بين العمليات الفردية ودعم المقاومة.. هل بِتنا على جبهة فلسطينية موحدة ضد إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/11 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/11 الساعة 13:45 بتوقيت غرينتش
دعوات إسرائيلية لاغتيال يحيى السنوار/ GettyImages

لم تفهم قيادات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة عقلية الفلسطيني، وأنها تواجه جيلاً جديداً لا يخشى غطرسة جنود الاحتلال والمستوطنين، ولم تتطور حكومة الاحتلال وتواكب تطورات المقاومة الفلسطينية، وما زالت تتبع نفس الأساليب المستهلكة التي لم تعد تسمن أو تغني من جوع، فالعمليات الفردية النوعية أصبحت ثقافة فلسطينية تضرب بقوة في عمق الاحتلال، وهي في تزايُد حتى الوصول إلى حرب التحرير الكبرى، لأن لغة القوة فقط هي اللغة الوحيدة التي تؤثر في المحتل وأذرعه.

منذ عشرات السنوات وإلى اليوم تقوم العصابات الصهيونية التي تحتل فلسطين، تحت مسمى "دولة إسرائيل"، بدون حسيب ولا رقيب، وبرعاية ودعم من معظم دول العالم الغربي، بممارسة كافة أنواع الجرائم والعقاب الفردي والجماعي تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل، وآخرها خلال شهر رمضان، من قيام عصابات المستوطنين وجنود الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى، والاعتداء على المرابطين الفلسطينيين أصحاب الحق في المسجد الأقصى.

عندما يقوم الفلسطينيون بعمليات نوعية كردات فعل طبيعية على اعتداءات الاحتلال، كالتي حصلت في الأقصى مؤخراً، يتباكى الإسرائيليون وقياداتهم ويقيمون الدنيا إعلامياً لكسب التعاطف لصالحهم، هكذا هو العالم المنحاز الذي ينتصر للباطل، لكنه لم يعد يؤثر في قرارات الشعب الفلسطيني ومقاومته، التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الدخول في حرب التحرير، أو كما وصفها قائد القسام يحيى السنوار "حرباً إقليمية"، لن يستطيع أحد إيقافها.

واقعية حديث القائد السنوار لها ما يبررها، فبالإضافة للعقيدة الدينية بحتمية نصر الله تعالى ورفع الظلم عن المستضعفين الفلسطينيين، تطورت المقاومة عما مضى، وتجهزت عسكرياً، وأيضاً أصبح خطاب المقاومة الإعلامي قريباً من وجدان الشعب الفلسطيني وأحرار العالم، خصوصاً مع الفشل الذريع لمخرجات ما تم تسميتها بعملية السلام، والتي اتضح لاحقاً أنها جاءت لحماية الكيان الإسرائيلي.

من ناحية أخرى فالعمليات التي ضربت عمق الاحتلال في الفترة الأخيرة كانت معززة لقوة المقاومة، وأعطت للمقاومة عمقاً داخلياً في المناطق المحتلة، من خلال عمليات مساندة شتّتت فكر الاحتلال وأجهزته الأمنية، وخصوصاً الاستخباراتية منها، التي كشفتها تلك العمليات، رغم بساطتها من حيث التخطيط والأدوات فإنها كانت مباغتة من حيث سرعة التنفيذ قبل تسريب أي معلومة بشأنها.

ثم إن إعلان المقاومة الفلسطينية أن هنالك جاهزية لإطلاق 1111 صاروخاً في أول رشقة في الحرب القادمة، أصاب العديد من الأهداف العميقة داخل الاحتلال، وفي الوقت نفسه رفع الحالة المعنوية للفلسطينيين، وكذلك أحدث ارتباكاً داخلياً في عمق الكيان الصهيوني وفشله في السيطرة على نمو قوة المقاومة.

ومن ناحية أخرى، أحسن القائد السنوار كثيراً في خطابه عندما تحدّث عن القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات بكلمات تنبض بروح الأخوة الصادقة ووحدة المصير بين أبناء الشعب الفلسطيني، حيث ربط الرقم 1111 بتاريخ استشهاد أبو عمار، الموافق 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، وكذلك حديثه عن القيمة الكبيرة التي تشكلها كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، وفي ذلك الحديث اختصار لكل الجلسات التي تعمل على توحيد الصف الفلسطيني.

وفي مرحلة الحرب الإقليمية التي بدأت تتكشف بوادر حقيقتها من خلال خطاب السنوار، والمستجدات على الأرض، وآخرها اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة خلال تأدية عملها، لن تكون هناك مساحة لمنطقة رمادية، لا بد من الوضوح في تلك المرحلة التي لن تتّسع إلا للون واحد، نحنُ كلنا فيه، "حياتنا فداء لفلسطين"، هوية واحدة، نقاتل عدواً محتلاً لأرضنا، ونحنُ يُقصد بها الفلسطينيون وأحرار العالم، الداعمون لحقوق الفلسطينيين.

وإن انحراف عقلية قيادات الاحتلال الإسرائيلي، وعدم التركيز، والتهور، هي الأساس الذي سيُشعل أي معركة، والسبب في أي تطور قتالي متوقع في الفترة المقبلة، فقد بدأ تصاعُد الأحداث مؤخراً بسبب اعتداء جنود الاحتلال على المرابطين الفلسطينيين في الأقصى، وهي خطوات مدروسة ولها أهداف، ولذلك فإن العمليات التي حدثت تعتبر من حيث المبدأ ردة فعل طبيعية، وحقاً شرعياً للشعب الفلسطيني لمواجهة غطرسة الاحتلال وتجاوزات جنوده ومستوطنيه.

أما تهديد الاحتلال باغتيال القيادات الفلسطينية فهو فكر منحرف، يسيطر على عقلية قيادات الاحتلال غير المواكبة لتطور عقلية وآليات وقدرات الفلسطيني بشكل عام، والمقاومة بشكل خاص، فقد استخدمت هذا الأسلوب سابقاً ولم ينجح بإنهاء المقاومة الفلسطينية، بل أسهم في ظهور جيل جديد من القيادات الفلسطينية، وكذلك جيل التحرير الفلسطيني الذي يضرب الاحتلال أسبوعياً تقريباً في عمقه، ويُعجزه عن توقع العملية القادمة.

ولكن التهديد باغتيال القائد يحيى السنوار قد لا يكون محسوباً هذه المرة من الاحتلال، فالمقاومة الفلسطينية أصبحت خارج إطار التوقعات، والمنطقة على صفيح ساخن، تنتظر شرارة البدء، فهل تجرؤ قيادات الكيان على هذه المغامرة غير المحسوبة، التي قد لا يستطيع إيقافها الوسطاء كما جرت العادة؟

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي أبو صعيليك
كاتب أردني
كاتب أردني
تحميل المزيد