمها وقائدها.

بين عشية وضحاها اختفى روا عن الأنظار، وترك الهاتف وكل وسائل المراسلة والاتصال بعيداً عنه: "سأذهب إلى أسرتي، وأنتظر نهاية العالم، لا بد في هكذا توقيت أن تكون مستعداً، في عالم مليء بالحروب والخراب، الجوع، الفقر، الفيضانات والبراكين، يمكنني أن أؤكد لكم أن كل من لا يؤمن بوجود الله، وليس لديه اتصال قوي به، سيكون في ورطة كبيرة عما قريب.. حينما ينتهي العالم".

قال هذه الكلمات ورحل…

ربما كانت مجرد أوهام يا روا..

دخلت الألفية، ودخل معها التطور الرهيب في عقول البشر، وحينما كان كارلوس في معزله، ولم يحدث أي شيء، وكان راسينج ولانوس ومايوركا واليونايتد يلعبون كرة القدم؛ فهمَ أخيراً كارلوس أنه يؤمن بأوهام أفقدته كل ما يحلم به غيره.

ورجع عنها، لكنه لم يرجع عن طقوسه الدينية، وكنيسته السبتية، ولما وافق مايوركا على عودته، رفض كارلوس أن يعود كما كان، وقرر ألا يلعب في أي يوم سبت مع الفريق احتراماً لمعتقداته الدينية.

من هنا فقد أسهمه الكبيرة مع الفريق، ومن خلف الخط رأى ليو فرانكو، الأرجنتيني الآخر، يأخذ مكانه، ويحصد ثقة الفريق، ولم يعد كارلوس يعني لهم شيئاً، حينها كان لا بد من البحث عن وجهة جديدة.

وجهة جديدة.. وهذا أخطر

ألباسيتي هي الوجهة والهدف، من الدرجة الأولى مد يده روا لهم ليستنشقوا نسمات الليغا، ومعهم، في الموسم الثاني، أبعدهم بقدر الإمكان عن جحيم الهبوط بفارق ست نقاط فقط.

في هذا الوقت، ومن دون سابق إنذار، الرجل الذي لا يُدخن، النباتي، ولا يشرب الكحوليات؛ رغم خروجه من دولة تعتبر اللحم البقري والنبيذ مثل الماء في النظام الصحي، ولا يُعاني من أي مرض، أثبتت الفحوصات أنه يعاني من السرطان، تحديداً سرطان الخصية.

خاتمة لا غنى عنها

لم يكن خوف كارلوس روا من الألفية الحديثة خوفه وحده، لكنه كان أكثر الناس قلقاً بخصوص هذا الأمر، ولم يكن إيميليانو مارتينيز وحده من خرج من طبيعة غريبة جعلت الناس يرونه بصورة أغرب، بل سبقه بكثير وكثير كارلوس، نحن الآن في عام 2022، ربما لا أحد يتذكر من يكون كارلوس روا، مدرب حراس المرمى حالياً في فريق آيك أثينا اليوناني، الذي اكتشف متأخراً، أن كل ما يؤمن به هو مجرد أوهام، أوهام أفقدته كل ما كان يملك، وكل ما كان سيملك.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر إبراهيم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
تحميل المزيد