فرضته في الحرم الإبراهيمي منذ ربع قرن.. ما هو “التقسيم المكاني والزماني” الذي تريده إسرائيل بالمسجد الأقصى، وما خطورته؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/02 الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/02 الساعة 15:38 بتوقيت غرينتش
مستوطنون يهود في الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال/ getty images

مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية المتسارعة على المسجد الأقصى، التي كان من أخطر فصولها اقتحام مئات المستوطنين خلال شهر رمضان المبارك باحات المسجد الأقصى، بحراسة مشددة لشرطة الاحتلال، استجابةً لدعوات الجماعات الصهيونية لتكثيف الاقتحامات الجماعية وإقامة صلوات تلمودية في زمان ومكان محددين في جنبات الأقصى، يتكرر في وسائل الإعلام المختلفة مصطلح التقسيم الزماني والمكاني للأقصى. ويسعى الاحتلال بشكل لافت إلى تصعيد عدوانه على القدس عامة، وإقامة صلوات تلمودية في زمن ومكان محددين في المسجد الأقصى؛ بغرض ترسيخ وتنفيذ مخطط التقسيم التهويدي في نهاية المطاف.

لماذا تريده إسرائيل؟

تهدف دولة الاحتلال من وراء هذا التصعيد إلى تحقيق هدف مرحلي، هو تكثيف الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى، وإقامة صلوات مع هذه الاقتحامات في أمكنة وأزمنة محددة؛ حتى يبنى على ذلك في المستقبل حقُّ المطالبة الباطلة بتقسيم باطل للأقصى، كما فُرض مثل هذا التقسيم الباطل على المسجد الإبراهيمي في الخليل في السابق.

واللافت أن إسرائيل لم تتوقف عند هذا الهدف المرحلي؛ إذ إن أغلب التصريحات والممارسات الصادرة عن قادة إسرائيليين، وكذلك جماعات يهودية استيطانية، تؤكد أن الاحتلال يطمع في نهاية الأمر ببناء هيكل أسطوري زائف على حساب الأقصى.

ويمكن الجزم بأن الدعوات لتقسيم المسجد الأقصى ليست حديثة العهد، لكنها بدأت منذ احتلال الجزء الشرقي من مدينة القدس في حزيران/يونيو من عام 1967، وأن الذين صرحوا منذ ذاك العام ودعوا إلى تقسيم الأقصى، أو إلى بناء هيكل باطل على حساب الأقصى؛ كانوا عبارة عن قيادات سياسية عسكرية أو قيادات دينية أو حقوقية في المجتمع الإسرائيلي. وثمة مشاركة واسعة في اقتحام باحات الأقصى، مؤخراً، من قِبَل قادة سياسيين وقضاة وأعضاء كنيست وآخرين من أجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة، جنباً إلى جنب مع المستوطنين المتطرفين، وبحماية رسمية من شرطة وجيش الاحتلال الإسرائيليين.

والثابت أن إسرائيل قد بدأت في تسريع مخططاتها، لجهة تهويد القدس، والوصول إلى مرحلة تمكنها من بناء الهيكل المزعوم على حساب الأقصى المبارك، فضلاً عن محاولة بسط السيطرة الإسرائيلية المطلقة على المسجد، وفرض مخطط تقسيمه زمانياً ومكانياً.

اقتحامات مستمرة

يمكن الجزم بأن هذه الاقتحامات لم تتوقف منذ عام 67، ومن أهم تلك الاقتحامات اقتحام مجموعة من حركة بيتار مؤلفة من 12 شاباً المسجد الأقصى في 11 يوليو/تموز 1971، وقد حاولوا الصلاة فيه، وفي 22 من الشهر نفسه أقامت مجموعة أخرى من الحركة الصلاةَ في الحرم القدسي. وكان الاقتحام الأخطر لباحات الأقصى يوم 28 سبتمبر/أيلول 2000 لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، بحماية عشرات من الجنود والمستوطنين، لتندلع إثر ذلك انتفاضة الأقصى التي استشهد وجرح فيها آلاف الفلسطينيين.

ويبدو أن عام 2009 كان عاماً قياسياً للاقتحامات الإسرائيلية لباحات الأقصى المبارك، ففي 24 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، اقتحمت عناصر من الوحدة المسماة "خبراء المتفجرات" في شرطة الاحتلال المسجد الأقصى وقامت بجولة داخل باحاته. وفي السابع والعشرين من الشهر نفسه اندلعت مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية وجماعات صهيونية داخل الحرم القدسي الشريف وعند بواباته، أسفرت عن إصابة 16 فلسطينياً واعتقال آخرين.

ولم تتوقف الاقتحامات لباحات الأقصى خلال السنوات الأخيرة، لكن الاقتحام الأخطر كان خلال شهر رمضان في أيار/مايو من العام المنصرم 2021، وكذلك خلال شهر رمضان في نيسان/أبريل من العام الحالي 2022؛ حيث تحمل تلك الاقتحامات في طياتها مؤشرات ودلالات عن نية إسرائيل استغلال انحياز الغرب وخاصة أمريكا لمواقفها وتصوراتها، فضلاً عن تحولات المشهد العربي وانشغال الإعلام العربي بها، للإطباق على مدينة القدس وتهويد كافة مناحي الحياة فيها.

والمؤكد أن اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه من قِبَل المستوطنين اليهود يعكس بالتأكيد قرارات اتخذتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بغية السيطرة على المسجد وفرض السيادة اليهودية المطلقة عليه؛ حيث لم تعد فكرة التقسيم الزماني والمكاني مجرد شعار مرفوع، بل باتت أمراً واقعاً، ومقدمة لتهويد مدينة القدس، وفي المقدمة منها المسجد الأقصى المبارك.

وتتطلب الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة لباحات الأقصى الضغطَ عربياً وإسلامياً لإصدار قرار دولي من مجلس الأمن، مُلزم لإسرائيل لمنع التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك، وإدانة كافة الإجراءات الإسرائيلية التي من شأنها تغيير طابع مدينة القدس والمسجد الأقصى على وجه الخصوص.

إضافة إلى ذلك يمكن إعطاء بُعد عربي وإسلامي لقضية القدس وما يتعرض له الأقصى المبارك، من خلال دعم المقدسيين على كافة الأصعدة، والإسراع في مطالبة الأمم المتحدة بتطبيق قراراتها المتعلقة بمدينة القدس والمسجد الأقصى وكافة المقدسات، والصادرة منذ عام 1967، والتي تدعو بمجملها إلى وقف الاستيطان وتفكيك المعالم الاستعمارية، وبطلان التغيرات القسرية التي فرضتها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نبيل السهلي
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
تحميل المزيد