“أبيع بلدي لأول مشترٍ آتٍ”.. لماذا تبيع الدولة المصرية أصولها التي لا تقدر بثمن؟

عدد القراءات
2,733
عربي بوست
تم النشر: 2022/04/23 الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/23 الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش
السيسي وبيع أصول الدولة المصرية/ عربي بوست

الشروع في بيع أصول الدولة المصرية والإعلان عنه ومحاولة تبريره وكالعادة، هو إعلان صريح وواضح من قبل النظام للعالم بإشهار إفلاس الدولة المصرية.

وكأنها دعوة للإقبال على المزاد العلني الذي فتحوا أبوابه لهم ولمن يرغب في شراء أصول الدولة وبأي ثمن، وكأنهم على عجلة من أمرهم للوصول لتحقيق الهدف الذي وثبوا على الحكم من أجله، وكأنهم يتسابقون لتنفيذ المشروع الذي كُلِّفُوا به وحملوه على عاتقهم طيلة الوقت ودون أي شيء آخر.

نعم..

تعتبر بمثابة دعوة لفتح باب المزاد للرأسمالية العالمية المهيمنة على العالم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، والتي تمتلك معظم ثروات العالم ومنها البنك الدولي والمانحة للقروض المشروطة لمصر وصاحبة المشروع الذي يراد تنفيذه في البلاد والمخطط له من أيام مبارك، على شراء أصول الدولة المصرية.

نعم كان مخططاً لتنفيذه إبان حكم نظام مبارك والذي شرع في تنفيذه على استحياء وليس بأسلوب فج وكما يحدث اليوم، فلا يوجد فرق بين الأمس واليوم، سوى في مدى سرعة التنفيذ، فهما يعدان بمثابة امتداد لبعضهما البعض.

فقد أعلن آنذاك وزير الاستثمار محمود محيي الدين ونائب رئيس الحزب الوطني الديمقراطي جمال مبارك في العاشر نوفمبر/تشرين الثاني، عن اقتراح لتطبيق نظام "الخصخصة بالقسائم" أي عن طريق توزيع أسهم مجانية على المواطنين في 86 شركة عامة من أصل 153 شركة من المزمع خصخصتها. بموجب الخطة المقترحة، توزّع الحكومة أسهماً على نحو 40 مليون مصري في الواحد والعشرين من العمر وما فوق:

فقد بدأت الخصخصة وبيع الشركات الناجحة إبان حكم مبارك والتي آلت ملكيتها لأجانب وبطريقة غير مباشرة وعبر رجال أعمال مصريين لهم ارتباطات عمل مع رجال أعمال أجانب وعن طريق اتفاقية الكويز آنذاك والتي وفرت الغطاء القانوني والشرعي لها، وفتحت الباب للتعاون الإسرائيلي الأمريكي المصري والتي كان مهندسها الأستاذ جمال مبارك.

ثم أتى النظام الحاكم الحالي ليكمل تنفيذ المشروع والذي بدأ به النظام السابق، ولكن بشكل أكبر، وبأسلوب فج وصريح وبخطى متسارعة.

فقد بدأوا بالجزيرتين (تيران وصنافير) ثم التفريط في النيل (سد النهضة)، ثم بيع الآثار ثم تجريف مناطق بأكملها في سيناء بعد تهجير سكانها بالكامل قسراً وتدمير منازلهم والتي بدأت تمهد الطريق لتفريغ مناطق بالكامل مهمة في سيناء من سكانها المصريين، وليس هذا فحسب، بل قاموا بإنشاء نقاط تفتيش على مداخل سيناء تمنع عبور المصريين إليها إلا بتصاريح وكأن المرء يعبر حدوداً جمركية بين دولتين. كل ذلك من أجل تمهيد الطريق وفتح الباب لبيعها في المزاد لملاكها الجدد.

ساعد على الشروع في بيع أصول الدولة المصرية منذ عقود وحتى الآن، وسواء كان بالبيع أو حق الانتفاع أو الرهن. العوامل التالية:

• الأسلوب العقيم الفاشل في إدارة البلاد من أيام عبد الناصر حتى الآن (لأنهم جميعاً تخرجوا في مدرسة واحدة، تعلموا نفس المنهج ويحملون نفس الفكر (ما عدا فترة حكم الرئيس الراحل السادات وأيضاً الرئيس الراحل محمد مرسي).

• انتشار الفساد ورعايته كثقافة في الدولة.

• هيمنة مراكز القوى في الدولة المصرية وبعض رجال الأعمال على القرار السياسي في الدولة، وعلى مؤسسات الدولة وخصوصاً المؤسسة التشريعية.

• تقييد الحريات وزيادة القبضة البوليسية والعصف بالحقوق، لفتح الباب لسرقة المال العام وتجريف مقدرات البلاد، في ظل غياب رقابي تام على السلطة التنفيذية وعلى المال العام.

• التبعية المطلقة للخارج ومحاولة تنفيذ مشاريعهم في مصر، لكسب تأييدهم وإضفاء شرعية على حكمهم وزيادة قبضتهم على السلطة وعلى حساب الإرادة الشرعية.

• هدم العنصر البشري ثقافياً واجتماعياً وصحياً وسلوكياً ودينياً، بجانب الزج بالكثير منهم في المعتقلات والتضييق على آخرين ومطاردتهم، وذلك من أجل تسهيل السيطرة على السلطة.

• فقدانهم للكفاءة والقدرات لإدارة دولة كبيرة بحجم مصر.

• الهيمنة على مؤسسات الدولة وتسييس القضاء والشرطة والجيش.

كل ذلك أدى إلى تجريف الدولة وضعفها وهدم اقتصادها وإغراقها في الديون حتى أوصلوها إلى مرحلة إشهار إفلاسها والشروع في بيع أصولها الثابتة.

فلا أدري!

متى نعي الكارثة التي نمر بها ونحاول تغيير المسار بعد القيام بإجراءات إصلاحية جذرية شاملة وتعزيز قدراتنا، وعلى رأسها تغيير منظومة الحكم الحالي والذي امتد لسبعة عقود، وتأسيس نظام حكم مدني ديمقراطي جديد، يصون الحريات ويحقق العدل والمساواة في البلاد ويقضي على الفساد؟

ومتى يستشعر عناصر نظام الحكم الحالي الحرج ويعترفون بالفشل في إدارة البلاد، والذين تسببوا في دفع الدولة إلى هذا المنحدر المظلم الخطير، ويتنحى رأس النظام عن الحكم وعن إدارة البلاد وينهي تحكمه في مفاصل الدولة!؟

أسئلة أتمنى أن تجد آذاناً صاغية!

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

يسري عبدالعزيز
كاتب مقيم في ألمانيا
كاتب ومهندس مصري مقيم في ألمانيا
تحميل المزيد