ضربة معلم.. هذا أقل ما يمكن أن يوصف به القرار الذي اتخذه المهاجم الفرنسي كيليان مبابي بتمديد عقده مع نادي باريس سان جيرمان حتى العام 2025.
فقبل أيام قليلة من توقيع العقد الجديد كان أشد مشجعي الفريق الباريسي تفاؤلاً قد فقد الأمل في استمرار كيليان مبابي مع الفريق بعد انقضاء عقده بنهاية الموسم الرياضي الجاري؛ ليصبح حراً من أي التزام قانوني، وحراً في التفاوض لتحديد مستقبله مع أي نادٍ دون العودة لإدارة باريس سان جيرمان.
ومما زاد من حدة ودرجة اليأس لدى محبي وعشاق باريس سان جيرمان رحلة السفر التي قام بها كيليان مبابي لإسبانيا وزيارته متحف نادي ريال مدريد أمام عدسات الإعلام والصحافة.
وبعد الإعلان رسمياً عن بقاء مبابي مع باريس سان جيرمان، تأكد لجميع محبيه أن النادي في أيدٍ أمينة ممثلة في إدارته القطرية، وعلى رأسها الرئيس ناصر الخليفي.
وبعيداً عما كان ينشر في مختلف وسائل الإعلام عن قرب انتقال كيليان مبابي إلى ريال مدريد وبالمجان، وهو الذي تفوق قيمته التسويقية الـ150 مليون يورو فضَّل مسؤولي النادي الباريسي الطبخ على نار قطرية هادئة.
لماذا اختار كيليان مبابي البقاء؟
نجح القطريون مُلاك النادي الباريسي في إقناع مبابي بالبقاء مع الفريق لثلاثة مواسم أخرى وإقناعه بعدم الانتقال إلى أي نادٍ آخر بما فيها ريال مدريد الذي كان يحلم بارتداء ألوانه والدفاع عن رايته.
والحقيقة أن عملية الإقناع لم يكن سلاحها الأساسي هو الراتب السنوي الضخم مثلما تحاول الكثير من وسائل الإعلام تصوير الأمر؛ لأن كيليان مبابي يتقاضى راتباً سنوياً ضخماً منذ انضمامه للنادي في الانتقالات الصيفية للعام 2017 شأنه شأن نجوم الفريق؛ لأنه يستحق أن يحصل على ذلك نظير ما قدمه له؛ ليعزز من فرصه في التنافس على الألقاب والبطولات المحلية والقارية، ولأن ريال مدريد نفسه قدم عرضاً مادياً لا يختلف كثيراً عن عرض باريس سان جيرمان.
الإدارة القطرية لبطل الدوري الفرنسي أقنعت مبابي بالمشروع الرياضي للنادي الذي يستهدف استمراره في التألق والصعود نحو القمة؛ ليكون ضمن نخبة الأندية في أوروبا والعالم في غضون الأعوام القليلة المقبلة.
وسيكون لمبابي مثل بقية زملائه في الفريق دور محوري في إنجاز وتحقيق هذا المشروع والذي سيساعد كثيراً كيليان مبابي على تحقيق آماله وطموحاته الفردية، ممثلة في التتويج بجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم.
نجحت إدارة الرئيس ناصر الخليفي في إقناع مبابي بأن طموحاته وأحلامه يمكن تحقيقها بألوان باريس سان جيرمان، بعدما بلغ مرحلة النضج التي سيعقبها بالتأكيد مرحلة قطف الثمار.
بقاء كيليان مبابي مع باريس سان جيرمان سيضمن له الاستمرار في التألق مستفيداً من الظروف المريحة التي تمكَّن الملاك القطريون من توفيرها للفريق، بينما انتقاله إلى ريال مدريد سيكون مغامرة قد تعصف بآماله مثلما حدث مع الكثير من النجوم الذين أصروا على الانضمام إليه؛ ليجدوا أنفسهم في ظروف يرثى له آخرهم البلجيكي إيدين هازارد.
ولم يكن لكيليان مبابي أن يقتنع بالمشروع الرياضي الذي سطره القطريون في باريس سان جيرمان، لولا وجود ضمانات تتعلق بتعزيز صفوف الفريق وسد الثغرات التي ظهرت عليه في الموسم المنصرم وحرمته من مواصلة مغامرته القارية رغم انطلاقته القوية بسقوطه أمام ريال مدريد.
وكشف التمديد لمبابي الكفاءة الإدارية العالية التي يمتلكها المسؤولون القطريون ملاك النادي الباريسي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على ركائز النادي.
ولم يكن ممكناً أن يدفع باريس سان جيرمان 180 مليون يورو للتعاقد مع مبابي، ويرفض عرضاً مالياً بنفس القيمة تقريباً صيف العام 2021 من قبل الميرنغي ثم يرحل اللاعب بالمجان بعدها بستة أشهر.
وبعيداً عن أسرار المفاوضات التي تمت بين إدارة باريس سان جيرمان وكيليان مبابي والتي انتهت بتمديد عقد إقامته في حديقة الأمراء، فإن ما يمكن استنتاجه هو أن الإدارة القطرية فضلت التعامل باحترافية مع القضية واحترام قراره الأخير بالبقاء أو الرحيل، غير أنها وضعت أمامه كل المعطيات المادية والفنية التي جعلته يقتنع بأن التمديد هو القرار الأنسب له وللنادي، خاصة أن رحيله كان سيحرمه من خمس سنوات خبرة امتلكها بتواجده مع باريس سان جيرمان.
نجح الخليفي في إبقاء مبابي، بينما فشل كثير من الأندية الأوروبية الكبيرة في إقناع نجومها الكبار بالبقاء بعد انقضاء عقودهم معها، آخرهم ليونيل ميسي مع برشلونة الذي نجح باريس سان جيرمان بفضل دهاء مديريه في التوقيع معه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.