نظام الوقف من النظم الاجتماعية ذات الأبعاد المتنوعة التي عرفتها مجتمعاتنا العربية والإسلامية ومارستها بانتظام منذ فجر الإسلام إلى العصر الحديث، وقد أسهم هذا النظام كثيراً بدور فعال في بناء صرح الحضارة الإسلامية والمحافظة عليها على مر العصور.
ولعل أبرز من كتب عن الوقف وعلاقته بالسياسة في مصر هو الدكتور إبراهيم البيومي غانم في كتابه "الأوقاف والسياسة في مصر"، حيث تحدث عن بنائه المؤسسي وتطبيقه الاجتماعي وأثره السياسي وتأثره هو بالسياسة وذلك من منظور "العلاقة بين المجتمع والدولة"، فيقول المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب إن "عملية التكوين الاقتصادي للأوقاف قد اتسمت بالتراكم المستمر إلى ما قبل عام 1952، وذلك إما نتيجة لإضافة أوقاف جديدة أو نتيجة لشراء أعيان من الأراضي والعقارات بأموال البدل أو من فائض ريع الأوقاف الأصلية وإلحاق تلك الأعيان بها.
أما بعد سنة 1952 فقد تضاءل الأثر التراكمي في عملية التكوين الاقتصادي للأوقاف، وخاصة بعد حل الوقف الأهلي ومنع إنشاء المزيد منه وصدور قوانين أخرى تتيح لوزارة الأوقاف المصرية حرية التصرف في أموال البدل وفي فوائض ريع الأوقاف الخيرية".
فقد حققت الأوقاف الإسلامية الاكتفاء الذاتي للشعوب، فلم يبقَ غرض من أغراض الحياة إلا وقف المسلمون الأوائل والمتقدمون عليه فعفوا بذلك فقيرهم، وحصنوا أيمهم، وسدوا خلة محتاجهم، وأطعموا جائعهم وكسوا عاريهم، وداووا مريضهم، وقاموا بذلك حق قيام حتى صار يُشار بالبنان إلى الأوقاف في الحضارة الإسلامية بأنها النموذج الأمثل للعمل الخيري، ومن الملاحظ عبر تاريخ أن المجتمع والنظام الحاكم متى ما اهتم بالوقف واعتنى به حلت جميع مشاكله الاقتصادية الاجتماعية، ومتى تخلت عنه أو أهملته أو اعتدت عليه وصغرت وهانت.
لأجل ذلك لا عجب أن نرى ذلك الإقبال الكبير من أفراد المجتمع المسلم حكاماً ومحكومين على الوقف وحبس جزء كبير من أمالكهم لأعمال الخير، وقدوتهم في ذلك نبيهم محمد (عليه الصلاة والسلام)، والصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابعي التابعين، ومن بعدهم من المسلمين.
ولعل خير مثال يذكر في ذلك، القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، فلقد أنفق أمواله كلها على جهات البر الاجتماعية وملأ مصر بالأوقاف الخيرية من مساجد ومدارس، ومستشفيات وأربطة، وغيرها، دون أن يسجل على واحدة منها اسمه.
وقد كانت الأوقاف تمر بفترات من المد والجزر، وفق الظروف السياسية والاقتصادية لكل عصر من عصور الدولة المصرية، ولعل مما ساعد على التوسع فيها بشكل عام سهولة تنفيذها، فالوقف التزام من جانب واحد فلا يحتاج فيه إلى قبول إذا كان الموقوف عليه جهة من الجهات الخيرية، وهذا اليسر في الوقف من العقود التي تبرم بإرادة منفردة دون أن يشترط لصحته وجود إرادتين.
نشأة هيئة الأوقاف المصرية
يرجع تاريخ إنشاء هيئة الأوقاف إلى عام 1835م عندما أصدر محمد علي باشا أمراً بإنشاء "ديوان عمومي للأوقاف"، وتحددت اختصاصات ذلك الديوان بموجب لائحة رسمية صدرت عام 1836م، وذلك تحت عنوان "لائحة ترتيب عملية الأوقاف بالثغور والبنادر"، ثم أمر محمد علي بإلغاء هذا الديوان عام 1837م.
وفي عام 1851م أمر عباس باشا الأول بإعادة ديوان عموم الأوقاف وأصدر أمراً آخر لتنظيم عمل الديوان، واستمرت تلك اللائحة سارية حتى عام 1895 م وفي عام 1913م تم تحويل الديوان إلى نظارة (وزارة) وفي عام 1953م صدر القانون رقم 247 لسنة 1935 الذي قضى بنقل الإشراف على المساجد الموقوف عليها وقفاً خيرياً إلى وزارة الأوقاف، ثم صدر القانون رقم 157 لسنة 1960م، الذي قضى بضم جميع المساجد الأهلية للوزارة.
الأزهر الشريف يفشل في التصدي لاستنزاف أموال الأوقاف المصرية
في 28 مارس 2018 رفضت هيئة كبار العلماء بالأزهر السماح لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي بالسيطرة على أموال الوقف الخيري، وجاء ذلك رداً على تعديل تشريعي تقدمت به الحكومة للبرلمان بناءً على تكليفات من السيسي بضرورة الاستفادة من أموال الوقف في المشروعات العامة للدولة، حيث تعارض القانون مع قرار سابق لهيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، رفضت فيه السماح باستغلال الدولة أموال الوقف حيث أصدرت بياناً قالت فيه: "لا يجوز شرعاً تغيير شرط الواقف، فشرط الواقف كنص الشارع، وعلى ذلك اتفقت كلمة الفقهاء قديماً وحديثاً، ومن ثم لا يجوز بأي ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه، وبناءً على ذلك لا يوافق مجمع البحوث الإسلامية على مشروع النص المقترح على خلاف هذه القواعد الشرعية المتفق عليها".
لقد سبق للحكومات السابقة مثل حكومة عاطف عبيد وأحمد نظيف في عهد حسني مبارك السيطرة على أموال الأوقاف المصرية، إلا أن المعارضة التي كانت موجودة في البرلمان حينها ورفض الأزهر المتكرر منع تلك السيطرة.
لكن النظام الحالي يضرب بكل الثوابت عرض الحائط أحياناً بإصدار القرارات الفوقية التي تتعارض مع الدستور والقانون، وأحياناً أخرى بالتحايل حينما يجد مواجهة من قبل إحدى المؤسسات، وهذا ما حدث حينما واجه معارضة من قبل مؤسسة الأزهر الشريف، لمحاولة السيطرة على أموال الأوقاف المصرية فأنشأ بديلاً لهيئة الأوقاف المصرية وهو صندوق الوقف الخيري بالإضافة للعديد من التعديلات على قانون الأوقاف المصرية عام 2020.
للتحايل على الأزهر.. صندوق بديل لهيئة الأوقاف المصرية
في 7 سبتمبر 2021 صدّق السيسي على قانون إنشاء صندوق الوقف الخيري والذي أقره مجلس النواب في 28 يونيو 2021، حيث يهدف هذا الصندوق إلى تسهيل إجراءات الاستيلاء على أموال الوقف، وتوجيهها لصالح إقامة المشروعات الخدمية والتنموية التي يروج لها النظام وتحت ذريعة معاونة النظام الحاكم في ملف التطوير.
وينص القانون على أن صندوق الوقف الخيري تكون له شخصية اعتبارية ويتبع رئيس الوزراء لدعم الأجهزة الحكومية في إقامة وتطوير المشروعات الخدمية والتنموية والبنية التحتية، وغيرها من المشروعات الاجتماعية والاقتصادية التي تُساهم في دعم الموقف الاجتماعي والاقتصادي للدولة، ولوزير الأوقاف سلطة التصرف في أموال صندوق الوقف، بما يتضمنه من أموال صناديق النذور، وإعمار المساجد، وتوجيهها لصالح مشروعات التطوير في الدولة.
بهذا، أصدر السيسي قانوناً لإعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية في نهاية عام 2020، بغرض تقنين إجراءات بيع الوقف بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، تحت مزاعم تشجيع نظام الوقف وضمان استقلاله وإدارته على نحو يعظّم الاستفادة منه، ويحظى استثمار عوائد أموال الوقف باهتمام بالغ من السيسي، ولا سيما أنه يعول عليها في تمويل بعض المشروعات الكبرى التي يتبناها.
لذلك نكتشف أن كلمة السر في الإبقاء على وزير الأوقاف الحالي في منصبه هو تنفيذ مخططات النظام تجاه الأوقاف المصرية رغم تورطه في العديد من قضايا الفساد المالي، حيث يشغل وزير الأوقاف المنصب منذ يوليو 2013 كأقدم أعضاء الحكومة.
حجم ثروة الأوقاف المصرية
لقد كانت الأوقاف الإسلامية في مصر من أهم مؤسسات التكافل الاجتماعي حيث كان لها نصيب الأسد في تطوير العلوم والمعارف وتكفلت بحل العديد من الأزمات الاقتصادية والتي من الصعب حلها بدون الأوقاف.
وزارة الأوقاف المصرية تمتلك ثروة وقفية ضخمة، لكنها تعاني من تراكمات تاريخية سيئة أدخلت ثلثي الوقف في حالة تنازع وتعدٍّ بالإضافة لتغول العديد من الحكومات على أملاك الأوقاف من خلال بيعها أو تخصيصها بحق الانتفاع لمجموعة من المستثمرين.
وكانت قد أعلنت الهيئة العامة للأوقاف رسمياً الانتهاء من توثيق وتسجيل ممتلكاتها في أطلس من 92 مجلداً! تضم 256 ألف فدان زراعي، يضاف إليها 120 ألف وحدة عقارية متنوعة ما بين سكني وإداري واستثماري، قدرت قيمتها رسمياً بتريليون و37 مليار جنيه، بالإضافة إلى أن ساحات المحاكم تشهد العديد من النزاعات حول قطع وقفية ضخمة تتعدى ضعفي الموثق ومنه قطعة وقف مصطفى عبد المنان بمساحة 420 ألف فدان بطول محافظات الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ، بالإضافة إلى مصايف رأس البر وجمصة وبلطيم، وميناء دمياط والمدن البينية، ويضاف إليه وقف سيدي سالم الأشعري، ووقف الروبي بمساحات ضخمة تقل عن الوقف الأول!
وتمتد عرضاً في الساحل الشمالي ومنها 55 ألف فدان في محافظة كفر الشيخ، بالإضافة إلى القصور والممتلكات الخديوية وأهمها سوق العتبة والميدان وشارع العتبة والأزهر ومنطقة الأزهر وشارع عبد العزيز، والغورية ومنطقة فاطمة النبوية وسوق السلاح والخيامية ووكالة الحج والكسوة "رضوان بك" وقصور الأمير محمد علي والملك فؤاد بكفر الشيخ، والمنطقة الأثرية بالمسلة، وقصور متعددة وأسبلة وأثريات ومساجد أثرية، ووقفيات كل من علي باشا شعراوي وسعد زغلول وعبد العزيز باشا فهمي… إلخ.
وفي خارج مصر تمتلك ما يقارب من 15 أثراً ومنشآت في جزيرتي تاثيوس وكيفالا باليونان.
كما توجد أصول أخرى ثابتة وأوراق مالية وأسهم وسندات، حيث تتعدى الملكيات والشركات بما يزيد على 20 شركة ومصنعاً وبنكاً ووحدات عقارية وإنتاجية أشهرها أسهم بنك فيصل الإسلامي، والمجموعة الوطنية لاستثمارات الأوقاف، ومصنع سجاد دمنهور.
في نوفمبر 2018 أعلن سيد محروس، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، أن إجمالي أملاك الهيئة تبلغ تريليوناً و37 ملياراً و370 مليوناً و78 ألف جنيه، بعد حصر حكومي للأملاك قال إنه تم لأول مرة في تاريخ مصر.
وأعلن وزير الأوقاف في أبريل عام 2019 عن إعداد أطلس جامع لممتلكات هيئة الأوقاف المصرية يضم 92 مجلداً قام بتوثيقه 100 شخص، حيث كلف الدولة نحو 44 مليون جنيه مصري.
وجاء تفصيل ثروة الأوقاف المصرية كالآتي: مساحة الأطيان الزراعية للهيئة تبلغ 390 بقيمة تقديرية تبلغ 759 ملياراً و181 مليون جنيه، وهناك أطلس خاص بأراضي الأوقاف وبلغت مساحة الأملاك من مبانٍ وعقارات مملوكة للهيئة 7 ملايين و391 متراً مسطح وبلغت قيمتها التقديرية 136 ملياراً و824 مليوناً و95 ألف جنيه، بينما بلغت مساحة الأرض الفضاء المملوكة للأوقاف 9 ملايين و714 ألف متر بقيمة 141 ملياراً و364 مليون جنيه، وبذلك تتخطى أملاك الهيئة تريليون جنيه.
وفي تصريح آخر لمدير الشؤون المالية لهيئة الأوقاف المصرية عام 2018، إن إيرادات الهيئة في العام المالي 2017/ 2018 بلغت ملياراً و210 ملايين و55 ألف جنيه منها 450 مليون جنيه إيرادات أطيان زراعية و400 مليون جنيه إيرادات إيجار أرض فضاء ومساكن ووحدات، وهناك استثمارات أوراق مالية أخرى بـ550 مليون جنيه.
ممتلكات الأوقاف المصرية في الخارج بين الإهمال والتنازل
خضعت جزيرة "خيوس" للحكم العثماني في منتصف القرن التاسع عشر، وحاول بعض المتمردين اليونانيين الاستيلاء على الجزيرة فاستعان السلطان العثماني آنذاك بوالي مصر "محمد علي باشا" للقضاء على هذا التمرد فيما عرف تاريخياً باسم "حرب المورة".
وبالفعل أرسل محمد علي قوة جرارة من الجيش المصري بقيادة "إبراهيم باشا" ساهمت في وأد هذا التمرد، فمنح السلطان العثماني لوالي مصر حكم جزيرة "خيوس" بجانب حكم مصر بفرمان رسمي، وذلك عام 1824 لتصبح الجزيرة مصرية لكن وفق اتفاقية لندن عام 1840 سحب السلطان الجزيرة من والي مصر لكن محمد علي كان قد أقام المسجد العثماني القديم فوق الجزيرة، وقلعة محمد علي، بالإضافة لعدد من قطع الأراضي الزراعية، والمباني تتجاوز مساحتها 70 ألف متر مربع.
وفي العصر الحديث تحولت ملكية هذه المعالم إلى وزارة الأوقاف المصرية التي أجرتها إلى اليونان عام 1997 مقابل مليون دولار سنوياً، إلا أن هذا المبلغ توقف عن السداد مع بداية عام 2015، حيث رفضت الحكومة اليونانية، سداد مبلغ مليون دولار قيمة إيجارها من وزارة الأوقاف المصرية طبقاً للعقد المبرم بين الحكومتين سنة 1997.
أملاك الأوقاف المصرية في السعودية
في نهاية عام 2017 أثيرت حالة من اللغط حول قيام المملكة العربية السعودية بتوسعة الحرم المكي على قطع من الأراضي مملوكة للأوقاف المصرية بدون إذنها، ما فتح الباب للحديث عن أملاك الأوقاف المصرية في السعودية حيث نشر موقع وصحيفة "المال" المصرية أن بعض الأملاك التي دخلت ضمن توسعات الحرم المكي، تمت تسوية ملكيتها لصالح مصر فعلياً، وقامت الحكومة السعودية بإيداع تعويض مادي عنها في أحد بنوكها.
والجدير بالذكر أن وزارة الأوقاف، لديها أصول في المملكة العربية السعودية، منها أراضٍ ضمن توسعات الحرم المكي، تعود إلى وقف "باكير أغا الخربوطلي" الذي كان والياً مصرياً على مكة، واشترى 20 ألف متر مربع في حي "المسفلة" بمكة المكرمة، كما تمتلك مصر وقف كل من "آل جلبي"، و"صالح باشا فريد وزوجته"، و"محمد جلبى الخروطلي"، و"إبراهيم بك الكبير" ومساحته حوالي 20 ألف متر مربع، و"تكية الأغوات"، و"زين الدين القاضي"، و"عمر مستحفظان" في منطقة جبل عمر في مكة المكرمة، وقامت المملكة السعودية بتسوية الجبل بالأرض من أجل إجراء توسعات في الحرم المكي.
وهناك عدة أوقاف أخرى تخص ورثة عائشة هانم، صديقة حرم صالح باشا فريد، بالمدينة المنورة، وتمتلك نحو 25 فداناً بمنطقة كامل العنبرية، وقامت الحكومة السعودية بشراء بعض الممتلكات المصرية بقيمة 200 مليون ريال، بالإضافة إلى عدة أوقاف أخرى تخص ورثة الواقفين من الأشراف المصريين، وأيضاً وقف تكية الأتراك والأغاوات بمكة المكرمة، والمدينة المنورة، والذي يمتلكه مجموعة من المصريين، مثل خليل أغا وعثمان أغا وغيرهما.
الأوقاف المصرية عائمة في مستنقع من الفساد
يقول أمير الساخرين جلال عامر: "شبكة الفساد في هذه البلاد، أكبر من شبكة الصرف الصحي"، هكذا عمم عامر في وصف الفساد في مصر، لكن جاء من بعده عبد الناصر سلامة فخصص حينما كتب مقاله الساخر "للبيع: من مصر حتى اليونان"، واصفاً الفساد المستشري داخل وزارة الأوقاف المصرية، التي طرحت أراضي الأوقاف المصري في 22 محافظة للبيع في المزادات العلنية لبيع أراضٍ متعددة ومحال تجارية ووحدات سكنية وجراجات.
ولو خضنا في ملفات الفساد الخاصة بوزير الأوقاف الحالي محمد مختار جمعة فهي كفيلة بإيضاح مستنقع الفساد داخل الوزارة، حيث إن اسمه وحده متورط في العديد من وقائع الفساد المالي، مثل تورطه في قضية رشوة وزير الزراعة السابق صلاح هلال، بحسب تهم قانونية رسمية.
كما كشفت تحقيقات للنيابة الإدارية في مصر عن استيلاء جمعة على نحو 772 ألف جنيه من أموال الوقف الإسلامي، وتجهيز شقة فاخرة مملوكة له في حي المنيل على نيل بالقاهرة.
فضلاً على اتهماه بالتورط في فضيحة "صكوك الأضحية" عام 2016، التي اتهمت وزارة الأوقاف بالحصول بموجبها على ملايين الجنيهات من المواطنين مقابل ذبح الأضاحي، واشترت بدلاً منها لحوماً مجمدة لا تتجاوز صلاحيتها خمسة أيام.
كما تمت إحالة الرئيس السابق للقطاع الديني والرجل الثاني في وزارة الأوقاف، بتهمة التزوير في أوراق رسمية بغرض التربح غير المشروع.
كما صدر تقرير لوزارة المالية، أغسطس 2015، يكشف عن صفقات تحت الطاولة تدار من قبل مسؤولين في الأوقاف، حيث أوضح التقرير إهدار وزير الأوقاف للمال العام بالوزارة فيما يخص ريع الأوقاف، وحسابات صناديق النذور، وحساب اللجنة العليا للخدمات الإسلامية والاجتماعية من دور المناسبات والعبادات على مستوى الجمهورية، إضافة إلى قيام الوزير بضم عمالة وهمية، وصرف مرتبات وأجور لهم وهم غير مدرجين بأي كشوف أو صادر لهم قرار تعيين.
كما رصدت وحدة التحليل الإحصائي بالنيابة الإدارية وقائع الفساد في وزارة الأوقاف بواقع 1895 قضية.
وفي 23 أغسطس 2015 كشف تقرير الإدارة المركزية للتفتيش المالي التابع لوزارة المالية أن مختار جمعة قام بإرسال زوجته ونجله لأداء مناسك الحج على نفقة الوزارة الخاصة في مخالفة للقانون.
وعلى الرغم من أن ما أوردناه في المقال، الموثق بمستندات رسمية يسهل الرجوع إليها، وقضايا عُرفت إعلامياً في حينها، قد يكون مفاجئاً جداً للكثيرين، فما ذكر جزء يسير من كواليس الفساد داخل وزارة الأوقاف المصرية الذي تعوم على مستنقع من الفساد ورغم الفساد المستشري فيها من إهمال وتبديد وتنازل عن الأوقاف للدول الأجنبية إلا أن الوزارة تمتلك أكثر من تريليون جنيه، ولذلك ما زال الطمع في هذه الثروة الضخمة تثير لعاب المسؤولين في مصر لتبديدها في مشاريع وهمية لا تُسمن ولا تغني من جوع، وفي ظل معاناة المصريين وصرخاتهم اليومية من ضيق الحال وكثرة السؤال ولكن لا مجيب رغم تلك الثروة الهائلة التي أوقفها أهل الخير لخدمة المصريين.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.