هدوء تام تشهده السّاحة الدولية بعد هجوم الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى، أثناء تأدية المسلمين صلاةَ التراويح في شهر رمضان الفضيل، بالموازاة مع حركة نشطة للمجتمع الدولي في جبهات أخرى، ولكن لماذا؟ هل أصبحت القضية الفلسطينية مجرد ملف عادي على طاولة الأجهزة الدولية الرسمية؟ أم أن هنالك أجندات وأولويات لأزمات عالمية أخرى؟
إنّ الإجابة عن هذه التساؤلات تحيلنا إلى مبدأ الذكرى التي تنفع للمطالبة بالحقوق والحريات العامة، من خلال الانطلاق من مصطلح القاعدة القانونية الدولية، ومدى تطبيق النصوص والمواثيق الدولية على كل القضايا المطروحة، سواء تعلق الأمر بالأبناء والشركاء المدلّلين، أو اليتامى والضعفاء المساكين، الذين لا حول ولا قوّة لهم إلّا برب العالمين أوّلاً، ثم أعضاء المجتمع الدولي المنادين بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها ثانياً، فلو رجعنا مثلاً إلى بنود ميثاق الأمم المتحدة، الصادر في 24 أكتوبر/تشرين الأول من سنة 1945، لوجدنا أن كبرى الدول قد صادقت وتعهدت على العمل بمضمونه، لاسيما فيما يتعلّق بالديباجة التي أفرزت تحمّل مسؤوليّات كبيرة في سبيل إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، مع التأكيد على الإيمان بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد، وهي بذلك التزامات تقع على عاتق المبادرين بها، ما دامت تدرس جميع الأزمات الدولية وتفصل في حيثياتها.
وحتى لا تُنسينا الأيام ماذا فعل الاحتلال خلال شهر رمضان بالأشقّاء في بيت الله، فإنّه فور انتهاء صلاة الجمعة، فجر 14 رمضان 1443 هجرياً، الموافق 15 أبريل/نيسان 2022، باغتت قوات إسرائيلية المصلين في المبنى القبلي المسقوف من المسجد الأقصى بوابل من الرّصاص والقنابل الغازية والصوتية، الأمر الذي أدّى إلى إصابة ما لا يقلُّ عن 150 فلسطينياً، حيث حصل هذا الاقتحام في أعقاب إعلان عدة منظمات دينية يهودية متطرّفة عن نيتها إقامةَ شعائر دينية في باحة المسجد الأقصى بمناسبة عيد الفصح اليهودي، وهنا نعود مجدّداً إلى مقاصد الأمم المتحدة الواردة في البند الأول من الميثاق، المتعلّق بحفظ السلم والأمن الدولي، الذي تتخذ بشأنه الهيئة كل التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدّد السّلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسّلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدّولي، لحلّ المنازعات الدولية، لكن هل يتم تطبيق هذا الأمر على أرض الواقع؟
كلّ أشكال التّمادي والتصرفات العدوانية التي مارسها الاحتلال الإسرائيلي طيلة ما يزيد عن سبعة عقود، تؤدي إلى نتيجة واحدة، وهي أنّه لا يعير أي اهتمام لقواعد القانون الدولي، سواء تعلق الأمر بالمصالح الغربية المشتركة أو الرعاية الدائمة لهذا الكيان، الذي كان في وقت سابق مجرّد جماعات متفرّقة عبر دول العالم، وأصبح في الوقت الحالي ينادي بالأحقية القانونية والشرعية الدولية بأرض المقدس، وذلك على النقيض من مواقفه الأخيرة من القضية الروسية- الأوكرانية، باعتبار أوكرانيا شريكاً اقتصادياً مهماً في قطاعي الزراعة والتكنولوجيا، وموطناً لعشرات الآلاف من اليهود، وكلا البلدين عضو في المجال الاجتماعي والسياسي الغربي. فهو يرفض الهجوم الروسي بينما لا يرى مشكلة في احتلاله فلسطين منذ ما يقارب الثمانين عاماً.
كل هذه الحقائق والوقائع التي لا يمكن إخفاؤها أو التستر عليها يمكن اعتبارها رسالة إعلامية تنضوي ضمن نداء وتذكير لأعلى جهاز دولي يعمل على إرساء السلم والأمن الدوليين، في الأزمات والقضايا العادلة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.