أقرّ الكنيست الإسرائيلي في الأول من شهر يونيو/حزيران 2022 مشروع قانون بالقراءة الأولى يحظر رفع العلم الفلسطيني؛ الذي يعتبر الرمز الأول لفلسطين الوطن والشعب الفلسطيني ووحدته وهويته الوطنية، والهدف من إصدار القانون هو محاولة اغتيال وإسقاط وتمزيق العلم الفلسطيني وتغييبه؛ خاصة في مدينة القدس؛ بغرض تهويدها وفرض الرواية الإسرائيلية الزائفة؛ عبر مسيرات الأعلام الصهيونية المتكررة بمسميات تلموذية، لكن الفلسطينيين أصروا أن يبقى علم فلسطين يرفرف عالياً وخفاقاً داخل كل بيت فلسطيني على امتداد الوطن التاريخي فلسطين، وفي المهاجر القريبة والبعيدة، للدلالة على التمسك بالهوية الوطنية وحق الشعب الفلسطيني في وطنه الوحيد فلسطين رغم شراسة المحتل ووحشيته وعنصريته وفاشيته المتفاقمة وانفلات مستوطنيه بحماية مباشرة من الشرطة والجيش الإسرائيليين.
عن العلم
علم فلسطين الحالي، حسبما تفيد موسوعة ويكيبيديا، هو علم استخدمه الفلسطينيون منذ النصف الأول من القرن العشرين، ويجسد طموح شعب مناضل ومكافح، ضحى واستشهد من أجله مئة ألف شهيد منذ عام 1948، كما اعتقل مليون فلسطيني منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من يناير/كانون الثاني 1965؛ ويرفرف العلم معلناً عن نفسه بسهم التضحيات الأحمر، وبخُضرة زيتون الوطن الفلسطيني المتجذر وسواده المُفضي إلى الحق والسيادة في وطن الآباء والأجداد، وبياضه الغامر الطاهر من روح المهد والأقصى والقيامة.
ويتكون علم فلسطين من ثلاثة خطوط أفقية متماثلة، من الأعلى للأسفل، أسود، وأبيض، وأخضر؛ وفوقها مثلث أحمر متساوي الساقين، قاعدته عند بداية العلم تمتد عمودياً؛ ورأس المثلث واقع على ثلث طول العلم أفقياً؛ وقد استخدم الفلسطينيون العلم في إشارة للحركة الوطنية الفلسطينية عام 1917؛ وأعاد الفلسطينيون تبني العلم في المؤتمر الفلسطيني في غزة عام 1948؛ وتم الاعتراف بالعلم من قِبل جامعة الدول العربية على أنه علم الشعب الفلسطيني، وكذلك أكدت منظمة التحرير على ذلك في المؤتمر الفلسطيني الأول في القدس عام 1964، وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1988، تبنت منظمة التحرير الفلسطينية العلم ليكون علم الدولة الفلسطينية الذي تمّ الإعلان عنه في مؤتمر المجلس الوطني بالجزائر.
ولأن العلم الفلسطيني هو الرمز الأول للشعب الفلسطيني؛ أقرت إسرائيل قانوناً بعد احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967؛ يحظر من خلاله علم فلسطين ويمنع إنتاج أعمال فنية تتكون من ألوانه الأربعة.
واللافت أنه خلال فترة الحكم البريطاني (ما بين 1920–1948)، كان العلم هو الراية التي تستعملها أساساً المؤسسات الحكومية؛ وانتهى استخدامه عندما انتهى عهد الانتداب البريطاني عشية نكبة فلسطين وإعلان قيام "إسرائيل" في مايو/أيار عام 1948؛ ولم يكن يعترف الفلسطينيون بالعلم، وكان يرفع فوق المؤسسات الحكومية التابعة لحكومة الانتداب البريطاني فقط. لكنه أصبح في نهاية المطاف الرمز الأول للشعب الفلسطيني ووحدته الوطنية بكافة أماكن تواجده؛ رغم تعدد رايات الفصائل والقوى والأحزاب الفلسطينية.
هلع إسرائيلي
ينتاب إسرائيل وقادتها ومستوطنوها الهلع من رؤية علم فلسطين مرفرفاً في جنبات فلسطين التاريخية وفي أماكن تواجد الشعب الفلسطيني المختلفة؛ نظراً لكونه الرمز والدلالة على حق الشعب الفلسطيني في وطنه والحفاظ على هويته، ولهذا كانت محاولات الشرطة والجيش الإسرائيلي البائسة لإسقاطه خلال المواجهات بالأقصى، أو أي فعاليات بالقدس، وهو ما حدث أيضاً خلال جنازة الشهيدة الإعلامية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، وقبل ذلك خلال هبة الأقصى الرمضانية خلال شهر مايو/أيار عام 2021.
وقد انتاب الهلع والذعر جموع المستوطنين وجنود الاحتلال الإسرائيلي الذين احتشدوا لحمايتهم في القدس المحتلة، يوم الأحد 29 مايو/أيار المنصرم، وهم يشاهدون طائرة مسيّرة تحمل العَلم الفلسطيني، في سماء باب العامود بالقدس المحتلة؛ تزامناً مع وصول دفعات المستوطنين المتطرفين إلى المنطقة، للمشاركة فيما يسمى بـ"مسيرة الأعلام"، والتي جاء الرد الفلسطيني عليها بمسيرة للأعلام الفلسطينية في شارع صلاح الدين بالقدس المحتلة، وسارعت قوات الاحتلال إلى قمع عشرات الفلسطينيين المشاركين فيها، كما انطلقت مسيرات مشابهة في قطاع غزة وكل المدن في الضفة الغربية وفي الداخل الفلسطيني.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن العلم الفلسطيني رفع في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2015؛ ؛ تبعاً للقرار الصادر عنها في 11 سبتمبر/أيلول من العام المذكور؛ بموافقة 119 دولة وامتناع عن التصويت من قبل 45 دولة؛ ومعارضة القرار من قبل 8 دول على رأسها بالطبع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وكندا.
ومع ارتفاع وتيرة الهلع الإسرائيلي من رفع العلم الفلسطيني بكونه الرمز الأول للشعب الفلسطيني؛ مرر الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يحظر رفع العلم الفلسطيني داخل الجامعات والمؤسسات التي تمول من قبل دولة الاحتلال؛ وقد قدم القانون عضو الكنيست إيلي كوهين من حزب الليكود المعارض؛ لكن العلم الفلسطيني الذي بقي يرفرف طوال سنوات الصراع مع المحتل الصهيوني سيبقى شامخاً بإرادة الشعب الفلسطيني حتى دحر الاحتلال.
ويبقى القول إنه مع استمرار كفاح الشعب الفلسطيني وتمسكه برمزه الأول، ليبقى خفاقاً في مواجهة المحتل الإسرائيلي؛ يمكن تأكيد حدس وحس الشاعر الراحل الحاضر دائماً فينا محمود درويش، الذي قال: "نحن الباقون وهم العابرون… هذه الأرض لا تتسع لهويتين؛ إما نحن أو نحن".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.